اللجوء في ألمانيا/وكالة الصحافة الفرنسية
اللجوء في ألمانيا/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

مع ازدياد موجات اللاجئين السوريين الفارين من أتون الحرب في بلادهم منذ 2011، يزداد الحديث عن العبء الاقتصادي والاجتماعي الذي تتحمله الدول المضيفة من تعليم وبناء مخيمات وخدمات صحية وغيرها.

لكن بالمقابل، هناك مشهد آخر لهذه الصورة ترسمه مشاركة اللاجئين خارج مخيمات اللجوء مع مواطني المجتمعات المضيفة. فقد دلت دراسات أخيرة على الأثر الإيجابي للاجئين، إذ أن بعضهم يتمتع بمهارات وخبرات ورؤوس أموال يفيد فيها الدولة المضيفة.

نقل الأعمال إلى الدول المجاورة

وفرّت أعداد كبيرة من السوريين إلى الدول المجاورة كالأردن ولبنان وتركيا. واستغل أرباب المصانع القرب الجغرافي ونقلوا نشاطهم إلى الدول المضيفة.

في تركيا مثلاً، زاد عدد الشركات المنشأة سنويا بشراكة سورية في تركيا من 30 في عام 2010 إلى 1826 حتى كانون الثاني/يناير 2016، حسب الإحصائية الأخيرة للبنك الدولي.

وفي الأردن، نقل السوريون حرفاً عريقة كصناعة الحلويات والبوظة الدمشقية إلى عاصمة المملكة، وافتتحوا فروعاً لمتاجرهم في عمان، منها بكداش، المتجر العريق لصناعة الحلويات السورية.

إضافة إلى ذلك، نقلت العديد من الشركات نشاطها إلى المدن الصناعية أيضاً. فقد قال المدير العام للمناطق الحرة الأردنية نبيل أبو رمان في تصريح صحافي في وقت سابق إن عدد الشركات السورية (في عام 2015) قد بلغ نحو 500 مستثمر سوري يعملون برأس مال وصل إلى 150 مليون دينار أردني (ما يعادل 210 مليون دولار أميركي)”. وتوفر هذه الشركات فرص عمل للسوريين والأردنين أيضاً.

 سد حاجة الدول الغربية من اليد العاملة

كما استقبلت الدول الغربية اللاجئين بنسب متفاوتة. وتعتبر أميركا من الدول التي قبلت عدداً قليلاً من اللاجئين العرب. فقد بلغ عدد السوريين الذين طلبوا اللجوء منذ عام 2012 حتى شهر أيلول/سبتمبر 2015 مليون و854 شخصاً. وتستفيد بعض الولايات من اللاجئين لتعويض الخسائر في القوة العاملة من مواطنيها والذين اضطروا للسفر إلى ولايات أخرى لإيجاد فرص عمل أفضل.

ومثال على ذلك، ما حصل في مدينة ديترويت في  ولاية ميشيغن، إذ خسرت هذه المدينة حوالي 30 ألف شخص من القوة البشرية المؤهلة منذ 2010 بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، حسب إذاعة بي بي سي البريطانية، فأصبحت المدينة بحاجة إلى وافدين جدد لخلق مشاريع جديدة وسد النقص في سوق العمل.

 وأنشأ ريك سنايدر، محافظ ميشيغن، مركزاً لتأهيل اللاجئين. ومن مهام هذا المركز مساعدت اللاجئين على تعلم اللغة الإنكليزية والحصول على المؤهلات الكافية لدخول سوق العمل يحث يصبحون قادرين على الاعتماد على أنفسهم في فترة عام أو عامين. وهذا كله يخلق قوة عاملة تساعد الشركات الموجودة حالياً على سد احتياجاتها من العمال الذين تحتاج إليهم.

وبذلك استقبلت ميشيغن 505 لاجئاً سورياً في الفترة بين أيار/مايو 2011 وأيار/مايو 2016 حسب موقع ديترويت نيوز، نقلاً عن وزارة الخارجية الأميركية.

وفي الدول الأوروبية يبدو الوضع مشابهاً. فألمانيا أيضاً بحاجة لقوى عاملة شابة تعوض الملايين من مواطنيها المتقاعدين. ويفيد تقرير للمعهد الأميركي للدراسات الألمانية المعاصرة أن لاستقبال اللاجئين في ألمانيا تأثير إيجابي ولكن نتيجته ليست آنية، وإنما في الخمس أو 10 سنوات القادمة. ففي 2020 مثلاُ سيكون هناك تأثير ملموس، وإن كان صغيراً.

وتقدر الإحصاءات أن ثلث عدد اللاجئين والمهاجرين الذين استقبلتهم ألمانيا في 2015 هم أقل من 25 عاماً ويمثل السوريون النسبة الأكبر من عدد طالبي اللجوء في هذه الدولة وبيلغ عددهم حوالي 32 ألف لاجئ (20.3 في المئة)  من أصل 160 ألفا حتى منتصف 2015 حسب إذاعة دويتشه فيليه الألمانية.

1

ومن جهة أخرى، دلت نتائج مسح المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن تسعة من أصل 10 لاجئين سوريين يصلون إلى اليونان يملكون تحصيلاً علمياً عالياً. ويرغب نصف عددهم في الذهاب إلى ألمانيا لأن فيها فرص عمل وتعليم جيدة.

وبشكل عام، يقدر أن موضوع مشاركة اللاجئين في الحياة الجديدة في الدول المضيفة بشكل عام يتطلب كسر تجاوز تحديات عدة وهي: حاجز اللغة (في حالة سفر اللاجئين العرب إلى الدول الغربية) والمؤهلات العلمية وحق العمل ومصادقة الجهات المختصة على المؤهلات العلمية وانفتاح أرباب العمل ورغبتهم بتوظيف اللاجئين.

*الصورة: اللجوء في ألمانيا/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

  

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".