بقلم حسن عبّاس:
"قوية. لله درّك". تعليق كثيراً ما نقرأه على منشورات الدكتور أبي البراء،
"عضو في هيئة الأمر بالمعروف، وسيف مسلول على رقاب الزنادقة والعلمانيين والليبراليين والمجوس والشيعة"، كما يعرّف عن نفسه.
تعليقات ساخرة وذكية وخفيفة الظل عن المتطرّفين هي وصفة نجاح صفحة أبي البراء الساخرة التي يقترب عدد متابعيها من نصف مليون متابع.
يركّز أبو البراء على بعض مفارقات خطاب "المتأسلمين" ويسلّط ضوء السخرية عليها ليخرج بمنشورات تثير الكثير من التعليقات وتحظى بنصيب وافر من المشاركات.
محاربة "الجنون"
وقال مؤسس الصفحة، وهو شاب يفضّل عدم الإفصاح عن أي معلومات شخصية عنه لأسباب أمنية، إن شخصية أبي البراء "تحاكي شخصيات ظهرت للأسف بشكل كبير في الفترة الأخيرة بسبب الصراعات التي عصفت بالعالم العربي".
وأضاف لموقع (إرفع صوتك) أنه "كل يوم يأتي أحد الأشخاص من أصحاب الخطابات التحريضية المليئة بنبرة الكراهية للآخر لمجرد اختلافه ويخرج علينا بفتاوي جديدة وبإعلان الجهاد هنا أو هناك وبأشياء من غير الممكن لعاقل تقبّلها".
وتأسّف لكون مثل هؤلاء الأشخاص "يحصلون على شريحة كبيرة جداً من الجماهير، من أصحاب العقول المؤدلجة والبسيطة الذين اعتادوا تقبّل ما يتم إقحامه في عقولهم بدون تحليل، وذلك لخوفهم من الخوض في ما تلفّه هالة القداسة".
وتابع "لقد أردت أن أحارب هذا الجنون فلم أجد طريقة أنجح من السخرية منه ولم أجد قناعاً ملائماً أرتديه في حربي معه أفضل من قناع المجانين أنفسهم وأعتقد أن ذلك من أهم أسباب نجاح الشخصية".
واعتبر أنه "ببساطة، نحن شعوب مستضعفة وباتت السخرية أكثر ما يلقى رواجاً لدينا في الآونة الأخيرة وعلى كافة الأصعدة، في خضم واقعنا المأساوي".
سخرية من اللامنطق
"أنا أسخر من كل ما يناقض المنطق"، قال "أبو البراء" مضيفاً "من غير الممكن أن يحكم الإنسان على الأشياء إلا بعد تجرّده من كل القَناعات الراسخة ورؤية الأشياء من زوايا مختلفة".
وتابع "مَن يتابع صفحة سماحتي يرى أنّ لا أحد سَلِم من نقدي"، فلا فرق "بين ألوان تتشابه في بعض الأحيان حتى درجة التطابق".
التطرف بيننا
تتنوّع منشورات صفحة أبي البراء. ويتأسس جزء أساسي منها على أفكار واقعية لا متخيّلة، كما الحال في تعليقه على تغريدة عادل الكلباني، الشيخ الذي تولى إمامة مساجد عدّة في الرياض، وهي تغريدة تُظهر رفض وجوه إسلامية بارزة للتنوّع الديني.
وكذلك الأمر في عرضه صورة لدعاء يرد في أحد الكتب الدينية ويضع المرأة و"العبد" في مقام الدابة، كمثال عن ثقافة تمييزية بشكل فاقع بين البشر.
صورة الإسلام
ويلفت أبو البراء الانتباه إلى أن تشويه صورة الإسلام يجري أحياناً كثيرة على يد المسلمين أنفسهم، كما في حالة الطالب الصومالي عبد الرزاق أرتان الذي نفّذ اعتداءً بالطعن والدهس في جامعة أوهايو، أسفر عن إصابة 11 شخصاً.
خلط العلم بالغيب
ومن التناقضات التي يركّز عليها أبو البراء تلك الثقافة التي تدّعي العلمية، لكنّها في الحقيقة تشوّه العلوم من خلال مزجها بالخرافات الغيبية.
متناقضات
وأحياناً تذهب منشورات أبي البراء إلى الكشف عن نوع من تناقض داخلي في قناعات إسلامية يسلّم بها البعض فيطرح فكرة تُفاجئ المتلقّي لأنه على الأرجح لم يفكّر فيها قبل.
آراء متفاوتة
ردود الفعل على منشورات الصفحة مختلفة بين التفاعل الإيجابي معها وبين تهديد صاحبها بالقتل وبين تجاهلها بكل بساطة.
والطريف أن "البعض ظنّوا أنها صفحة حقيقية فراحوا يسألونني ويستشيرونني في عباداتهم وأعمالهم وخططهم المستقبلية وحتى في ما يجب عليهم فعله في علاقاتهم الزوجية"، روى مؤسس الصفحة.
وقال "في بادئ الأمر كانت هنالك صعوبة في تقبّل ما تطرحه الصفحة، أما الآن هنالك تحسن وأعتقد إنني استطعت ولو بشكل ضئيل جعل المجتمع يتقبّل فكرة النقد الساخر وممارسته"، متابعاً، على طريقة أبي البراء، "وذلك نهج الصالحين".
ستستمر صفحة أبي البراء لوقت طويل فـ"الدافع للاستمرار هو استمرار ما يثير السخرية"، كما قال مؤسسها.
أما موضوعاتها وتوجهاتها فقد تختلف. "فما يقنعني اليوم قد لا يقنعني غداً"، قال مؤسسها، لكنّه أكّد أن "هناك مواقف أخلاقية لا يمكن أن يغيّرها الإنسان".
وأضاف "أنا رافض لكل هذا الجنون ولكل ما يستخف بحرية الفرد ويستهتر بحياته".
"السخرية ليست حلاً بقدر ما تكون وجعاً مما يحدث"، برأي أبي البراء الذي يضيف "لكنّها قد تكون الطريق نحو نبذ كل الأشياء غير المنطقية التي تحدث في العالم، وفي كل الأحوال حرب قوامها الإعجاب والتعليق على منشور في فيسبوك أفضل كثيراً من المفخخات".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659