إحدى الكنائس المصرية/وكالة الصحافة الفرنسية
إحدى الكنائس المصرية/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

يعتبر البعض أن حياة المسيحيين في الشرق الأوسط لم تعد مستقرة. فقد تعرض بعضهم لاعتداءات عدة في الآونة الأخيرة بسبب العنف والجماعات الإرهابية، مما دفع بعضهم إلى الفرار وترك ديارهم التي سكنوا فيها وأجدادهم منذ عشرات السنين.

مصر

يعاود الناس الحديث عن مستقبل الأقباط في مصر في كل مرة تتعرض فيها هذا الأقلية إلى اعتداء. فالأقلية التي يقدر تعدادها بين خمسة و15 في المئة من سكان البلاد، تتعرض لحوادث مرة كل شهر، حسب مجلة ذا إكونوميست البريطانية نقلاً عن البابا تواضرس الثاني، رئيس الكنيسة القبطية في مصر. كما  تقدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي مجموعة ضغط، أن عشرة اعتداءات ضد المسيحيين في عام 2016 أدت إلى تدمير أبنية ومقتل العديد من الناس.

1- حادثة الكنيسة البطرسية (12 كانون الأول/ديسمبر 2016)

ومن أمثلة هذه الاعتداءات ما حصل في الكنيسة البطرسية في القاهرة خلال قداس يوم الأحد. فقد قتل 24 شخصاً في اعتداء نفذه انتحاري بحزام ناسف وأصيب آخرون، منهم 21 شخصاً تلقوا علاجاً في المستشفيات.

وتم الكشف عن المتسبب بحادث الاعتداء ويدعى محمود شفيق محمد مصطفى (22 عاماً). ويعتبر هذا الاعتداء الأكثر دموية ضد الأقباط المسيحيين في الفترة الأخيرة.

2- تعرية سيدة قبطية - 20 أيار/مايو 2016

تعرضت سيدة قبطية في محافظة المنيا شمال مصر إلى اعتداء إثر اتهام ابنها بإقامة علاقة مع سيدة مسلمة. واتخذ الموضوع أبعاداً طائفية أكبر، إذ تعرضت سبعة منازل للأقباط إلى اعتداء.

ولكن أصابع الاتهام وجهت للشرطة لأن السيدة القبطية وزوجها توجها ببلاغ لمركز شرطة المدينة حول تهديدات وصلتهما، لكن الشرطة لم تتخذ أي إجراء حيال هذا الأمر.

العراق

في ظل غياب الإحصاءات الرسمية، يقدر عدد المسيحيين الآن الذين يعيشون في العراق الآن 300 ألف شخص بينما كان عددهم قبل 2003 أكثر من مليون شخص أي خمسة في المئة من مجمل عدد السكان آنذاك، حسب ذا إكونوميست.

3- التهجير من الموصل

وسكن مدينة الموصل عشرات آلاف المسيحيين. وقبل احتلال داعش للموصل كان عددهم في المدينة نحو 25 ألف نسمة، حسب إحصاءات أفاد بها مراسل موقع (إرفع صوتك) في كردستان.

لكن منذ أن أعلن داعش قيام ما يسميه "الدولة الإسلامية" في تموز/يوليو 2014، بدأ التنظيم بفرض الجزية عليهم وقتل عدداً منهم إلى أن أصدر أبو بكر البغدادي بياناً في 18 تموز/يوليو  2014 "سمح لهم بالجلاء بأنفسهم فقط” بهدف تهجيرهم​.

4- اعتداءات داعش في قره قوش وتلكيف وبرطلة

تعرضت بلدتي قره قوش وتلكيف (جنوب شرق الموصل) وبرطلة شرق الموصل إلى اعتداءات داعش لعدة أسابيع منذ بداية إعلان "الخلافة" في 2014 وتضم هذه البلدات مئات المسيحيين الذين فروا إلى الشمال.  

ولا يزال أمر العودة للحياة في هذه البلدات أمراً صعباً. فعندما استعادت القوات العراقية بلدة قره قوش في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2016 مثلاً، ضمن العملية العسكرية الرامية إلى طرد التنظيم من الموصل، عاد بعض أبناء البلدتين إليهما للاطلاع على ممتلكاته وتقييم الأضرار، بينما يرفض البعض الآخر العودة ما لم تمنحه الدولة تعويضات وضمانات بالحماية، حسب وكالة رويترز للأنباء.

سورية

وعاشت سورية أوضاعاً مشابهة. فقد سهل تردي الأوضاع الأمنية في البلاد والمعارك بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة منذ 2011 دخول الجماعات الإرهابية، كجبهة النصرة وداعش، مما زاد مخاوف الأقلية المسيحية على مستقبلها في هذا البلد.

وفي سورية يقدر عدد المسيحيين قبل بداية المعارك حوالي مليوني نسمة أي 10 في المئة من مجمل عدد السكان، حسب صحيفة "ذا إيكونوميست".

5- اعتداءات داعش في الرقة منذ 2014

وشكل المسيحيون حوالي خمسة في المئة من سكان المدينة الواقعة شرق سورية والتي كان يبلغ عددهم 400 ألف نسمة في 2010. وبدأت هذه النسبة بالانخفاض مع بداية الأزمة في سورية في 2011، و انخفضت أكثر مع قدوم داعش في 2014 حيث باتت من أكبر معاقل التنظيم في سورية، حسب موقع صوت أميركا.

ويقدر وجود 43 عائلة مسيحية في الرقة لم تستطع الفرار من داعش. وقام التنظيم بمصادرة أملاكهم وخطف العديد منهم وأعدم آخرين.

6- اعتداءات على المسيحيين في مناطق أخرى

خطف وقتل عدد من رجال الدين المسيحيين واستهدفت أحياء وكنائس المسيحيين في مدن أخرى منها حلب وحمص ودمشق وحتى في القامشلي، شمال شرق البلاد حيث قام انتحاري داعشي باعتداء على اجتماع للمسيحيين في مدينة القامشلي شمال شرق سورية خلال شهر حزيران/يونيو 2016 وقتل ثلاثة أشخاص. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".