بقلم حسن عبّاس:
يشارف عام 2016 على الانتهاء. هو عام تحجيم داعش بامتياز. لكن النزاعات العنيفة التي تسبب هذا التنظيم بجزء كبير منها تركت آثاراً كبيرة على الشباب العرب، قد تحتاج إلى سنوات لتجاوزها.
يرصد تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير”، آثار الحرب والنزاع العنيف على الشباب.
وفي مقدمته، تحذّر مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية بالإنابة في البرنامج صوفي دو كاين من أن “وعي الشباب بقدراتهم وحقوقهم يصطدم بواقع يهمشهم ويسد في أوجههم قنوات التعبير عن الرأي والمشاركة الفاعلة وكسْب العيش، ما قد يتسبب في دفعهم إلى التحول من طاقة هائلة للبناء إلى قوة كاسحة للهدم”.
ويشير التقرير إلى أن المنطقة العربية شهدت خلال العقد الماضي أسرع ازدياد في الحرب والنزاع العنيف، وصارت موطن أكبر أعداد اللاجئين والنازحين في جميع أنحاء العالم.
الآثار في الصحة العقلية
يتّسع انتشار اضطرابات الاكتئاب. وقد وجدت دراسة نشرها برنامج “العبء العالمي للمرض” عام 2011 أنه في عام 2010 عانى من الاكتئاب ما يزيد على خمسة في المئة من الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن الناس يفقدون أكثر من 1.3 في المئة من سنوات حياتهم بسبب الاكتئاب.
تضرّر التعليم وفرص العمل
للخسائر في التعليم بسبب النزاع وقع مزدوج. الأول، أنها تخفض الإنتاجية بين أفراد الجيل المتكبد هذه الخسارة، وهو ما يحد من الفرص الاقتصادية بين أبناء الأجيال القادمة. والثاني، أنها تكشف البلاد، على نحو غير مباشر، أمام خطر أكبر لنزاع متواصل، وبخاصة في حالة حرب أهلية.
وفي الحروب تتحوّل الأنظمة التعليمية إلى أنظمة تبثّ الفرقة والتمييز بين المواطنين مع أنها يمكن أن تلعب دوراً تصالحياً يهدف إلى بناء السلام والثقة.
على سبيل المثال، يظهر التحيّز الطائفي في المناهج الدراسية للدين في العراق، ويهيمن الشقاق في تطوير برنامج تعليمي خاص لمنطقة الحكم الذاتي الكردية. ولا ننسى أن داعش يدرّس مناهج خاصة في مناطق سيطرته.
الهجرة القسرية
الهجرة هي إحدى أخطر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المنطقة العربية، إذ يخلق النزوح الطويل الأجل أجيالاً تفتقر إلى الحصول على تعليم جيد.
كما أن النزوح القسري يقطع العلاقات داخل الأسرة التي تُعَدّ في المجتمعات العربية مؤسسة كبرى للحماية والدعم.
الآثار في الصحة البدنية
يمكن الإلمام بآثار الحرب والنزاع في الصحة من خلال مؤشرات صحية مثل متوسط العمر المتوقع عند الولادة، ومعدلات وفيات الرضع، ومتوسط العمر الصحي المتوقع، وانتشار سوء التغذية، والتقزّم.
وتسبّب الحرب أضراراً واسعة النطاق للبنْية التحتية الأساسية، ما يؤدي إلى انهيار شبكات المياه والنقل والصرْف الصحي، وتدمير المرافق الصحية العامة، وتخفيضات كبرى لأعداد العاملين في مجال الصحة.
ويتسبّب تضرر البنْية التحتية في انتشار أمراض معدية، بما فيها المستأصَلة سابقاً، مثل شلل الأطفال في سورية، وتُمنع الناس من الحصول على الرعاية الصحية، ما يؤدي إلى ارتفاع في الأمراض غير السارية.
والمشكلة الأكبر هي أنه تحدث وفيات وإعاقات من انتشار الأمراض المعدية في أعقاب الحروب أكثر بكثير من حدوثها كنتيجة عنف حربي مباشر. ويعود ذلك جزئياً إلى انهيار المعايير الاجتماعية والنظام السياسي أثناء النزاع وبعده.
وكذلك، يُضعف الموت الزائد والعجز على نطاق واسع النمو الاقتصادي والتنمية.
آثار على الشابات
يهدد العنف الجنسي والنزاع والعسكرة حريات المرأة في نواح كثيرة. فتُحدد عسكرة الأماكن العامة وانتشار العنف تغييراً عميقاً في الحياة اليومية التي يسيطر عليها مظهر الجندي الذكر.
ويؤدي انتشار التنظيمات العسكرية غير الحكومية إلى تهمش المرأة في المجال العام، وتُسيطر أيديولوجيات أدوار الجنسين التقليدية.
وتحدث مستويات متزايدة من الاعتداء الجنسي داخل مخيمات اللاجئين بسبب الفوضى، وانهيار الروابط المجتمعية العادية.
وفي مخيمات اللاجئين، تتعرّض النساء للعنف القائم على نوع الجنس وخاصة الشابات غير المرافقات، ونساء الأقليات العرقية. هذا عدا انتشار الدعارة والزواج المبكر.
المشاركة المدنية
يخفض النزاع العنيف المشاركة الشبابية في الحياة المدنية، ويصبح من الممكن جذب الشباب إلى جماعات متطرفة أو إلى أيديولوجياتها.
ومع النبرة الطائفية المتزايدة للنزاع في العراق، وبروز جماعات تعمل باسْم الإسلام أو هويات دينية وعرْقية أخرى في سورية، يحتمل أن يزداد اعتماد المحتاجين إلى الرعاية بصورة أقوى على شبكات دينية وأنواع أخرى من منظمات تشدد على الفوارق الاجتماعية، كما الحال في لبنان.
الصورة: متظاهرون عراقيون ينعون الكهرباء في كربلاء جنوب بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659