بقلم علي قيس:
ماذا جنى العراقيون سنة وشيعة من داعش؟ هذا السؤال يضع الجميع أمام مشهد واضح المعالم: عدو مشترك دفع الجميع ضريبته. وقد يكون هذا السؤال دافعا لوضع خريطة طريق أمثل نحو عمل سياسي وأمني منظم.
يقول الصحافي والكاتب حميد قاسم إن "السياسيين الفاسدين يجب أن يحاكموا كخطوة أولى إذا أردنا أن نقضي على الإرهاب، فهم من صنعوا هذا التنظيم المتطرف بفسادهم"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّه على الحكومة تسليم كل ملفات الفساد إلى القضاء ومحاسبة كل رموز الفساد. "من دون هذا لن ينتهي الإرهاب، لأن الفساد هو الحاضنة الخصبة للإرهاب".
ويشدّد على ضرورة أن يكون هناك عمل جدي وحقيقي ونظام جديد بمسيرة طويلة تبدأ من مناهج وزارة التربية على أن يكون عملها متزامن ومتلازم مع وزارات أخرى مثل الشباب والثقافة من أجل تنقية مناهجها وبث ثقافة رفض العنف وقبول الآخر".
ويرى قاسم ضرورة حذف النظام السياسي بصورته الحالية المعتمدة على المحاصصة وإحلال العملية السياسية القائمة على أساس النجاح وطرح طبقة سياسية جديدة تبتعد عن المحاصصة، مضيفا "لا نعدم وجود أناس مخلصين يضعون نصب أعينهم مصلحة العراق في الطبقة السياسية، وهذه هي مسؤولية المجتمع".
ويتوقع الصحافي حميد قاسم جملة معوقات ستواجه إرادة التغيير، يوضحها بقوله "اليوم هناك حيتان فساد تخوض معركة شرسة دفعت بأعداد كبيرة من البسطاء والمخدوعين إلى أن يكونوا قرابين على مذبح غنائمهم وشهواتهم الفاسدة، وهؤلاء لن يقبلوا بمرحلة جديدة".
لكن إرداة التغيير تبقى قائمة يقول قاسم، مضيفا أنّ وجود المئات من الفاسدين لا يعني أنهم قادرون على منع إرادة الشعب لذلك ينبغي البحث عن حلول عملية لمواجهتهم.
التعايش السلمي لا يكون بوثائق سياسية
"اليوم الذي يلي النصر على داعش يجب أن يكون يوم المصالحة الوطنية المجتمعية الجادة لتحقيق العدالة الانتقالية ويوم للحوار وتشخيص الفكر المتطرف ومعرفة أسبابه وعلاجها"، هكذا يوضح الخبير الاستراتيجي في شؤون الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي، مرحلة ما بعد القضاء على داعش.
ويضف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "بغير هذه المعاني الثلاثة أعتقد كل ما بذل من دماء وتضحيات في مكافحة التنظيم المتطرف سيذهب سدى لأنه قد يتكرر تنظيم متطرف آخر يتبع داعش أو قد يطور داعش نفسه إلى تنظيم جديد أكثر حرصا في أمنياته وأشد فتكا بالمواطن والبنى التحتية".
ويتابع الهاشمي "خير ما يمكن أن تسعى إليه الحكومة هي برامج للتعايش تسبقها برامج للمصارحة بين مكونات الشعب ثم الانتقال إلى تعايش سلمي حقيقي".
ويردف أن "التعايش السلمي لا يكون بوثائق سياسية التي غالبا ما تكون دعايات انتخابية، التعايش هو قرار اجتماعي تقبله الحكومة"، معتبرا أن "القرار الاجتماعي" هو من مسؤولية منظمات المجتمع المدني والكتاب والمثقفين والفنانين والإعلاميين.
التفكير السليم في المستقبل
من الناحية السياسية فإن الدعوة الآن للاتفاق السياسي قبل التحرير دعوة غير بريئة، هذا ما يراه عميد كلية العلوم في جامعة النهرين عامر الفياض، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّ "الأولوية الآن يجب أن تكون لموضوعة تخليص أبناء تلك المناطق من شر هو ليس محلياً بل عالمي متمثلا بالإرهاب".
ويشير الفياض إلى أن "التخطيط في كيفية إعادة النازحين وإعمار المناطق المحررة وتأهيلها هذه إرادة في داخلها وفي مظهرها الخارجي ستكون بريئة"، مضيفا "لكن تخطيط السياسيين بكيفية إدارة تلك المناطق سياسيا هو مطلب غير بريء لأن الإدارة السياسية حددت بعد إعلان الدستور في عام 2005 على أن تتم وفق انتخابات مخرجاتها هي أبناء المنطقة".
ويؤكد عميد كلية العلوم السياسية "من غير الممكن التفكير الآن في موضوعة كيف نتحاصص، فالتفكير السليم يجب أن يصب في المستقبل الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والتعليمي لتلك المناطق".
*الصورة: تقدم القوات العراقية نحو مركز مدينة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659