الجزائر- بقلم أميل عمراوي:
يأخذون على عاتقهم تنظيف المسجد وخدمة المصلين وجمع تبرعاتهم ضمن إطار مقنن رسمته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية. هم أعضاء لجان تسيير المساجد التي كان موقع (إرفع صوتك) قد تابع جهودهم خلال العام 2016 وعرض الضغوطات التي تواجههم من قبل المتطرفين.
اتفق جميع من تحدثنا إليه في موقع (إرفع صوتك) أن لجان المساجد تقوم بواجب خدمة بيوت الله أحسن خدمة "بالرغم من أنهم لا يتقاضون أي مقابل مادي لقاء ذلك"، والحديث هنا تحديدا لصابر زناد أحد مرتادي مسجد عمر ابن الخطاب غربي العاصمة الجزائر.
الوسطية
ويضيف الشاب الذي وجدناه ينظف أطراف مدخل المسجد قبيل صلاة العصر أن أعضاء تلك اللجان يحظون باحترام الجميع إلا البعض.
"تعرفهم أليس كذلك؟"، يضحك صابر قبل أن يردف "المتشددون موجودون بيننا نتمنى أن تصيبهم عدوى الوسطية".
وحين يستطرد طالب السنة الأولى ماجستير في علوم الشريعة تجده يضرب، لك عديد الامثلة عن المشاكل التي تحدث عادة بين القائمين على المسجد وبعض المصلين الذين "يحبون إملاء ما يعتقدون أنه الصح".
لكن صابر أكد لنا أن أعضاء لجنة المسجد الذي يصلي به، يقومون بواجبهم تجاههم على أكمل وجه للحرص على الاعتدال في الخطاب الديني داخل المساجد.
"يحمون بذلك سماحة الدين التي نود أن تظهر للعالم بدل الصورة القاتمة عن الإسلام"، يتمنى صابر.
وهذه اللجان المنتشرة في كافة أنحاء الجزائر هي لجان أهلية مدنية مختصة بتسيير أمور المساجد. وهي تعمل تحت إمرة الإمام للمساعدة في أعمال الصيانة والتبرعات وكذلك الحرص على المصلين وعلى تطبيق مرسوم قانوني تنفيذي أصدرته السلطات الجزائرية عام 2013 ويحدد مهام المسجد داخل المجتمع حمايةً للإمام والمواطنين.
وبموجب مرسوم 2013، تم تكليف المساجد، في إطار الوظيفة التوجيهية التي تمارسها بالمساهمة في تعزيز الوحدة الدينية والوطنية عن طريق دروس الوعظ والإرشاد، وحماية المجتمع من أفكار التطرف والتعصب والغلو، وترسيخ قيم التسامح والتضامن في المجتمع وتثبيتها في إطار الوظيفة التوجيهية التي تضطلع بها.
وأثار المرسوم اعتراضات من قبل بعض المتشددين الذين يريدون صلاحيات أوسع في السيطرة على المساجد.
قلّة لا يؤخذ لرأيها
"لا تتوقف مهمتنا عند خدمة المسجد بل تتعداها لحماية المبادئ المحمدية كما ورثناها عن آبائنا قبل أن نبتلى بالمتعصبين"، يقول عمي الساسي، وهو من القائمين أحد المساجد ببراقي شرقي الجزائر العاصمة.
وكانت منطقة براقي أيام العشرية السوداء أحد معاقل الارهابيين و"القتلة باسم الدين" كما يسميهم محدّثنا، لكن عملية تأطير المساجد التي أعقبت سنين الإرهاب بالجزائر "جعلت منهم قلّة لا يؤخذ لرأيها". ثم يقول "والحمد لله".
"ليس من الصعب أن تجمع المال خدمة للمسجد أو تحضر قاعة الصلاة قبل فريضة الجمعة، الصعوبة في الحرص الدائم على الوسطية".
ويؤكد أن الجهود مستمرة في الأعوام القادمة. " لن يتوقفوا ونحن لن نركن بدورنا". ثم يردف "الصراع بين الحق وبالطل من سنن الكون".
وفي خضم البحث عن آثار سياسة تأطير المساجد بلجانٍ خاصة تعنى بشؤون الصلاة والمصلين بمعية إمامٍ رسمي والدعم الذي حصدته هذا العام، تحدثنا في موقع (إرفع صوتك) مع عدد من المصلين في مختلف مساجد العاصمة الجزائر. وكانت الآراء مجمعة على دعم تأطير المسجد و منع تدخل المتطفلين في تسييره.
تراجع
"أرى أن ندعم نحن المواطنون مسعى حماية الخطاب الديني لأننا أول المعنيين بحماية أبنائنا من التطرف"، يقول بشير محمدي الذي بادرنا بالحديث عند مدخل مسجد الرحمة وسط العاصمة.
ويرى الرجل أن سياسة تسيير المساجد بلجانٍ خاصة بدأت تأتي بنتيجة حيث يرى أن الفكر المتطرف "لا يزال بيننا" إلا أن المنتسبين له أضحوا من دون منبر يدعون منه إلى ترك الخطاب الوسطي.
"ليس لهم تأثير مثل زمنٍ مضى والحمد لله"، يقول رشيد لعرج أحد المصلين بمسجد عمر ابن الخطاب بالعاصمة.
ويؤكد المؤذن السابق بذات المسجد أنه هناك احترام أكبر الآن للدور المنوط بهذه اللجان.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659