بقلم خالد الغالي:

منذ سنوات عدة، لم يعد أي صوت يعلو في منطقة الشرق الأوسط على صوت الطائفية السنّية الشيعية. غير أن حدة الشحن الطائفي ارتفعت أكثر بسبب الظروف الاستثنائية التي يشهدها كل من العراق وسورية والبحرين واليمن، وتبادل الاتهامات بين الطرفين حول التسبب فيها.

لكن هذا لم يمنع من ارتفاع أصوات معتدلة تنبذ الطائفية من الجانبين. هذه بعض دعاوى وأقوال علماء دين من السنة والشيعة تدعو إلى التقارب والحوار.

هاني فحص (شيعي): عندما يفهم الشيعة والسنة بعضهم نكون صنعنا سلاما.

"الشيعي الذي يجهل السنّي، هو جاهل بالشيعي؛ لأن الشيعي لم يتكوَن خارج التاريخ. تكوَن بهذه الحركات؛ المنافسة، الاختلاف مع السنّي. نحن كوّنا بعضنا. لما اقرأ نفسي خارج التكوين العام، أنا لا أقرأ شيئا. أنا لا أريد أن أذهب إلى السنّي لأجل السنّي، أنا أناني، أنا أريد أن أذهب إلى السنّي، حتى أفهم موقعي الشيعي، ودوري الشيعي، وشرطي الشيعي. وعندما أفهم شرطي الشيعي يرتاح السنّي. نكون قد صنعنا سلامنا".

من حوار مع مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

حسن فرحان المالكي (سنّي): أؤيد حرية التمذهب والسنة والشيعة مسلمون

"أؤيد حرية التمذهب بعلم وبحث وإنصاف، ولا أرى المذهبية، لكنني بالضرورة سنّي المولد والنشأة والتعليم والمصادر. وأرفض منهج اللعن والتكفير والاتهام بالنفاق، إلا في حدود ضيقة جداً وبعد عرض البراهين، فكل السنة والشيعة مسلمون، وأرفض بشدة استحلال الدماء وحروب الفتن بين السنة والشيعة، وأدين كل من قتل مسالما أو أفتى باستباحة دم المسالم المخالف أو إهدار حق من حقوقه سواء كان مسلما أو غير مسلم".

من الموقع الرسمي لحسن المالكي

حسن الصفار(شيعي): يجب عقد "لقاءات تاريخية" بين المرجعيات السنّية والشيعة

أورد الموقع الرسمي للداعية الشيعي السعودي حسن الصفار تلخيصا لدرس ألقاه، في شباط/فبراير 2016، في أحد مساجد القطيف شرق السعودية. وجاء في الموقع "تمنى سماحة الشيخ حسن الصفار على كبار مراجع المسلمين السنة والشيعة والزعماء الدينيين في الطائفتين عقد لقاءات تاريخية بعد 1000 سنة من الخلاف العقدي بين الطرفين. وتعليقا على عقد رأسي الكنيسة الأرثودوكسية والكنيسة الكاثوليكية لقاء تاريخيا قبل أيام بعد خلاف مستحكم بينهما دام نحو 1000 سنة، تمنى الشيخ الصفار على كبار مراجع المسلمين السنة والشيعة عقد ’لقاءات تاريخية‘ مشابهة. ودعا سماحته الزعماء المسلمين إلى أخذ الدروس من لقاء الكنيسيتين المسيحيتين التي تمثل إحداهما الأكثرية بتعداد فاق المليار و200 مليون كاثوليكي، فيما لا يتجاوز تعداد الأخرى 250 مليون أرثوذوكسي".

