الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
وصف المتحدث باسم "داعش" المدعو أبو محمد العدناني الذي قتل إثر غارة جوية استهدفت معاقل الإرهابيين في حلب، خلال شهر أغسطس/آب 2016، الشيعة بـ"شر من وطأ الثرى"، داعيا المنتمين لصفوف تنظيم داعش إلى قتلهم حيث وجدوا.
ويطمح الإرهابيون من قادة داعش "لزرع الفرقة بين أبناء الوطن الواحد من أجل تحقيق الالتفاف حول مقارباتهم التكفيرية في حق الأبرياء من المواطنين في العالم وفي العراق وسورية على وجه الخصوص"، يقول سي محمد أمغار مواطن جزائري، خلال حديثه مع موقع (إرفع صوتك).
ويرى محدّثنا أنه وبالرغم من أن عدد المنتسبين للمذهب الشيعي بالجزائر لا يرقى ليكوّن قوّة رأي بالمعنى السياسي للكلمة، لكن وجودهم ضمن فسيفساء المجتمع يفرض الاستماع لآرائهم في ضوء الأحداث الجارية بالجزائر والوطن العربي عموما.
"قد لا أتفق مع أخي، لكنني لا أرضى أن يعتدي عليه أحد بناء على اتفاق بيننا صوّره له خياله"، يؤكد سي محمد، مبديا قناعته بأن جميع المنتسبين لأهل السنّة يرفضون هذا الطرح "الذي لا يمكن أن يكون استمد مصداقيته من السنّة النبوية".
من جانبه، يرى سليم عقبي وهو طالب في كلية العلوم السياسية بالجزائر أن التنظيم الإرهابي لم ينجح في رهان حشد دعم السنّة لمعتقداته الشاذة والخارجة عن السنّة في حقيقة الأمر.
"لم ولن ينجح الإرهابيون في تحقيق التفاف السنّة حولهم بمجرد إعلانهم العداء للشيعة".
أين السنّة هنا؟
وأوضح الطالب في السنّة الثانية بشهادة الماجستير بقسم الإعلام أن هناك وعي في صفوف المنتمين لأهل السنّة بخصوص المسائل المرتبطة بالمذاهب.
"لا أرى للإرهابيين استطاعة في استمالة الشباب السنّي بل العكس، لأن نيران إرهابهم لم ترحم لا شيعيا ولا سنّيا بل حتى الأطفال أعدموا بأبشع الطرق كما نرى في العراق و سورية. أين السنّة هنا؟".
وتلفت مايا السلّيني وهي تونسية مقيمة بالجزائر، أن داعش تيقن لمصيره المحتوم وأن نهايته اقتربت فكريا و ميدانيا، وهو ما جعله أكثر عداءا من قبل. "يشعرون بنهايتهم، لذا يركزون غيظهم على الشيعة".
وترفض السلّيني ادعاء داعش انتماءه لما يعرف بأهل السنّة والجماعة، مؤكدة أنها و بحكم اطلاعها على حقيقة هذا التنظيم ومعرفتها بكتب أهل السنّة والجماعة وارتدائها الحجاب الشرعي، لا تجد في هذا التنظيم ما يمت بصلة للإسلام الصحيح الوسطي كما تركه النبي محمد.
"لم أر شيئا فيما يقوم به داعش، يمت بصلة للنبي محمد رسول السلام والمحبةّ، أنا مسلمة سُنيّة وهذا التنظيم لا يمثلني".
لا انتصار للعصبة!
فوزي ولموزي شاب في العشرينيات من عمره وجدناه يسقي بعض الشجيرات على أطراف مسجد الشراقة غربي العاصمة، فاجأنا بإجاباته السديدة لما سألناه عن إمكانية أن يكون داعش من أهل السنّة والجماعة.
"الإسلام لا ينتصر لعصبة بعينها، والنصح سبيل العقلاء، أما القتل والحكم بحد السيف فذلك سبيل الضعيف فكريا والعدو لنفسه".
ويقول الشاب الذي يترأس جمعية خيرية محلية تعنى بإعانة المعوزين من العائلات والأرامل والعاطلين عن العمل، لموقع (إرفع صوتك)، إنّ الإنسان بطبعه يميل لفعل الخير، ويقنع بالنصح أكثر من العنف.
"نحتاج لمن يشد على أيدينا للنهوض بأمتنا، لا لمن يعلمنا كيف نضغط على الزناد لنقتل بعضنا".
ويضيف فوزي برصانة ملفتة "أنا سنّي أرى أن الشيعة إخوان لنا بالرغم من أنني لا أتفق معهم في كثير من الأمور لكن ذلك لا يعطيني الحق في قتلهم.. أبدا".
ويراهن عمي منصور، صاحب الستين سنة، متقاعد عن سلك التعليم العالي قسم الشريعة، على رفض السنّة لما جاء به داعش.
"ليس لداعش ولأمثاله إلا الزوال، لا يمكن أن يحقق الإرهابيون انتصارات فكرية في أوساط السنّة لأننا متأكدون من تيههم وطغيان الشر في أنفسهم على الخير".
وبعين المتبصر بما يحدث في العراق وسورية وسائر الوطن العربي والعالم عموما على أيدي داعش، يرى أستاذ أصول الدين بجامعة الجزائر سابقا، أن مصير فكر داعش الزوال، لكنه ينصح بعدم ترك الشباب فريسة لهكذا أفكار .
"لا بد من التعلم من الظروف التي نعيشها، ليس لنا الحق أن نترك أبناءنا يتعلمون الكراهية على أيدي المتطرفين يجب تأطير تلقين الدين على أوسع نطاق. هذا هو الحل الوحيد إلى حين القضاء عليهم إن شاء الله".
*الصورة: منظر عام للعاصمة الجزائرعلى يمينه مقام الشهيد الذي يرمز للعاصمة/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659