أطفال يمنيون يلعبون كرة قدم في منطقة ريفية/إرفع صوتك
أطفال يمنيون يلعبون كرة قدم في منطقة ريفية/إرفع صوتك

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

يشعر نصيب العريقي، 53 عاما، بالقلق من فكرة انحراف أي من أبنائه الثمانية مع تصاعد نبرة الخطاب الديني التحريضي في اليمن، يغذيه استمرار الحرب في البلد العربي الفقير منذ نحو عامين.

“لا أخفيك أنني قلق عليهم ولم أعد قادراً على مراقبتهم”، يقول العريقي، وهو موظف حكومي في وزارة التعليم العالي في العاصمة اليمنية صنعاء، رداً على سؤال لموقع (إرفع صوتك) حول دور الأسر في الحيلولة دون وقوع أبنائها في شراك الجماعات الإرهابية.

لم أعد مهتما

وأضاف العريقي “أطفالي لم يعودوا يتقبلون أي نصائح. أتمنى ألّا يختاروا هذا الطريق السلبي. خلال الأشهر الأخيرة عجزت عن توفير أبسط متطلبات الحياة لهم، بعد انقطاع رواتبنا، وبالتالي فقدت السيطرة عليهم ولم أعد مهتماً بأمورهم الدينية إلا ما ندر”.

يقول ابنه فهيم نصيب، 10 سنوات، وهو طالب في الصف الرابع أساسي، لموقع (إرفع صوتك) “إخواني الكبار يغيبون ساعات طويلة عن المنزل. لا ندري أين يذهبون”.

“أما أنا أرافق والدي معظم الوقت لكونه قلق علي”، يضيف الطفل ذو الجسم النحيل.

مقلق

من جانبه، يقول الأربعيني، علي سعيد، وهو أب لأربعة أطفال، “دائما أحدث أبنائي بأن الإسلام دين تسامح وإخاء، ولا علاقة له بالتطرف والغلو والتعصب”.

وأضاف علي، الذي يملك كشكاً (مكتبة) لبيع الصحف والمجلات والأدوات القرطاسية شمالي صنعاء، لموقع (إرفع صوتك) “لا شك أنني قلق من تأثر أبنائنا بالأفكار المتطرفة خصوصاً وأنهم يتلقون كثير من تعاليمهم الدينية عبر المساجد التي يوجد في بعضها من يروج لتلك الأفكار الهدامة”.

وفوق ذلك، يقول إنه يحذر أطفاله وعائلته من مشاهدة القنوات التلفزيونية “التي تحض على الكراهية”.

التسامح

في السياق قال مطهر الأديب، 41 عاما، الذي كان يقف على مسافة غير بعيدة من المكان، لموقع (إرفع صوتك)، “دائماً ما أحث أطفالي على السلام والتسامح وقبول الآخر”.

ويؤكد، الأديب، وهو موظف حكومي، وأب لثلاثة أطفال “كلما حدثت عمليات إرهابية أذكرهم بأن هذه الجماعات لا تمثل الدين الإسلامي”.

لكن فيصل محمد، 45 عاما، ألقى باللائمة على الأحزاب والقوى السياسية اليمنية في إثارة الكراهية والمناطقية في أوساط المجتمع، فضلاً عن دعم الجماعات الإرهابية.

فيصل أب لخمسة أطفال، وهو الآخر موظف حكومي في صنعاء، قال لموقع (إرفع صوتك) “هذه القوى بسياساتها غير المسؤولة آخرها الصراع الجاري حالياً فاقمت من مخاطر الإرهاب في اليمن”.

الحب

عبدالخالق المطري، وهو شاب في نهاية العقد الثاني من العمر، يقول لموقع (إرفع صوتك)، إن “الإسلام بريء من أفعال وجرائم التنظيمات الإرهابية. الإسلام جاء لنبذ العنف ونشر الرحمة والسلام”.

وبدى المطري، وهو مغترب يمني يعمل لصالح شركة خاصة في السعودية عاد مؤخراً إلى صنعاء، سعيداً وهو يتذكر ما تعلمه من أسرته منذ الصغر، “علمتني حب الجميع والابتعاد عن أي أعمال عنيفة تنسب للدين الإسلامي. لا يوجد أي فرد في عائلتي يحمل مؤشرات للانخراط ضمن جماعات متطرفة”.

وقال إنه “يجب مراقبة المساجد والأماكن التي تقدم دروس دينية، وإعادة النظر في المناهج الدراسية بتضمينها تعاليم وسطية للدين الإسلامي، كونها منبع لإنتاج جيل مُدمر”.

