المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
يجلس رشيد الملوكي في حديقة كلية الحقوق بالعاصة الرباط يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فيستوقفه منشور يتضمن صورا لمجازر ارتكبها داعش في حق مواطنين عراقيين شيعة، ليصب جام غضبه على هذا التنظيم الذي شوّه الإسلام وأضر بالمسلمين.
تأجيج الصراع الطائفي
رشيد الملوكي، 26 عاماً، ابن عائلة تعتنق المذهب الشيعي منذ القدم، يعيش في مجتمع غالبيته سنّي، نظرا لارتباط المغاربة بالمذهب المالكي السنّي، يرى في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّه لا يعترف بوجود فرق بينه كمواطن شيعي وباقي المواطنين السنّة، بداعي أن الإسلام يجمع الكل.
"داعش فرّق المسلمين وأجج الصراع المذهبي والطائفي بين التيارات، وقد ساعده في ذلك أولئك الذين يسيطر الجهل على عقولهم، لينضموا إلى صفوفه وينفذون مخططاته التخريبية"، يضيف رشيد بقلق، "حيث يتم غسل أدمغتهم، وشحنهم بالكراهية والانتقام من الشيعة وأصحاب المذاهب المخالفة للمذهب السنّي".
ويرى الطالب في شعبة الدراسات الإسلامية أن شيعة العراق وسورية دفعوا ثمناً لمذهبهم، فداعش يحرض الجميع لقتالهم بدعوى أنهم خارجون عن مذهب أهل السنّة، "بل يحكي لي أصدقائي من العراق أنه فرق عائلات سنّية تصاهر أخرى شيعية وشتت شملها دون رحمة"، يستدرك رشيد بحسرة.
دعاية مزيفة
تحمل سلمى عدة أوراق تفرقها على ثلة من أصدقائها وتشرح لهم ما طلب منهم الأستاذ إنجازه، لتتفاجأ بكون الموضوع يتحدث عن الدعاية الإعلامية التي يستغلها داعش في الترويج لانتصاراته الوهمية، وكيف يوصل ذلك للعالم باللغة الانكليزية، وادعائه بأنه نجح في توحيد المسلمين السنّة ضد أعدائهم الشيعة وغيرهم.
سلمى العلمي، 24 سنة، الطالبة في شعبة اللغة الإنكليزية ترى أن تنظيم داعش استغل الصراع الطائفي في بلدان الشرق الأوسط وزاد في تأجيجه والركوب عليه، "وما ادعاءاتهم بنصرة أهل السنّة المضطهدين من طرف الشيعة في العراق إلا دليل على أن هدفه زرع الفتنة والتفرقة بين المسلمين"، تقول المتحدثة.
يسارع أصدقاء سلمى إلى إبداء استغرابهم مما يدعيه داعش كممثل للسنّة ومحارب للشيعة والخارجين عن الملة، ويرفضون أن يمثلهم هذا التنظيم الدموي. وحين سؤالهم حول هل نجح تنظيم داعش في تفريق السنّة والشيعة وتأجيج الصراع الطائفي؟ يجمعون على القول إنّ ذلك ما فعله وما زال يمضي في هذا، وأنه لا مناص لمواجهته إلا بنبذ الخلافات والصراعات بين السنّة والشيعة، والوقوف أمام تغول داعش كالبنيان المرصوص.
وتمضي سلمى في حديثها لموقع (إرفع صوتك) بالقول إن جرائم داعش في حق الأبرياء سنّة وشيعة جعلت الكثيرين ينفرون من الإسلام، خاصة وأن التنظيم يسوق نفسه كمخلص وناصر لهذا الدين مما أصابه، مستغلا في ذلك دعاية إعلامية واسعة، وهو ما يستوجب مواجهته بالمثل، عن طريق إظهار حقيقته وفضح جرائمه.
الاختلاف رحمة
"لم يأمر الإسلام يوما بقتل المختلف، ولا يوجد أي نص ديني يدعو إلى قتل الأبرياء من دون وجه حق، إلا أن داعش ضرب كل ذلك بعرض الحائط، واستغل جهل الناس مدعيا أنه مخلصهم مما هم فيه من جهل بالدين، وناصر لهم على أعدائهم غير السنّة"، الكلام هنا للفقيه المغربي أبو رياض الوزاني، الذي يتأسف لانتشار مغالطات لا تمت للإسلام بصلة.
"تعلّمنا أن الاختلاف رحمة"، يقول أبو رياض، 37 عاماً، ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "لكن ابتلاءنا بهذا التنظيم الذي ينسب نفسه زورا وبهتانا إلى الإسلام، لم يترك أي رحمة بين المختلفين، بل الأدهى من ذلك أنه يدعي تمثيله للمسلمين السنّة في مواجهة الطوائف الإسلامية الأخرى كالشيعة الذين يؤدون ثمن انتمائهم لعقيدة اختاروها باقتناع، وهذا ما يقوي الضغينة والحقد بين السنّة والشيعة التي تصل أحيانا إلى الانتقام والترويع بينهم.
ويرى المتحدث أن هدف داعش هو السيطرة على أكبر مساحة من أرض المسلمين وبث التفرقة والخراب فيما بنهم ليتسنى له الاستحواذ على خيراتهم، "فتراه يؤجج الصراع بين السنّة والشيعة هنا، وبين الأكراد والسنّة هناك، ويحرض على قتال المسيحيين بدعوى أنهم كفار.. وما إلى ذلك من الجرائم التي يندى له الجبين في حق الأبرياء".
"حينما تضعف الأمة وتتفرق يسهل القضاء عليها واستهدافها، وهذا حال المسلمين اليوم"، يضيف الفقيه المغربي، "حيث يعمل داعش على تفرقة المسلمين، وزرع الفتن بين الأخوة ليقاتلوا بعضهم البعض، ليخلو له المجال للقيام بأعماله الإرهابية".
*الصورة: ضريح مولاس إدريس الأكبر في المغرب/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659