صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:
كما كان صعود نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن مباغتاً من خلال بسط سيطرته بشكل لافت على مساحات شاسعة في محافظات جنوب وشرقي البلاد عام 2015، جاء انحساره وتراجعه سريعاً على نحو غير متوقع تحت ضربات حملة عسكرية ضخمة مدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية في الربع الأول من العام الجاري.
ومنذ أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيطرته على مدينة المكلا، في نيسان/أبريل 2015، توسع نفوذه وجماعات محلية مرتبطة به على طول الساحل الشرقي لليمن، قبل أن تتمكن قوات حكومية بمشاركة عناصر من القوات الخاصة السعودية والإماراتية من طرد المقاتلين الإرهابيين من ست مدن جنوبية على الأقل ظلوا يسيطرون عليها حتى نهاية نيسان/أبريل 2016.
“غوانتنامو”
ورفض ضباط ومسؤولون رفيعون في المنطقة العسكرية الثانية التي قادت الحرب ضد معاقل القاعدة الرئيسة في محافظة حضرموت شرقي البلاد، الحديث حول مكاسب القوات الحكومية وخسائر التنظيم الإرهابي خلال هذه العملية العسكرية، غير أن مصادر إعلامية تحدثت لموقع (إرفع صوتك) عن مقتل نحو 1400 إرهابياً، واعتقال حوالي ألف آخرين بينهم قيادات رفيعة في القاعدة.
وقال صحافي متخصص بشؤون الجماعات الإرهابية فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية لموقع (إرفع صوتك) إن مناطق ساحل حضرموت (حوالي 120 كم) أصبحت شبه خالية من الإرهابيين باستثناء بعض الخلايا النائمة التي يجري تعقبها حالياً، فيما فرّ كثير من عناصر التنظيم إلى مناطق وادي حضرموت ومحافظات البيضاء وأبين وشبوة.
خطة عربية
ويرى الدكتور نبيل الشرجبي، وهو أستاذ العلاقات الدولية وإدارة الأزمات والصراعات في جامعة الحديدة (غربي اليمن)، أن عوامل عديدة ساهمت في “نكسة الجماعات الإرهابية في اليمن عام 2016، رغم أن حدوث ذلك كان مستبعداً نظراً لطبيعة الظروف السياسية والأمنية الجارية”.
وأوضح الشرجبي أن من تلك العوامل “مشاركة قوات التحالف العربي المباشرة في المعارك بمعداتها الحديثة”.
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) أن الجماعات الإرهابية لم تتلق كالعادة أي مساعدة هذه المرة “كما كان يحدث سابقاً سواء رسمية من قبل بعض الجهات العسكرية أو الأمنية أو من الأطراف الاجتماعية”.
وأشار إلى أن الأسلوب الذي اتبعته هذه الجماعات كان قاتلاً لنوعية وطبيعة عملها وتحركها، والذي تمثل في استقرارها بمناطق مأهولة واحتلال مساحات واسعة.
ويؤكد الشرجبي أن الحفاظ على هذه المكاسب يتطلب إنشاء جهاز وقوة خاصة بمكافحة الإرهاب بمعايير مغايره لتلك التي أعتمدها النظام السابق، ومضاعفة التنسيق مع قوات التحالف، والانخراط في خطة عربية لمواجهة الإرهاب.
ويتابع الأكاديمي اليمني قائلاً “يجب وضع خطط اقتصادية بديلة أساسها تجفيف منابع صعود تلك الجماعات، وإعطاء دور أكبر أمني وعسكري وسياسي وثقافي للمجتمعات المحلية، لمواجهة تلك الجماعات”.
الدولة
من جانبه يقول نبيل البكيري، وهو باحث يمني متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن الحفاظ على هذه المكاسب يكمن بإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية وسرعة تعزيز وجود مؤسسات الدولة وتفعيل حضورها وخدماتها للمواطن.
وتابع، لموقع (إرفع صوتك)، قائلاً “التنظيمات الإرهابية تنشط في مناخات الفوضى، وبالتالي ايجاد الدولة كفيل بتصفيتها والقضاء عليها”.
مخاوف
وبالرغم من حالة الارتياح الواسع التي سادت أوساط السكان المحليين إثر طرد العناصر الإرهابية من مدن وبلدات الساحل الشرقي، ما زال يساور كثير من الأهالي القلق من عودتها إلى الواجهة مجدداً، يغذيها ضعف قدرة الحكومة على تأمين المناطق المحررة وانشغالها بالحرب مع جماعة الحوثيين وقوات الرئيس السابق شمالي البلاد.
“الجانب الأمني ما زال ضعيفاً، فيما السلطات الرسمية تتعامل مع الناس بنفس أسلوب القاعدة”، يقول محمد عمر، وهو موظف حكومي في مديرية حجر جنوبي غرب مدينة المكلا الساحلية.
وأضاف عمر، 44 عاما، لموقع (إرفع صوتك) “بعض المتنفذين في السلطة يتعاملون مع من يبلغ عن عنصر إرهابي، بأنه شخص مشبوه وليس متعاون، هذه مشكلة”.
ويرى فوزي محمد حاج، 25 عاما، وهو طالب في جامعة حضرموت، في حديث لموقع (إرفع صوتك)، أن “العلمانية هي الأساس لحل مشاكل اليمن”.
ويقول حاج، الذي احتجزه عناصر القاعدة في أحد سجونهم بالمكلا لمدة ستة أسابيع “ما لم تبذل جهود لإنهاء التطرف، واحتضان الشباب ومعالجة مشاكلهم، لن تستمر هذه المكتسبات”.
*الصورة: يمنيون يتظاهرون ضد القاعدة بالمكلا/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659