المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
بعد انتشاء وهمي بما أسماه “فتوحات عظيمة” في البلدان العربية والغربية، استفاق تنظيم داعش الإرهابي على وقع التراجع والنكوص بعدما خسر قدراته على الاستمرار في أعماله الإرهابية على الأرض، وفقدان مصادر التزود بالمقاتلين خاصة من المغرب.
تراجع مهول
شهدت السنتان الأخيرتان تراجعا ملحوظا في نسبة التحاق المغاربة بالجماعات الإرهابية في دول الشرق الأوسط، خاصة تنظيم داعش، بعد تشديد الخناق عليهم من طرف السلطات الأمنية وتجفيف منابع التطرف والإرهاب بمختلف المدن المغربية.
بحسب التقرير الأخير لمركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف، الصادر أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، فإن سنة 2016 عرفت تراجع عدد الملتحقين المغاربة بالتنظيمات الإرهابية بسورية والعراق، حيث لم يتعدَ عدد الذين تمكنوا من تجاز الحواجز الأمنية المشددة في المغرب سوى 22 شخص، أغلبهم تسللوا عبر الحدود.
وسجل التقرير الذي يتوفر موقع (إرفع صوتك) على نسخة منه والذي يستند على أرقام من المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن هذا التراجع يرجع إلى الخسائر البشرية التي تكبدها تنظيم داعش في سورية والعراق، إضافة إلى تراجع مساحة المناطق التي يسيطر عليها بفعل عمليات التحرير والحرب المستعرة ضده.
ويقدم التقرير أرقاما مفصلة عن تراجع الملتحقين بتنظيم داعش. فبعدما بلغت نسبة الالتحاق ذروتها في 2013، حيث ناهزت 58 في المئة (من إجمالي المغاربة الملتحقين بداعش)، إلا أنها تراجعت خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بفضل يقظة الشباب وانتشار الوعي بمخاطر الإرهاب وزيف ادعاءات داعش، لتصل إلى 17 في المئة سنة 2014 و19 في المئة سنة 2015.
خسائر بشرية
يضاف إلى ذلك – حسب التقرير- مقتل أغلب “الأمراء” المغاربة في صفوف التنظيم، ممن كانوا يستقطبون الشباب المغاربة عبر وسائل الإعلام، والذين لعبوا دورا مهما في التجنيد والاستقطاب ومنح ما يسمى في أدبيات الجماعات الإرهابية “بالتزكية”.
ومن بين القيادات التي فقدها داعش “أبو أسامة المغربي” الذي قتل في أواخر 2012، والمقاتل الملقب بكوكيتو أو قاطع الرؤوس، إضافة إلى لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة حاتم حلاوة، و”الشارف” موظف المحكمة الابتدائية الحاصل على ماجستير في الإعلاميات، ومراد الدرداري أستاذ علوم الحياة والأرض.
وإذا كان تنظيم داعش قد خسر أبرز مقاتليه من المغاربة الذين كان يعتمد عليهم في العمليات الانتحارية وقيادة المناطق التي يسيطر عليها، فإنه خسر كذلك أذرعا أخرى كان يسخرها لاستهداف الشباب اليائس بالمغرب، والتنسيق مع الخلايا النائمة بالمغرب وأروبا، لتنفيذ مخططاته الإرهابية.
وكان تقرير دولي صدر في 2015، قد قدر عدد المغاربة المتواجدين بصفوف داعش بحوالي 1500، وهو ما كان يشكل خزانا بشريا لهذا التنظيم الذي استقطب أغلب الملتحقين به عن طريق استغلال مآسيهم ومعاناتهم مع الفقر والبطالة، لكن مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية بالمغرب، عمر الخيام، كان قد كشف أن العدد التقريبي للمغاربة المتواجدين بمختلف التنظيمات الإرهابية يناهز 1609.
الوعي بالمخاطر
عبد الرحيم لقشاش، الباحث في علم الاجتماع يرى أن “زيف ادعاءات داعش، إضافة إلى الحرب الأمنية التي تشنها السلطات المغربية ضد أوكار التطرف والإرهاب عوامل ساهمت ف خسارة داعش لعقول الكثير ممن انبهروا به في السنوات الأخيرة، بعدما نجح في التغرير ببعضهم”.
ويضيف المتحدث لموقع (إرفع صوتك) أن انتشار الوعي الديني الصحيح الذي يتبناه المغرب، فضلا عن ترشيد الحقل الديني ومراقبته ساهم بدوره في الحد من انتشار الفكر المتطرف الذي يغذي العقول الجاهلة التي يستغلها داعش لاستغلالها في قضاء مآربه.
ويدعو لقشاش، شباب المغرب ممن لم تسعفهم ظروف الحياة الصعبة إلى عدم الانجرار وراء الإغراءات وما يقدمه داعش من وعود بالنعيم الدنيوي والأخروي، معتبرا أن ذلك مجرد طعم يستعمله التنظيم لاصطياد ضعاف النفوس والزج بهم في مستنقعات الموت.
*الصورة: في 2016.. داعش يفقد خزانا بشريا بالمغرب/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659