من الموقع الرسمي لحسن الصفار

عدنان إبراهيم (سنّي): نعم للطوائف لا للطائفية

"ليس معنى أنني سنّي أنني بالضرورة عدو لأهل البيت٬ فمعظم أهل السنة على الإطلاق محبون وعاشقون إلى حد الوله لأهل البيت عليهم السلام.. إلى وقت قريب جدا، كان يعتصم الشيعي بأخيه السنّي والعكس٬ وربما بعض الشهود لا يزالون أحياء الآن.. وشاهدوا وعايشوا وسمعوا ورأوا كيف يعتصم الشيعي بأخيه السنّي وكيف يلوذ السنّي بأخيه الشيعي ليسيرا جميعاً في طريق واحد.. الطوائف هي أجمل ما في الشرق.. ولسنا ضد الطوائف لأننا نحن نحب استبقاء هذه الطوائف٬ ولكن نحن ضد الطائفية.. فأول ما ينبغي أن نضحي به هو الطائفية٬ فإن لم نضح بطائفيتنا سنظل في التيه ولن نرى نورا في آخر النفق أبدا، ولكن كيف هذا؟ قد يقول لي أحدكم كيف نُضحي الطائفية وتبقى الطوائف؟ يمكن هذا طبعا. فتبقى الطوائف لأن الطوائف دائماً متعايشة٬ والطوائف لا تعني بالضرورة – لا تعني بالمرة – الطائفية".

من الموقع الرسمي لعدنان إبراهيم

 حسين إسماعيل الصدر (شيعي): التعدد المذهبي يغني الفكر الإسلامي

"التعدد المذهبي يزيد جمال الصورة ويغني الفكر الاسلامي، وعندما تكون الصورة من لون واحد تكون باهتة، وعندما تكون من ألوان متعددة تكون جميلة، وهكذا تكون حالة التعدد المذهبي، الأمر الذي يتطلب أن ننسق بين الألوان ونجعلها في صورة رائعة، فإن التعدد المذهبي من أسباب بناء الفكر وتنضيج الفكر وليس من أسباب التباعد والخلاف أو التناحر والبغضاء".

صحيفة الشرق الأوسط، آذار/مارس 2006

علي الجفري (سنّي): ربط الكراهية بالاختلاف مرَض

"الخلاف الشرعي بين السنة والشيعة ثابت محقق، فبيننا والشيعة خلافات جوهرية، كما أن الخلاف العقدي بيننا والمسيحيين خلاف جوهري، وكذلك الحال مع العلمانية، فخلافنا الفكري معها حقيقي. غير أن ربط الكراهية بالاختلاف هو مرَض يتعلّق بضيق الأفق، وسطوة الهوى على النفوس، وظلمة القلوب؛ وهذه الكراهية تؤجج جحيم الصراع على البقاء و ’تَنازع البقاء يؤدي إلى الفناء‘، كما يقول شيخنا الإمام ابن بيّه، حيث تدور رحى معركةٍ المنتصرُ فيها مهزوم".

موقع علي الجفري

عائض القرني (سنّّي): عجبي من الشيعة والسنة كيف يتحمّسون للخصومة

"لا تحتاج الأمة الإسلامية إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات والمعارك، ففيها ما يكفيها، وليس من العقل ولا من الحكمة ولا من المنطق أن يستعدي السنة الشيعة، وأن يستعدي الشيعة السنة، فلن يزيدنا هذا العداء إلا تمزقا وهزيمة وإحباطا وقلة وذلة... لماذا لا يكون الحوار والتواصل والجدل بالتي هي أحسن والتعارف مكان التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق.. عجبي من أتباع الطائفتين كيف يتحمسون للخصومة والعداوة ويزرعون الكراهية في القلوب ويغرسون البغضاء في النفوس. لقد مرت بنا مئات الأعوام من السب والشتائم، فهل أصلحنا بذلك فساد ذات البين؟ وهل أنهينا بهذا المسلك الخلاف؟ وهل داوينا الجراح؟ بل والله زادنا وهنا على وهن، وخلافا على خلاف".

صحيفة الشرق الأوسط، كانون الثاني/يناير 2010

*الصورة: ارتفعت حدة الطائفية بالتوازي مع يجري في كل من العراق وسورية والبحرين واليمن/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".