الأردن – بقلم صالح قشطة:
عادةً ما يترك الإرهاب خلفه آثاراً عدة. وإن لم يكن مهلكاً لضحاياه، فهو مدمر حتماً لحاضر ومستقبل كل من عايشه وذاق مرارته، ومؤلماً لنفس كل من تابَع عن بُعد ويلاته، لا سيّما إن تتبعه الشباب وتأثروا به وتبنوا فكره المتطرف.
ولاجتثاث هذا الأثر السلبي كانت مبادرة (أثر) الطلابية، التي تهدف إلى خلق أثر بديل، يعبر بشباب المجتمع من الفكر الظلامي لفكر أكثر تنوراً وتسامحاً، ليشكلوا درعاً وأساساً متيناً ضد التطرف والإرهاب.
أهداف المبادرة
وعن مبادرة (أثر)، يتحدث محمد النشاش، الطالب في كلية الأعمال في الجامعة الأردنية، الذي يبلغ من العمر 22 عاماً، إلى موقع (إرفع صوتك) كواحد من مؤسسي المبادرة، التي تلقت الدعم من الجامعة، ومن مركز الابتكار والريادة فيها.
ويشير الشاب إلى أن المبادرة تهدف لنبذ التطرف ومحاربة الإرهاب ونشر الأخلاق وغرس قيم التسامح، بالإضافة لإيضاح صورة الإسلام المعتدل والتأكيد على قبول الآخر، وذلك من خلال تدريب الطلبة المتطوعين، لتأهيلهم وتمكينهم من تدريس ونشر المحتوى الذي تتبناه المبادرة، للأطفال والشباب دون سن 24 عاماً، وخصوصاً الأيتام واللاجئين منهم.
ويأتي ذلك بعد دراسة شاملة قام بها الشباب كشفت نتائجها أن الأيتام واللاجئين هم الأكثر تعرضاً لمخاطر الانجرار وراء الفكر المتطرف والإرهاب.
بداية الفكرة كانت بإعلان مركز الابتكار والريادة في الجامعة الأردنية عن مسابقة (تحدي التطرف) العالمية، التي يشارك بها أكثر من 5000 طالب، من أكثر من 250 جامعة، من مختلف قارات العالم، ليقوموا بتطوير حملات واستراتيجيات على أرض الواقع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة التطرف.
شارك عندها محمد هو ومجموعة من زملائه بالمسابقة من خلال طرحهم فكرة مبادرة (أثر)، فحققوا في مختلف مراحل المسابقة نجاحاً كبيراً، وتأهلوا للمرحلة النهائية، حيث سيتنافسون في سلطنة عُمان، منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2017، على الفوز بواحد من الثلاثة مراكز الأولى عن قارة آسيا.
مواقع التواصل الاجتماعي
وبالتزامن مع مشاركتهم بالمراحل الأولى من المسابقة، قام فريق (أثر) بإنشاء حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون بمثابة منصة الكترونية للتصدي للفكر الظلامي ومحاربته.
وبعد الانتهاء من إعداد المحتوى المتخصص لنشر الأخلاق ومحاربة التطرف وإيضاح صورة الإسلام المعتدل وتقبل الآخر، انتقلوا لمرحلة استقطاب الطلبة المتطوعين لتدريبهم على ذلك المحتوى، ليعلنوا لاحقاً ورسمياً عن تدشين (أثر) في الجامعة الأردنية من خلال حفل شهد تقديم عرض مسرحي يوضح طرق استقطاب الشباب وتجنيدهم من قبل التنظيمات الإرهابية.
الأديان السماوية لم تأتي لتكون أدوات للتطرف والإرهاب ، بل كانت دائماً رمزاً للسلام والإنسانية والمحبة.#أثر_الأخلاق #AtharJO #ِAtharUJ pic.twitter.com/njSziCirBI
— Athar أثر (@Athar962) November 29, 2016
بعد الإعلان عن تدشين المبادرة، باشر فريق (أثر) بالتقاء الفئات المستهدفة لنشر الوعي بينهم، والعمل على تعزيز فهمهم وتمييزهم لمفاهيم التطرف المختلفة، وخطرها، وأثرها في هدم المجتمعات، بالإضافة إلى تنمية وتوسيع مدارك تفكير الشباب والأطفال، بجعلهم يتحرون دقة وصحة المعلومات التي يتعرضون لها، وتصحيحها إن لزم الأمر.
منذ إطلاقها، لاقت مبادرة (أثر) تفاعلاً واسعاً، وتشجيعاً من قبل الشباب، وبحسب النشاش "كانت ردود الأفعال إيجابية ومشجعة من قبل عموم الناس، وأكدوا على حاجتنا لمثل هذه الأفكار وكذلك الأمر من قبل طلبة الجامعة الأردنية".
يأمل فريق عمل مبادرة (أثر) بأن يكونوا وجهة للشباب الراغبين بالتطوع في المجالات التي تفيد المجتمع، وتعمل على تنميته، وأن يتم تبني المبادرة وتطبيقها على مستوى الجامعات الأردنية الأخرى، موضحاً أنهم يسعون لأن يتم اعتماد المبادرة كمساق إجباري في الجامعات والمدارس من خلال وزارة التربية والتعليم، وأن حلمهم يتخطى النطاق المحلي، بأن تنتشر الفكرة والمبادرة لتطبق في كافة بلدان المنطقة.