شعار مبادرة أثر/عن فيسبوك
شعار مبادرة أثر/عن فيسبوك

الأردن – بقلم صالح قشطة:

عادةً ما يترك الإرهاب خلفه آثاراً عدة. وإن لم يكن مهلكاً لضحاياه، فهو مدمر حتماً لحاضر ومستقبل كل من عايشه وذاق مرارته، ومؤلماً لنفس كل من تابَع عن بُعد ويلاته، لا سيّما إن تتبعه الشباب وتأثروا به وتبنوا فكره المتطرف.

ولاجتثاث هذا الأثر السلبي كانت مبادرة (أثر) الطلابية، التي تهدف إلى خلق أثر بديل، يعبر بشباب المجتمع من الفكر الظلامي لفكر أكثر تنوراً وتسامحاً، ليشكلوا درعاً وأساساً متيناً ضد التطرف والإرهاب.

أهداف المبادرة

وعن مبادرة (أثر)، يتحدث محمد النشاش، الطالب في كلية الأعمال في الجامعة الأردنية، الذي يبلغ من العمر 22 عاماً، إلى موقع (إرفع صوتك) كواحد من مؤسسي المبادرة، التي تلقت الدعم من الجامعة، ومن مركز الابتكار والريادة فيها.

ويشير الشاب إلى أن المبادرة تهدف لنبذ التطرف ومحاربة الإرهاب ونشر الأخلاق وغرس قيم التسامح، بالإضافة لإيضاح صورة الإسلام المعتدل والتأكيد على قبول الآخر، وذلك من خلال تدريب الطلبة المتطوعين، لتأهيلهم وتمكينهم من تدريس ونشر المحتوى الذي تتبناه المبادرة، للأطفال والشباب دون سن 24 عاماً، وخصوصاً الأيتام واللاجئين منهم.

ويأتي ذلك بعد دراسة شاملة قام بها الشباب كشفت نتائجها أن الأيتام واللاجئين هم الأكثر تعرضاً لمخاطر الانجرار وراء الفكر المتطرف والإرهاب.

بداية الفكرة كانت بإعلان مركز الابتكار والريادة في الجامعة الأردنية عن مسابقة (تحدي التطرف) العالمية، التي يشارك بها أكثر من 5000 طالب، من أكثر من 250 جامعة، من مختلف قارات العالم، ليقوموا بتطوير حملات واستراتيجيات على أرض الواقع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة التطرف.

شارك عندها محمد هو ومجموعة من زملائه بالمسابقة من خلال طرحهم فكرة مبادرة (أثر)، فحققوا في مختلف مراحل المسابقة نجاحاً كبيراً، وتأهلوا للمرحلة النهائية، حيث سيتنافسون في سلطنة عُمان، منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2017، على الفوز بواحد من الثلاثة مراكز الأولى عن قارة آسيا.

مواقع التواصل الاجتماعي

وبالتزامن مع مشاركتهم بالمراحل الأولى من المسابقة، قام فريق (أثر) بإنشاء حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون بمثابة منصة الكترونية للتصدي للفكر الظلامي ومحاربته.

وبعد الانتهاء من إعداد المحتوى المتخصص لنشر الأخلاق ومحاربة التطرف وإيضاح صورة الإسلام المعتدل وتقبل الآخر، انتقلوا لمرحلة استقطاب الطلبة المتطوعين لتدريبهم على ذلك المحتوى، ليعلنوا لاحقاً ورسمياً عن تدشين (أثر) في الجامعة الأردنية من خلال حفل شهد تقديم عرض مسرحي يوضح طرق استقطاب الشباب وتجنيدهم من قبل التنظيمات الإرهابية.​​​​​​

​​​​بعد الإعلان عن تدشين المبادرة، باشر فريق (أثر) بالتقاء الفئات المستهدفة لنشر الوعي بينهم، والعمل على تعزيز فهمهم وتمييزهم لمفاهيم التطرف المختلفة، وخطرها، وأثرها في هدم المجتمعات، بالإضافة إلى تنمية وتوسيع مدارك تفكير الشباب والأطفال، بجعلهم يتحرون دقة وصحة المعلومات التي يتعرضون لها، وتصحيحها إن لزم الأمر.

منذ إطلاقها، لاقت مبادرة (أثر) تفاعلاً واسعاً، وتشجيعاً من قبل الشباب، وبحسب النشاش "كانت ردود الأفعال إيجابية ومشجعة من قبل عموم الناس، وأكدوا على حاجتنا لمثل هذه الأفكار وكذلك الأمر من قبل طلبة الجامعة الأردنية".

يأمل فريق عمل مبادرة (أثر) بأن يكونوا وجهة للشباب الراغبين بالتطوع في المجالات التي تفيد المجتمع، وتعمل على تنميته، وأن يتم تبني المبادرة وتطبيقها على مستوى الجامعات الأردنية الأخرى، موضحاً أنهم يسعون لأن يتم اعتماد المبادرة كمساق إجباري في الجامعات والمدارس من خلال وزارة التربية والتعليم، وأن حلمهم يتخطى النطاق المحلي، بأن تنتشر الفكرة والمبادرة لتطبق في كافة بلدان المنطقة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".