بقلم حسن عبّاس:
تطغى التفاصيل التقنية على معظم النقاشات حول اللاجئين السوريين واستقبالهم وعودتهم، فنقرأ عن شروط عودتهم الآمنة وعن صفقات تبادل بين الأتراك والأوروبيين... لكن ما رأي اللاجئين أنفسهم؟ هل يرغبون في العودة أساساً؟
يعيش نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في الدول المجاورة لسورية (تركيا، لبنان، الأردن والعراق) وفي دول عربية أبعد قليلاً مثل مصر والجزائر. معظم هؤلاء يتوقون إلى العودة إلى وطنهم بعد توقف الأعمال الحربية وسيادة الاستقرار، خاصةً أن ظروف عيشهم كلاجئين مزرية.
لكن يختلف الأمر مع مئات الآلاف الذين وجدوا سبيلاً إلى اللجوء في دول غربية (أوروبا وأميركا وكندا). فجزء كبير من هؤلاء، وخاصةً الشباب، وجد استقراراً لم يكن يجده في وطنه حتى قبل اندلاع الثورة السورية.
عمل واستقرار
"إذا توقفت الحرب وهذا ما أتمنّاه، لا أظنّ أنني وعائلتي قادرون على العيش في بلد لا يحكمه القانون. وتوقف الحرب لن يعيد القانون والأمان إلى سورية"، قال لموقع (إرفع صوتك) حمزة الحسيني، 40 عاماً، ويقيم منذ أربع سنوات هو وزوجته وأطفاله الأربعة في هيدلبرغ في ألمانيا.
الحل برأي حمزة يكمن في حصوله على الجنسية الألمانية "وبعدها أجرّب العيش في بلدي"، فهو يريد ضمان طريق العودة.
وأضاف "أنا أعمل حالياً وأريد بناء مستقبلي هنا في ألمانيا، وأولادي يدرسون في ألمانيا حتى أن ابني البالغ من العمر تسع سنوات لا يعرف الكتابة بالعربية"، في إشارة إلى صعوبات عملية ستدفعه إلى عدم التفكير في العودة إلى سورية.
هنا... للمستقبل
قرار العودة ليس مسألة بسيطة. أماني الشيخ، 25 عاماً، وتقيم منذ سنة في كندا، تقول لموقع (إرفع صوتك) "إذا توقفت الحرب وتمّ الوصول إلى حل حقيقي يسمح للشباب بالعمل والاستقرار، ودُعينا إلى العودة لإعمار بلدنا سأكون من أوائل العائدين".
لكنها تضيف "عندما خرجت من سورية، لم أخرج فقط لأن فيها حرب ولا من أجل نفسي فقط. يوماً ما سأنجب أطفالاً، ومستحيل أن أجني على أطفالي من خلال ولادتهم في سورية، إلا إذا حدث شيء سحري".
هنا... الحرية
تهيمن فكرة الحرية على تفكير الشابة السورية كنانة، 36 سنة ومقيمة في كندا منذ سنتين.
وقالت الناشطة في المجتمع المدني لموقع (إرفع صوتك) إن "إيقاف الحرب ليس كافياً. إذا لم أكن قادرة على أن أكون في سورية وأعبّر عن رأيي بحرية وأناقش وأكون فاعلة في المجتمع المدني وأشارك في الحياة العامة، فإنّي لن أرجع بالتأكيد".
وأضافت "في هذه الحالة، أفضّل أن أبقى خارج بلدي وصوتي حرّ وعندي قدرة على التأثير في ما يحصل. فبفضل تكنولوجيا الاتصالات والإنترنت، نستطيع أن نكون فعّالين من الخارج".
وتُقارب رنا أحمد، 32 عاماً ومقيمة في العاصمة الألمانية برلين، مسألة العودة من زاويتين. وقالت لموقع (إرفع صوتك) "لدى التفكير باحتمال العودة أجد نفسي عالقة بين خيارين، الأول يحمل شيئاً من المسؤولية إذ سنكون أمام بلد شبه مدمّر وهذه المسؤولية تقتضي ألا نهرب من واجب العودة والمساهمة في إعمار هذا المكان بحسب القدرة والاستطاعة".
وتابعت "لكن الخيار الشخصي وما أفضّله هو عدم العودة. بدأت أؤسس حياتي هنا".
وأضافت "مشكلتي لم تكن سياسية فقط بل مرتبطة بالمجتمع أيضاً. لذلك أفضّل العيش هنا. فهذه هي المرة الأولى التي أجد فيها نفسي في بيئة آمنة وحرّة بالمطلق مع كامل الاستقلالية، وخيار العودة بعد ذلك سيكون بالغ الصعوبة".
نعود، لا نعود
أسامة، 30 عاماً ومتزوّج، وصل إلى كندا قبل ثمانية أشهر ولا يزال يبحث عن عمل، تزعجه فكرة كونه بعيداً عن بلده.
وقال لموقع (إرفع صوتك) "اللاجئ أُجبر على مغادرة بلده للابتعاد عن الخطر. كانت خياراتي محدودة. تركت ورائي والدتي المسنّة والمريضة وهي ستكون أول سبب يحثني على العودة".
وأضاف "طبعاً بلدنا يحتاج إلى أن نرجع ونبنيه كما حلمنا به، ولو بعد حين. وهذه مسؤولية كبيرة وهذا العمل بحاجة إلى كل الخبرات وعلى الجميع أن يكون جزءاً من عملية إعادة البناء لكي لا نندم مجدداً".
أما علاء دخيل، 31 سنة ومقيم منذ أربع سنوات في السويد، فقال "ممكن أن تتوقّف الحرب ويبقى (الرئيس السوري) بشار الأسد في السلطة وبهذه الحالة بالتأكيد لن أعود إلى سورية. وفي الحالات الأخرى، لا أعرف. الأمر مرهون بوضع البلد. الأرجح أنني لن أعود. أما لماذا؟ فلأنني لا أريد أن أكره سورية أكثر. فحتى السكّان تغيّروا".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659