لاجئون سوريون في المغرب ينتظرون العبور إلى إسبانيا/وكالة الصحافة الفرنسية
لاجئون سوريون في المغرب ينتظرون العبور إلى إسبانيا/وكالة الصحافة الفرنسية

المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

تحلّ سنة 2017 وجراح آلاف النازحين من جحيم الحرب في بلدان الشرق الأوسط لم تلتئم بعد، حيث بات التشرد وترقب العودة إلى بلدانهم عنوانا لمعاناتهم التي لا يعلمون متى تنتهي. 

غربة وضياع

تراودهم أحلام وأماني مطلع كل سنة. يصبون إلى العيش بسلام ولو وسط ركام منازلهم التي دمرتها الصواريخ والمدافع في سورية، كما تعبر عن ذلك اللاجئة السورية أم رشا التي تتخذ من ركن في شارع محمد الخامس وسط الرباط مكانا تتسول فيه.

بوجه شاحب بسبب برودة الجو وعينين ذابلتين تتحاشى النظر بهما  إلى وجوه المارّة خجلا من وضعها الذي لم تجد أفضل منه، تطلب أم رشا يد المساعدة لإيجاد مأوى لها ولابنتها رشا التي لا تكل من الصراخ والبكاء.

تقول لموقع (إرفع صوتك) "حالنا لا يعلمه إلا الله... سئمنا الحياة بدون كرامة، ونتمنى أن يتغير حالنا إلى الأفضل في العام القادم".

أمنيات أم رشا تصطدم بواقع آخر في بلدها سورية الذي فرّت منه قبل عامين، برفقة زوجها وابنتها رشا ذات الثلاث سنوات، حيث ما زالت الحرب على أشدها هناك.

لكن أم رشا لا تفقد الأمل بأن تعود يوما لوطنها حيث عاشت حياتها في أمن وسلام حسب تعبيرها. "كنا نعيش في أمن وسلام قبل أن يحتجزنا مسلحون معارضون للنظام كدروع بشرية بعدما لم يتمكنوا من السيطرة على مدينة درعا".

وتضيف اللاجئة السورية "بعدما ضاعت حياتنا في الوطن لا نريدها أن تضيع في مواطن اللجوء، أملي أن تكبر ابنتي رشا بعيدا عن الحرب والدمار، وأن نكون جزءا من إعادة إعمار بلادي وليس البقاء عالة على المغاربة".

حلم العودة

في الجهة الأخرى المقابلة لمكان جلوس أم رشا، يفترش أحمد (43 سنة) كرتونا وعلامات الحسرة وعدم الرضى على وضعيته بادية على محياه. يستجدي المارّة الذين لا يكترث أغلبهم إليه، لكنه لم ييأس من تكرار لازمة تعود من يمر أمامه على سماعها كل يوم "ساعدونا يا إخوان عشان نرجع ع بلدنا في سورية".

أحمد لاجئ سوري قادته ظروف الحرب التي تعيشها سورية إلى الهجرة في قوارب الموت في اتجاه أوروبا. لكن الحظ لم يحالفه ووجد نفسه قبالة السواحل الليبية، ليكمل مسيرته في اتجاه المغرب عله يجد سبيلا للوصول إلى أوروبا عبر أقرب نقطة عبور شمال البلاد.

يتمنى أحمد الذي قدم إلى المغرب قبل ثلاث سنوات، أن يهاجر ويغير قدره الذي حتم عليه عيش حياة اللجوء،" لا أريد أن يكون المغرب آخر محطات حياتي. أنا مريض وأريد أن أتعالج في أوروبا. إن لم أهاجر سوف أموت هنا وفي قلبي غصة وطن يحترق، وعائلة مشردة"، يضيف أحمد بأسى.

"حلم العودة يراودني، لكن الحرب المستعرة هناك تحتم علي البقاء هنا في انتظار انفراج الأوضاع ببلدي. تركت أهلي في مخيم الزعتري وأخذت طريق الهجرة أملا في بناء مستقبل لي ولعائلتي بعيدا عن مآسي الحرب، لكن تبخر كل شيء وأريد العودة لبلدي"، يضيف أحمد لموقع (إرفع صوتك).

المغرب.. نهاية الرحلة

وإذا كان اللجوء في المغرب مجرد محطة عبور بالنسبة لمئات اللاجئين الذين تمكنوا من الهجرة نحو أوروبا، فإن المغرب يعتبر المحطة الأخيرة بالنسبة للاجئين الأفارقة، حيث قرروا الاستقرار في المغرب بشكل نهائي بعد تسوية وضعيتهم.

وأعلنت السلطات المغربية فتح أبواب تسوية وضعية المهاجرين واللاجئين المنحدرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2016، وهي المرحلة الثانية التي يطلقها المغرب لإدماج الأشخاص في وضعية غير قانونية في المغرب.

في طابور طويل أمام عمالة الرباط، يصطف عشرات اللاجئين والمهاجرين الأفارقة في انتظار دورهم لتسوية وضعيتهم والاستقرار في المغرب، بعدما فقدوا الأمل في بلوغ الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

استقى موقع (ارفع صوتك) آراء العديد منهم، ليعبروا بجملة واحدة أنهم فرحون بالمبادرة وأن المغرب سيكون آخر محطة في رحلتهم التي انتهت بحصولهم على أوراق الإقامة القانونية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".