بقلم إلسي مِلكونيان:
تغيرت مهن أهل حلب كثيراً على مدى الأربع سنوات الماضية. فبينما خسر عدد كبير من الناس وظائفهم بسبب المعارك، استغل آخرون الأزمة الاقتصادية والأمنية التي عصفت بالمدينة، لفرض أسعار باهظة لقاء الخدمات التي يقدمونها للسكان، مما وضع السكان في ضائقة مالية صعبة.
"السوبرماركت"
"تحولت غالبية محلات الألبسة إلى سوبرماركت يبيع مواداً غالية الثمن". بهذه العبارات تحكي هدى حسكور وهي ربة منزل تسكن في وسط المدينة في حلب الغربية لموقع (إرفع صوتك) حلب، معاناتها اليومية مع شراء المواد الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وصحيح أن عدد محال "السوبرماركت" ازداد مع الوقت، إلا أنه لا يمكن للمشتري أن يجد كل ما يبحث عنه، حسب هدى. المواد المستوردة كالأجبان فقدت، أما المواد المعروضة على الرفوف فهي ذات نوعية رديئة، حتى أصبح من الصعب على المواطن شراء ما يتعدى الأساسيات كالأرز والسكر.
تضيف هدى "كحل لقضية غلاء المعيشة، بات الجميع يتقدمون لمنظمات الإغاثة الدولية والمحلية الدينية من مسيحية وإسلامية. هذه المعونة لا تقتصر على حصة غذائية فقط، بل تقدم للأشخاص الذين خسروا بيوتهم أيضاً فرشاً وأغطية وأدوات مطبخ. الجميع يتقدم بطلب المعونة دون استثناء".
بيع الطعام في الشارع
وبعد أن خسر الكثير من الناس عملهم، بات بيع الطعام في الشارع حرفة جديدة أخرى عرفتها شوارع حلب على مدى السنوات الأربع الماضية. خاصة بعد أن أصبح سعر كيلو اللحم الآن يصل إلى 5000 ل.س. (ما يعادل 25 دولار أميركي) بعد أن كان سعره 250 ل.س. في 2010 بسبب تهاوي العملة.
وتتنوع أطعمة الشارع التي يمكن للمارة شرائها من فلافل إلى سندويشات الكباب والكفتة وخضار وفواكه. تقول هدى "الجميع يشتري طعام الشارع. وفي ظل انقطاع الكهرباء لتي لم تدخل بيوتنا منذ أشهر، والمياه الدائمة الانقطاع، بات طبخ الطعام أمراً عسيراً".
بيع الكهرباء والماء
وكانت الدولة تمد مدينة حلب وريفها بالكهرباء. لكن الأمور تغيرت بعد تموز/يوليو 2012 حيث دخلت الكهرباء في مرحلة التقنين حتى انقطعت تماماً. وظهرت مهنة تجار المولدات.
وفرض هؤلاء على الناس الاشتراك بخدمة المولد الموجودة في كل حي أو ما يعرف بـ"الأمبير" لإنارة منازلهم لقاء سعر باهظ وعدد ساعات محدودة تنتهي عند منتصف الليل. ولا يمكن لأمبير واحد أو اثنين تشغيل جميع الأجهزة الكهربائية، لذا يتعين على الشخص شراء حزمة أكبر من الأمبيرات لتشغيل أكبر مجموعة ممكنة.
تقول رانيا رحمون، وهي إدارية في مدرسة "كان الأمر في البداية صعباً، حيث كنا ندفع 2500 ل.س. (12.5 دولار أميركي) لكل أمبير في الأسبوع، مما خنق الناس مالياً. ومع ذلك اشترك الجميع بخدمة الأمبير لأن الكهرباء لا غنى عنها".
وتدخلت الدولة لتحديد ساعات عمل المولدات على أن تكون 10 ساعات فقط يومياً وعلى ألا يتجاوز سعر الأمبير الواحد 2000 في الأسبوع.
وتتابع رانيا "أخذنا وعداً من السلطات على حل مشكلة الكهرباء بعد 45 يوم من تاريخ استعادتها السيطرة على المدينة بالكامل، بعدها ستصلنا الكهرباء ساعة واحدة يومياً".
تصليح زجاج المنازل
ومن المهن المربحة أيضاً تصليح زجاج المنازل، التي غالباً ما يتعرض بدمار بسبب القذائف.
تتابع رانيا "في منزلي يوجد الكثير من الأبواب والشبابيك وفي كل مرة يتعرض لقذائف أدفع مبالغ طائلة لتصليح الزجاج. وسعره التصليح يختلف حسب الضرر. مع العلم أن راتب الموظف مثلي لا يغطي النفقات الحياة لأبعد من نصف الشهر".
من يساعد السكان على تحمل غلاء المعيشة؟
كانت منظمات الإغاثة الطريقة الوحيدة ليحصل فيها الناس على معونة، ومثالها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي عنيت بالأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة بيوتهم جراء القصف ونزحوا داخلياً إلى مدارس ابتدائية وثانوية موزعة في مناطق مختلفة.
تقول أنجي صدقي الناطقة الإعلامية باسم اللجنة في دمشق لموقع (إرفع صوتك) "نقوم بتوزيع المساعدات الغذائية على النازحين داخلياً في حلب والقرى المحيطة بها منذ 2014 ونعمل على مساعدة الأشخاص في مناطق المعارضة والحكومة على حد سواء". وتحصل بذلك كل عائلة مكونة من خمسة إلى سبعة أفراد على حصة غذائية واحدة بالشهر الواحد.
وتقدم المنظمة الآن منذ بداية 2016 قروضاً صغيرة لـ127 عائلة لمساعدتها على مزاولة مهنهم من جديد. من هذه المهن تصليح الدراجات أو بيع مواد غذائية ضمن أكشاك.
"نحن عازمون على إكمال مسيرتنا للعام القادم ومن ضمنها إصلاح شبكات المياه للعائدين إلى منازلهم والذين يصل عددهم إلى 1600 شخص".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659