قصور

أما أيمن فاضل، وهو شاب في منتصف العشرينيات من العمر، فيرى أن هناك قصوراً كبيراً لدى غالبية أولياء الأمور في اليمن حيال هذا الموضوع.

يقول أيمن، وهو موظف في شركة بالقطاع الخاص في مدينة ذمار (حوالي 100 كم جنوبي العاصمة صنعاء)، لموقع (إرفع صوتك) “مشاركة الشباب والأطفال في القتال الدائر حاليا، هو تعبير واضح على ضعف التعاليم الدينية”.

“ما زلنا بحاجة للكثير”، يتابع أيمن الذي يتمنى انفراجه قريبة للأزمة في بلاده ونشر قيم التعايش والمحبة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

عناصر من مليشيا النجباء المسلحة يسيرون خلال عرض عسكري في بغداد
عناصر من "حركة النجباء" المسلحة خلال عرض عسكري في بغداد- تعبيرية

رغم تراجع العمليات العسكرية في سوريا، واستعادة النظام السوري سيطرته على الجزء الأكبر من أراضي الدولة، إلا أن الميليشيات العراقية التي تحالفت معه ضد المعارضة، لم تغادر البلاد. 

وصلت هذه المليشيات إلى سوريا بعد حشد إيران لها "للدفاع عن ضريح السيدة زينب ومقامات آل البيت". عند وصولها إلى سوريا رفعت شعارات "يا لثارات الحسين" و"لن تسبى زينب مرتين". ركزت على حجم البطالة الكبير في صفوف المقاتلين الشيعة، فمنحتهم رواتب مغرية لقاء المشاركة في الحرب هناك. 

انتشرت في المدن والقرى السورية منذ عام 2012، ولتثبيت بقائها، أصدر النظام السوري قرارات تنص على مصادرة أراض وأملاك للمعارضين، وتوزيع بعضها على منتسبين في الجيش والأجهزة الأمنية والميليشيات التي تقاتل في سوريا، كالقانون "رقم 10 لعام 2018".

يؤكد الخبير العسكري العراقي حاتم الفلاحي، أن "هذه الفصائل ما تزال تعمل بقوة داخل سوريا، تحديداً الآن". ويقول لـ"ارفع صوتك: "هناك نشاط لهذه الفصائل على الحدود السورية العراقية، في محاولة لإيصال فكرة بأنها أصبحت جزءاً من المؤسسة الأمنية العراقية، لكنها في الحقيقة تعمل بأوامر وتوجيهات إيران".

دخان يتصاعد جراء قصف جوي على حي في دير الزور السبت
خارطة الانتشار الإيراني بسوريا.. "عاصمة ميليشيات الحرس الثوري" والمناطق الأخرى
عندما يتردد اسم إيران عسكريا في سوريا دائما ما تتجه الأنظار إلى شرقي البلاد حيث محافظة دير الزور ومدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، ورغم أن هذه المنطقة يصفها خبراء ومراقبون باسم "عاصمة ميليشيات الحرس الثوري" لا يقتصر الانتشار فيها فحسب، بل ينسحب إلى مناطق أخرى على كامل الجغرافيا السورية.

من حلف الأسد إلى "الاستيطان"

 

يقول أبو حمد الصبيح الذي كان يقطن في منطقة السيدة زينب، لـ"ارفع صوتك": "كثيرون منّا أجبروا على بيع بيوتهم مكرهين، والبعض صودرت أملاكه بموجب القانون رقم 10، وحلّ مكان سكان المدينة الأصليين أناس جدد، ليسوا سوريين، ومنح بعضهم الجنسية السورية".

ويضيف: "نجد اليوم في السيدة زينب الكثير من شيعة إيران والعراق وأفغانستان وباكستان، بعضهم مجنّسون، وحصلوا على بيوت السوريين وأملاكهم هِبات، وتحولت منطقة السيدة إلى شبيهة بالضاحية الجنوبية في بيروت معقل حزب الله، وبدأ التوسع لما حولها من مناطق عبر طرد السكان وشراء أو الاستيلاء على أملاكهم".

من مدينة داريا، يبين المواطن حاتم شما (46 عاما)، أن "بعض عمليات التغيير الديموغرافي طالت مدينته أيضاً حتى قبل اندلاع الاحتجاجات". يقول: "هناك مخطط لتغيير معالم داريا".

