المغرب - الرباط

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

يرصد موقع (إرفع صوتك) ستّ معلومات عن الشيعة المغاربة استقاها من مواطنين في مدينة الرباط.

- امتداد تاريخي

بين قائل إنّ تاريخ الوجود الشيعي بالمغرب يعود إلى عصر الدولة الإدريسية، بحجة أن المولى إدريس ناصر الإمام علي ودعم مطالب أحقيته في الخلافة، ورافض لهذه الفكرة يقول إنّ باني الدولة الإدريسية بالمغرب لم يكن شيعيا بل اعتمد المذهب السنّي في قضاء الدولة الادريسية كما أنه حارب فكر الروافض، لا وجود لوقائع ثابتة.

ويربط آخرون الانتشار الفعلي للتشيع بالمغرب بعهد الدولة الفاطمية خلال القرن الثاني والثالث الهجري إلى أن تم تأسيس دولة المرابطين التي حاربت الشيعة ونشرت المذهب السني المالكي بالمغرب، الذي لا يزال معتمدا إلى اليوم.

- شيعة بـ"التقية"

مضايقات السلطات، إضافة إلى منعهم من تأسيس الجمعيات ومتابعة بعض الناشطين الشيعة أمام القضاء، أمور تجبر معتنقي المذهب الشيعي بالمغرب على التواري وممارسة شعائرهم بشكل سري، أو ما يصطلح عليه بـ"التقية".

"الشيعة المغاربة لديهم ارتباطات بالخارج" و"يخدمون أجندة معادية للمغرب".. هذه تهم توجه لمعتنقي المذهب الشيعي في المغرب من طرف المغاربة الرافضين لوجود الشيعة في المغرب، وهو ما ينفيه هؤلاء ويؤكدون على أنهم مغاربة وطنيون يخدمون بلادهم دون كلل.

وكانت السلطات المغربية قد اعتقلت الناشط الشيعي عبدو الشكراني، في شهر أيار/مايو 2016، مباشرة بعد إعلان الشيعة المغاربة عزمهم الاشتغال بشكل رسمي في إطار جمعية تحمل اسم "رساليون تقدميون". غير أن السلطات رفضت منحهم الترخيص القانوني، وهو ما اعتبروه تمييزا ضدهم على أساس مذهبي وطائفي.

- عددهم في تزايد

رغم غياب إحصائيات رسمية بخصوص العدد الحقيقي للمغاربة المعتنقين للمذهب الشيعي، إلا أن تقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية أشار إلى أن أعدادهم في تزايد، حيث كان عددهم يتراوح حسب تقرير سنة 2014 ما بين 3000-8000 شيعي، فيما تجاوز هذا الرقم حاجز 10 آلاف حسب تقرير سنة 2015.

وبحسب التقرير، ينتشر أغلبهم شمال المغرب وفي الحواضر الكبرى كالدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش والرباط، ومنهم من قدم من بلدان عربية كالعراق ولبنان وسورية. غير أنهم لا يتوفرون على مساجد خاصة بهم.

- أقلية مقموعة

يقول عصام الحسني، المتحدث باسم (الخط الرسالي بالمغرب) وهي مؤسسة للنشر والدراسات، إن شيعة المغرب "أقلية مقموعة، ينزوون في أركان بيوتهم خوفا من الاعتقال، ويقيمون مجالسهم في البيوت بسرية، كما أنهم ممنوعون من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية"، في إشارة إلى منعهم من تأسيس جمعية "رساليون تقدميون".

وقد أسّس شيعة مغاربة (الخط الرسالي) كمؤسسة بعد أن رفضت السلطات السماح بتأسيسها كجمعية في المغرب. وخرجت مؤسسة الخط الرسالي للوجود سنة 2013 إلا أنها لم تحصل على الاعتماد القانوني إلا في سنة 2015 بعد صراع مع الدولة، حيث منحتها صفة تجارية عوض جمعية مدنية.

ويضيف الحسني لموقع (إرفع صوتك) أن "الدولة لا تعترف بالشيعة المغاربة، بحجة أن وظيفتها هي تكريس وحدة المذهب السني المالكي".

- مجلس إثني عشري

لا ينحصر انتشار المنتسبين للمذهب الشيعي بالمغرب في مكان واحد. فحسب عبد الله الحمزاوي، باحث في العلوم السياسية ومسؤول في مؤسسة (الخط الرسالي)، ينتشر شيعة المغرب في الجهات الإثني عشر للمغرب حسب التقسيم الجهوي الجديد، ما يعني أنهم موزعون في كل المدن المغربية، ويتسم عملهم وإن كان سريا بالتنسيق المحكم والدقيق، إضافة إلى العمل من أجل الاعتراف بحرية المعتقد.

ويضيف الحمزاوي لموقع (إرفع صوتك) أن شيعة المغرب باختلاف توجهاتهم يلتئمون في مجلس "إثني عشري"، وهو مجلس سري يضم ممثلين عن الشيعة في كافة جهات المغرب، يعملون على الدفاع عن قضاياهم وإثبات وجودهم إلى جانب مكونات المجتمع المغربي ذي الغالبية السنية.

- صراع الدولة والتشيع

اتّسمت علاقة المغرب بالشيعة بالتوتر منذ القدم، وخاصة بعد الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، حيث بدأ المغرب يتعامل بحذر شديد مع قضية التشيع وغلق منافذ انتشاره بالبلاد. وبدا ذلك واضحا خلال حل حزب البديل الحضاري سنة 2008 بعد اتهامه بضم أشخاص يعتنقون المذهب الشيعي، فيما كان المبرر تورط زعيم الحزب في خلية إرهابية.

استمرت نظرة الريبة التي تنظر بها الدولة المغربية للشيعة، بسحب ترخيص قناة المنار الشيعية ومنعها من العمل في المغرب، ثم توتر العلاقات بين المغرب وإيران عام 2009 على خلفية إعلان المغرب دعمه لمملكة البحرين بعد التصريحات الإيرانية التي اعتبرت مملكة البحرين مقاطعة تابعة لإيران، وما تلى ذلك من سحب للسفراء وتجميد للعلاقات.

كما أغلقت الحكومة المغربية عام 2009 المدرسة العراقية التكميلية، وهي مدرسة مبتعثة من العراق إلى المغرب، وعلّلت قرارها بكون المناهج الدراسية التي تعتمدها المؤسسة مخالفة للنظام الأساسي المعتمد في المغرب، فيما اعتبر مراقبون أن السبب الرئيسي للإغلاق هو تخوف الدولة من نشر التشيع داخل أسوار المدرسة.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن السلطات المغربية أصبحت تغض طرفها على أنشطة الشيعة المغاربة، يتجلى ذلك في موافقتها على السماح لهم بإنشاء موقع الخط الرسالي، ومؤسسة الخط الرسالي للدراسات والنشر، شريطة احترام المذهب السني المالكي وعدم استخدام الدين كقاعدة للعمل السياسي أو المدني.

*الصورة: أغلقت الحكومة المغربية عام 2009 المدرسة العراقية التكميلية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".