مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
في سياق محاربة الأفكار المتطرفة والإرهاب الذي أرّق مضاجع كثير من الدول العربية والإسلامية والغربية على حد سواء، قدمت مؤسسة الأزهر الشريف باعتبارها منبر الإسلام المعتدل عدداً من المبادرات حتّى عام 2016، وبذلت الجهد الجهيد لإعادة وسطية الفكر الإسلامي إلى مساره الصحيح من خلال رؤية حديثة تستهدف تجديد الخطاب الديني.
بحسب الدكتور محمد فوزي، أحد علماء الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فقد تنوعت جهود الأزهر لتوعية الناس – مسلمين وغير مسلمين – بمخاطر الإرهاب.
ثلاثة اتجاهات رئيسية
وأتت هذه الجهود في ثلاثة اتجاهات رئيسية يلخصها بالتالي:
الاتجاه الأول: المؤتمر الذي نظمه الأزهر في أواخر 2014 بحضور كبار رجال الدين من العالمين العربي والإسلامي الذين قدموا أبحاثهم لمناقشة ظاهرة الإرهاب وأسبابها وكيفية علاج نتائجها التي تظهر في أعمال العنف من تفجيرات إجرامية تؤدي بحياة الأبرياء. وقد جاء هذا المؤتمر ليكون بمثابة ورشة عمل ومختبر للتنظير حول القضية ولتمهيد الطريق نحو تطبيق مخرجاته على أرض الواقع وما زالت مخرجاته وتوصياته تطبق حتى اليوم.
الاتجاه الثاني: مرصد الأزهر الذي تمّ إنشاؤه في نيسان/أبريل 2015 وهدفه رصد فتاوى دوائر الإرهاب ووضع الردود العلمية عليها وترجمتها للغات الأجنبية الرئيسية الحي. وكذلك نشر ما يترجم يوماً بيوم ليكون بمثابة المرجع لكل الصحف ووسائل الإعلام العالمية للإطلاع على تحليل الأزهر لفتاوى الإرهابيين والمتطرفين ولكتبهم وأدبيات علمائهم ومفكريهم.
ويشير الدكتور فوزي إلى أن هذا المجهود تراكمي “لا يُنتظر أن يُغير الواقع في يوم وليلة أو أن تتغير مسالك الدراسات الخاصة بالإرهاب والتطرف بعد إنشاء المرصد الأزهري، لكن من المتوقع أن يحدث هذا التطور مع مرور الأيام”.
الاتجاه الثالث: ما يقوم به مركز الأزهر للترجمة والذي يسعى لتقديم صورة حديثة غير نمطية للإسلام.
ويشير الدكتور فوزي إلى أن هذه الاتجاهات الثلاثة – المؤتمر التنظيري والمرصد الإعلامي ومركز الترجمة – والتي يقودها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب هي بمثابة “الأجنحة لجهود أزهرية مؤسسية غير فردية للتوعية المجتمعية والإنسانية بمخاطر الإرهاب والحيلولة دون انضمام الناس وبخاصة الشباب للمجموعات المتطرفه من خلال تعريفهم بمقاصد ومفاهيم صحيح الإسلام”.
دور سياسي
وفي حواره لموقع (إرفع صوتك)، يلفت الدكتور فوزي إلى أن البناء على مبادرات الأزهر الشريف والرامية إلى تجديد الخطاب الديني وجهوده التوعوية بمخاطر التشدد والتطرف يحتاج إلى تحقيق أمرين اثنين أولهما التوافق والترابط المجتمعي، وثانيهما وجود قناعة من القيادة السياسية بدور علماء الأزهر في دفع عجلة التقدم الفكري والاجتماعي والسياسي.
ويشير إلى أن هذا ما ظهر في خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي وآخرها كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في كانون الأول/ديسمبر 2016، “والتي لم يتحدث فيها عن تجديد فكر الخطاب ولكن عن تجديد الخطاب الديني”، فدعا إلى جلوس علماء علوم السياسة والاجتماع والاقتصاد وعلم النفس مع علماء الأزهر لتشخيص الأمراض المجتمعية ووضع الحلول الناجعة لها.
ويؤكد العالم الأزهري على “أهمية اندماج العمل الديني مع العمل المجتمعي شريطة عدم المساس أو اختراق المستوى العقدي أو الديني”.
ويتابع الدكتور فوزي أن هذا الاندماج بين العلماء في مختلف العلوم الدينية والدنيوية سيخرج بمستخلصات نظرية يجتمع عليها العلماء، لتأتي بعد ذلك المرحلة الأهم وهي تحويل النظري إلى واقع يتم تطبيقه في الشارع والمؤسسات المرتبطة بخدمة المجتمع وإصلاحه.
“ولا ننسى هنا أن الانفتاح السياسي وإتاحة الحريات والقضاء على الفقر ومظاهر الحرمان” يقول فوزي، “هي من الأمور المهمة جداً لتطهير المجتمع كله من بؤر الإرهاب والتطرف، ولسد الذرائع التي يتخذها منظروا الإرهاب مدخلا ينفذون منه إلى قلوب الشباب”.
*الصورة: اتجاهات الأزهر الثلاثة لمحاربة الإرهاب/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659