يشرح لـ"ارفع صوتك": "تبتكر الميليشيات الشيعية التابعة لإيران الأسباب لتشريع توسعها في دمشق وضواحيها، فمثلا، شيدوا مبنى على أحد القبور القديمة في مدينة داريا، وقالوا إنه ضريح لسكينة بنت الحسين، واشتروا القبر والمكان المحيط به، وبدأوا ينظمون زيارات دينية إليه، بعد أن أضفوا عليه طابع القداسة".

وبالفعل، نُظمت زيارات دينية للشيعة من خارج سوريا، فتوافدوا على داريا بأعداد كبيرة، بحسب شما، الذي أشار إلى أن "طابع المدينة وشكلها تغيرّا، وجلبت عائلات عراقية وأسكنت فيها، وفي منطقتي معضمية الشام والميدان أيضاً".

محمود جمعة (27 عاما) من اللاذقية، لديه رأي مخالف، فهو يرحب بتجنيس المقاتلين الشيعة العراقيين وسواهم وعائلاتهم وإبقائهم في سوريا. ويبرر ذلك: "سوريا لمن دافع عنها". اقتبس جمعة هذه الجملة من حديث سابق للرئيس السوري بشار الأسد.

وينفي لـ"ارفع صوتك" أن "يكون هدف عملية شراء الأراضي والعقارات تغيير معالم المدن". ويرى أن "قدوم العراقيين بأعداد كبيرة، هدفه الإقامة والسياحة الدينية".

من دمشق، يقول رائد مجبي (49 عاما)، إن "معظم الميليشيات الشيعية العراقية بقيت في سوريا بحجة ممارسة نشاطات تجارية وسياحية ودينية دعوية، لكن الواقع غير ذلك".

يوضح لـ"ارفع صوتك": "بقيت لأنها مستعدة للتدخل والقتال حين يحتاج الأمر. بعد انتهاء المعارك، انسحبت من المدن والقرى، لكنها افتتحت مكاتب للإرشاد الديني، وأخرى لممارسة نشاطات تجارية واقتصادية وسياحية، ونشاطات غير شرعية كتجارة الكبتاجون والتهريب عبر الحدود".

وحول انخراط الفصائل العراقية داخل سوريا في أنشطة دينية وسياحية واقتصادية، يوضح الفلاحي: "الغزو الإيراني للمنطقة يشمل جوانب متعددة، فهناك غزو فكري وثقافي وتجاري واقتصادي للسيطرة على البلد والتدخل في كل شيء، أما السياحة الدينية للعتبات المقدسة في سوريا والعراق، فهي ضمن مشروع متكامل تديره إيران سواء كان في العراق أو سوريا".

من هي هذه الميليشيات؟

 

يقول الفلاحي لـ"ارفع صوتك"، إن "أبو لواء الفضل العباس وحركة النجباء، من أهم وأكبر الميليشيات العراقية المشاركة في الحرب السورية منذ بدايتها تقريبا". ويُفصّل الميليشيات العراقية في سوريا وأسماء قادتها وخارطة تواجدها.

1- "لواء أبو الفضل العباس": كان قائده أحمد حسن كياره، وقُتل في مواجهات ريف دمشق، ويتولى قيادته حالياً اللواء السوري أبو عجيب، بالإضافة إلى قيادة عراقية منفصلة بقيادة هيثم الدراجي وأبو هاجر العراقي. ساحة عملياتها القلمون وطريق المطار والسيدة زينب وحلب.

يعتبر  من أول وأكبر الميليشيات العراقية التي قاتلت في سوريا منذ عام 2012، بدعوى حماية مرقد السيدة زينب. ويتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني، كما يتمتع بتجهيز عالٍ من السلاح والآليات، ويحظى باهتمام المرجعية في إيران.

2- "كتائب سيد الشهداء": حركة منشقة عن "لواء أبو الفضل العباس"، قائدها في سوريا حميد الشيباني، الملقب بـ"أبو مصطفى الشيباني"، ويحمل الجنسيتين العراقية والإيرانية، وفي العراق هاشم بنيان "أبو آلاء الولائي". ساحة  عملياتها السيدة زينب والغوطة الشرقية.

3- "حركة النجباء": قائدها أكرم الكعبي، وساحة عملياتها السيدة زينب وحلب وحماة واللاذقية. تعتبر  ثاني أقوى ميليشيا عراقية متواجدة في سوريا، وتحظى باهتمام ورعاية ودعم الحرس الثوري الإيراني.

يبلغ تعداد عناصرها حوالي 10 آلاف، تتوزع على ثلاثة ألوية عسكرية في حلب ودمشق، وهي "لواء عمار بن ياسر"، و"لواء الإمام الحسن المجتبى"، و"لواء الحمد" ومقره في ريف دمشق، متخصص باستعمال المدفعية والصواريخ.

