أطفال مصريون يلعبون/وكالة الصحافة الفرنسية
أطفال مصريون يلعبون/وكالة الصحافة الفرنسية

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

لم يكن له أية توجهات سياسية أو حتى أي معرفة بالسياسة ودروبها المعقدة والمتفرعة. بل هو لا يدرك ما يجري حوله من أحداث ولا يملك النضج الكافي الذي يخوله تكوين آراء سياسية ولم تكتمل بعد معارفه. لكن هذا كله لم يمنع من استقطابه في فترة انقسم فيها المجتمع المصري على نفسه وشهدت أعلى حالات الاستقطاب بعد 30 حزيران/يونيو 2013.

أطفال وضحايا

م.ع. ابن الـ15 عاماً من عمره، كان يتدرب في أحد الأندية مع أصحابه الذين حاولوا التأثير عليه بمشاهد اعتصام رابعة العدوية من وجهة نظرهم وإقناعه بأن الدولة تمارس العنف ضد المعتصمين، فكان لهم ما أرادوا وبدأ الصبي في المشاركة بالمظاهرات إلى أن تم القبض عليه وتوجيه اتهامات الدعوة للتظاهر والاشتراك فيها، حسب ما يروي محمد أحمد مسؤول الوحدة القانونية للائتلاف المصري لحقوق الطفل الذي تابع قضية الصبي ولم يشأ نشر اسمه حرصا على سمعته.

وتم احتجاز الصبي لاحقا لمدة ثمانية أيام بقسم الشرطة. وبعرضه على النيابة تم استمرار حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات. وتم نقله بناء بعد ذلك بناءً على طلب الائتلاف وإيداعه دور الرعاية حيث يمنع القانون حبس الأطفال دون 15 عاماً إلى أن تم إخلاء سبيله وإخضاعه لمعالجة اجتماعية لتأهيله بعد استغلاله سياسياً لكي يندمج في المجتمع من جديد.

هذه واحدة من قصص كثيرة يقدرها بشكل تقريبي المستشار القانوني للائتلاف المصري لحقوق الطفل بحوالي 700 طفل دون الـ15 من العمر تم اتهامهم في قضايا سياسية ويتوزعون بين محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية. وترصد هذه القصص بشكل واضح تأثير التطرف على الأطفال والنشء واستغلالهم في قضايا سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل "فيتعرضون لصنوف الألم التي لا يتحملها الكبار وتترك في نفوسهم أثراً سلبياً لا يمكنهم نسيانه ويصحبونه معهم في حياتهم"، على حد وصف محمد أحمد.

نوعان من التطرف

يشير الدكتور إبراهيم مجدي استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس إلى نوعين من التطرف أولهما سلوكي وعادة ما يورث هذا النوع من الأسرة إلى الأطفال الذين يميلون تلقائياً للعنف الذي يتحول إلى تطرف مع الوقت ليصل أقصاه برفض الطفل للآخر وعدم التفاعل معه والتخطيط لإقصائه. ومن ثم يتحول الأمر إلى الممارسة بالاعتداء على الآخرين والميل لاستخدام القوة حتى الوصول إلى ممارسة السلطة الدينية.

أما النوع الثاني من التطرف فهو المعرفي بمعنى أن الطفل لا يقبل المناقشة وينغلق عقله على فكرة يتبناها ولا يمكن تغييرها.

وينصح الدكتور إبراهيم مجدي الأسر باحتضان أطفالهم والاهتمام بتعليمهم وتثقيفهم والتحاور معهم وتشجيعهم على ممارسة الرياضة لإخراج طاقاتهم السلبية.

مستويات مختلفة

أما هاني هلال، الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل فيرى أن هناك عدة مستويات لتأثير ظاهرة التطرف على النشء، يتعلق أهمها بالأسر وخاصة المتشددة دينياً، فتأثيرها مباشر على أطفالها. ودّلل ذلك على اصطحاب هذه الأسر للأطفال في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وهو انتهاك واضح للطفل بإشراكه في قضايا البالغين وهو ما يبعث التطرف داخل الخلفية الثقافية للأطفال.

أما المستوى الآخر المهم فله علاقة بالشكل المنظم: وهو تنظيم يجند الأطفال، كما حدث من قبل جماعة الإخوان المسلمين، باستغلالهم الأطفال في الوقفة الاحتجاجية التي نظموها أمام مكتب النائب العام قبل 30 حزيران/يونيو 2013 للإفراج عن بعض معتقلي الجماعة.

وهنا تأتي المطالبة بحماية الأطفال المستغلين سياسياً وإعادة تأهيلهم وتوقيع عقوبات مغلظة على من يستغلهم في أعمال سياسية أو في أعمال الكبار.

ويشير هلال إلى مشروع جديد تتم دراسته الآن بالتعاون مع وزارتي الداخلية والعدل حول الأطفال المحبوسين على ذمة قضايا سياسية ويطالب بمعاملة هؤلاء الأطفال بطريقة المراجعات الفكرية التي تمت في تسعينيات القرن الماضي مع التنظيمات الدينية بما يعيد تأهيلهم فكريا ويصحح مسارهم الاجتماعي.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".