المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
تفكيك الخطاب الديني المتشدد وتصحيح المغالطات حول الإسلام التي نشرها داعش وأتباعه في عقول الناس، والتي تقوم على تبرير كل فعل إجرامي يرتكبه في حق الأبرياء بواسطة الدين، أمور يرى الفقيه المغربي الشريف الحقوني أنها أصبحت فرضا على الجميع للقيام بها والحيلولة دون تغلغل الفكر المتطرف في المجتمع.
ويرى الحقوني أن الخطاب الديني التقليدي الموروث عن السلف أصبح "مُتجاوَزا، ولا يتماشى مع متغيرات العصر الراهن". فمثلا، مفهوم الجهاد كان متداولا في فترة زمنية معينة، وكذلك مفاهيم الردة والقصاص وتطبيق الحدود.. وهذا لا يعني إلغاء هذه الأمور أو عدم الاعتراف بها، بل المطلوب هو فهم مقاصدها وسياقاتها التي كانت تطبق فيها، يضيف المتحدث لموقع (إرفع صوتك).
الخطاب الديني المتشدد أو الذي يتم تأويله بطرق غير صحيحة غالبا ما يؤدي إلى نتائج عكس المتوخاة، يقول الحقوني، مشيرا إلى أن أغلب الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية سواء تنظيم داعش أو القاعدة التحقوا بخلفية دينية في المرتبة الأولى، أو تحت مسمى الجهاد الذي نص عليه الدين لكسب النعيم الأخروي، فيما تأتي الاغراءات المادية في المرتبة الثانية.
نقض التراث الديني
ويذهب الفقيه المغربي إلى أن "المطلوب منا كرجال دين وأسرة ومدرسة أن نوصل رسالة الدين بشكل صحيح للأجيال الصاعدة، عبر نقض ما ترسخ في الأذهان من أفكار وترسبات تؤول بعض أمور الدين بشكل حرفي، وكذا نقض بعض كتب التراث الديني الموروثة، والتي تعتبر أهم مرجع للغلو والتشدد".
من جهتها ترى رحمة معتز، الباحثة في قضايا التطرف والإرهاب والفكر التكفيري، أن التطرف بمسماه الحالي كانت تجلياته في أزمنة مضت و بالتالي لا بد من استنطاق كتب التراث الفقهي والعلمي في استقراء تراثنا الإسلامي، داعية في الوقت ذاته إلى تعديل برنامج التكوين الذي يتلقاه أهل الاختصاص سواء برامج التعليم العتيق أو دور القرآن، والمدارس العادية.
وترى معتز في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن مقاربة الحد من التطرف يلزمها القيام على مقاربات كونية علمية أخلاقية، وليست أمنية وعسكرية محضة، فالأمر يجتث من جذوره وليس من ثماره أو أغصانه.
ضوابط للحد من التطرف
أما الباحث في علم الاجتماع عبد الإله السطي فيرى أن أي مقاربة أو حملة أمنية لمواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة لا توازيها مقاربة تربوية وتوعوية لمجابهة إيديولوجية التطرف محكومة بالفشل والقصور في الحد من تغلغل فكر التطرف لدى الشباب والناشئة العربية، لسبب بسيط هو أن "هذه التنظيمات الإرهابية تحتكم في عملية تجنيد أتباعها على مجموعة من الأفكار المتزمتة والقراءة النصية والخطية للنص الديني، بما لا يتماشى لا مع متطلبات عصرنا، ولا القراءة والفهم الصحيحين للدين الإسلامي الذي يقوم في جذوره على أواصر الأخوة وبث قيم التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب".
ويرى الباحث أن المعركة الأساسية اليوم هي معركة فكر متطرف ومتزمت يتسلل كل يوم بين الشباب العربي، مستغلا الظروف الاجتماعية والاقتصادية لبعض الفئات الهشة، التي لم تتلقى تعليم صحيح يعطيها من المناعة الكافية للتصدي لأي تغرير من قبل التنظيمات المتطرفة.
ويقترح السطي في حديثه لموقع (إرفع صوتك) عدة ضوابط يراها أساسية للحد من نزعات التطرف، كإعادة النظر في المناهج التعليمية الدينية، التي تعتبر مورد إنتاج الخطاب الديني، فمن خلالها يمكننا تقويم التأويل المنحرف للنص الديني، بالإضافة إلى عصرنة أدوات التنشئة لدى المؤسسات التعليمية، عبر تطوير ملكات التفكير وإعمال العقل، بدل أسلوب التلقين والحفظ النصي.
مشكلة الخطاب الديني
المشكلة في الخطاب الديني أنه سلاح ذو حدين، يقول السطي، فإذا أحسنت استعماله سيعطيك نتائج إيجابية على مستوى التعايش والتآزر والتضامن والسلم والوئام بين أفراد المجتمع، وإذا لم تحسن مراقبته وتطويره سوف يعطيك نتائج عكسية قد تعم بالخراب على المجتمع وأهله.
أما رحمة معتز، الباحثة في قضايا التطرف، فترى أن مشكلة الخطاب الديني تكمن في كونه نخبوي سياسي خالي من جوهر ما يحتاجه المجتمع، داعية إلى ضرورة الارتقاء بالخطاب الديني وتأهليه لمسايرة الواقع، وكمثال على ذلك إعادة النظر في مسألة توحيد خطب الجمعة في المساجد، تضيف المتحدثة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659