4- "كتائب الإمام علي": قائدها شبل الزيدي، وساحة عملياتها ريف دمشق ودرعا وريف حلب، واللاذقية.

5- "لواء أسد الله الغالب": قائده أبو فاطمة الموسوي. ساحة عملياته السبينة ودمشق والسيدة زينب.

6- "سرايا طلائع الخرساني": قائدها علي الياسري، وساحة عملياتها دمشق وريف دمشق.

7- "لواء المؤمل": قائده أحمد الحجي الساعدي، وساحة عملياته داريا والسيدة زينب.

8- "لواء ذو الفقار": قائده أبو شهد الجبوري، وساحة عملياته عدرا والنبك وحمص.

9- "سرايا عاشوراء": قائدها حامد الجزائري، وساحة عملياتها دمشق وريفها.

10- "كتائب حيدر الكرار للقناصة": قائدها الحاج مهدي في سوريا، وساحة عملياتها السيدة زينب وريف دمشق.

11- "لواء الإمام الحسين": قائده أبو كرار أمجد البهادلي، وساحة عملياته حلب.

12- "قوات الشهيد محمد باقر الصدر": تتبع "منظمة بدر" بزعامة هادي العامري. ساحة عملياتها السيدة زينب وحماة وريف إدلب. يبلغ عدد مقاتليها في سوريا (1500 إلى 2000 مقاتل).

13- "لواء الشباب الرسالي": يتبع المرجع محمد موسى اليعقوبي، وساحة عملياته حلب وريفها.

14- "لواء كفيل زينب": يتبع لقيس الخزعلي الأمين العام لميليشيا "عصائب أهل الحق". ساحة عملياته السيدة زينب وطريق المطار والغوطة الشرقية وحلب والقلمون.

15- "كتائب حزب الله العراقي": قائدها في سوريا هاشم الحمداني، وساحة عملياتها حلب وكافة الجبهات السورية.

16- "لواء أسد الله الغالب": قائده أبو فاطمة الموسوي في سوريا، وساحة عملياته ريف دمشق، وقدسيا. عدد مقاتليه (300- 500).

17- "فيلق الوعد الصادق": قائده محمد حمزة التميمي الملقب بـ"أبو علي النجفي". ساحة عملياته حلب وريفها والقلمون وريف دمشق. عدد مقاتليه نحو 2000.

18- "ميليشيا فيلق تحرير الجولان": أنشأتها "حركة النجباء" بزعامة أكرم الكعبي في 8 مارس 2017، ولديها خطط دقيقة. تتألف من قوات خاصة مسلحة بأسلحة استراتيجية متطورة.

20- "فوج التدخل السريع": يقوده أحمد الحجي الساعدي، ونقل فيما بعد إلى "لواء المؤمل" في ضاحية الأسد (طريق الأوتوستراد).

يجري تدريب هذه الميليشيات في معسكرات داخل العراق وإيران ولبنان، كما تخضع أيضا للتدريب في معسكرات سورية، هي: "يعفور بريف دمشق، المقام في موقع عسكري تابع للفرقة الرابعة، والسيدة زينب بدمشق، ومدرسة ميسلون التابع للمخابرات العسكرية، نجها لأمن الدولة، وشهيد المحرابفي، والزهراء في حلب".

 

الهدف من البقاء

 

يشرح الخبير الأمني والعسكري العراقي حاتم الفلاحي لـ"ارفع صوتك: "لا شك أن تواجد الفصائل العراقية في سوريا جزء من المشروع الإيراني في المنطقة، وتكمن أهمية وجودها أولا لحماية المصالح الإيرانية، وثانيا هي جزء من توسيع نفوذها في جميع المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وحماية مصالحها الاستراتيجية، بما يتيح لها تنفيذ مشاريعها التوسعية ومخططاتها الديمغرافية في الهيمنة الكاملة على المنطقة".

"بالتالي، فإن تواجدها في سوريا أو أماكن أخرى من مناطق الصراع في المنطقة، يكون بتوجيهات إيرانية، وبدور يُرسم لها من قبل إيران، التي سلحتها وشكلتها وأمنت لها الدعم المالي والعسكري واللوجستي والاستخباراتي والتسليحي"، يضيف الفلاحي.

ويرى أيضاً أن "من شأن هذه الميليشيات حماية النظام السوري، وإكمال الهلال الشيعي وتأمين ممر الإمداد الرئيس من طهران إلى العراق وسوريا، ثم إلى لبنان، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط".