مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
على الرغم من المتغيرات الواسعة التي حدثت بالمجتمع المصري خلال السنوات الفائتة والنقلات الثقافية والاجتماعية بل والثورية إلا أن كل هذا لم يصل بعد إلى عدد من المسائل والقضايا المجتمعية وفي الرأس منها قضية دور المرأة وتمكينها سياسياً والمساواة بينها وبين الرجل.
وهذه الأخيرة تحديداً كفلها دستور 2014 بشكل أكثر وضوحاً عن الدساتير المصرية السابقة خاصة في المادة (11) والتي تنص على "تكفل الدولة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها". إلا أن ذلك لم يكتمل تحقيقه حتى الآن على أرض الواقع.
حقائق وبيانات
صحيح أن هناك مؤشرات إيجابية وإرهاصات قد يؤدي العمل الجاد عليها من قبل المعنيين إلى تحسين وضع المرأة في مصر، ومنها: تعيين مستشارة لرئيس الجمهورية للأمن القومي هي السيدة فايزة أبو النجا، ومنها أيضاً وصول 89 امرأة لمقاعد البرلمان في الانتخابات النيابية الأخيرة في عام 2015 وهو عدد غير مسبوق بنسبة 15 في المئة، ومنها أيضاً في عهود سابقة شغلت السيدة تهاني الجبالي منصبا بهيئة مستشاري المحكمة الدستورية العليا عام 2003 وهو ما أثار حينها ضجة كبيرة وجدلاً واسعاً بشأن شرعية تولي المرأة لمنصب القضاء.
وفي عام 2007 تم تعين 32 قاضية... كل هذه الخطوات لم تأت من فراغ بل جاءت تتويجاً لنضال نسوي عبر عقود ماضية.
حقائب وزارية محدودة
لكن الأمر لا يخلو أيضاً من سلبيات يجب تغيرها ومن ذلك أن عدد الوزيرات في الحكومات المتعاقبة ظل يتراوح بين ثلاث وأربع وزيرات ولم يزد عن ذلك. والثانية أن الحقائب الوزارية التي تشغلها المرأة هي محدودة في غالب الوقت وتكون بعيدة عن الوزارات السياسية كالعدل والداخلية والدفاع ورئاسة الوزراء والدولة فهذه كلها مناصب ترفع شعار "للرجال فقط"، في حين ظلت المرأة محصورة في حقائب بعينها.
ففي الحكومة الحالية على سبيل المثال، تشغل أربع نساء حقائب وزارية من 35 حقيبة بنسبة 11 في المئة تقريباً، وهن سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، وداليا خورشيد وزيرة الاستثمار.
ومن بين السلبيات كذلك تراجع تصنيف مصر في مؤشر التنمية السياسية للمرأة إلى المركز 136، واحتلالها المركز 101 من بين 142 دولة في تولي المرأة للمناصب القيادية وفقا لتقرير – الفجوة بين الجنسين – الصادر عام 2015 عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
نسبة غير لائقة
وبحسب نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة في حديثها لموقع (إرفع صوتك)، فإن نسبة تولي المرأة للمناصب القيادية في مصر ليست مرضية وهي غير لائقة مقارنة بالدول العربية حيث تحل مصر في المركز الـ14عربياً في تولي المرأة للمناصب القيادية.
وترجع نهاد عدم تولي المرأة لرئاسة الوزارة والحقائب الوزارية المهمة كالداخلية والخارجية إلى غياب الإرادة السياسية. ومن ناحية أخرى، فما زالت مصر تعمل بطريقة الوزير المهني وليس السياسي كما في الدول الغربية، إضافة إلى غياب القيادات النسائية التي تتمتع بالكفاءة في بعض القطاعات.
وتطالب أبو القمصان الدولة بأمرين إثنين لدعم المشاركة السياسية للمرأة وهما:
أولاً: إيجاد قاعدة بيانات محترمة يتم من خلالها اختيار كل القيادات بدأ من رئيس الحكومة ومروراً بالوزراء وانتهاءً بالمحافظين بما يساعد على اختيار الكفاءات.
ثانياً: مراجعة الجامعات والمؤسسات والتشاور مع الأحزاب السياسية عند اختيار القيادات العليا بالدولة.
ويرى المتخصصون والخبراء أنه لتحقيق المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة في مصر والدول العربية بشكل عام يجب تغيير ثقافة ونظرة هذه المجتمعات للمرأة من خلال الإعلام والتعليم باعتبارهما المشكلان لوعي الناس وذلك لخلق قناعة مجتمعية مفادها أن المرأة متساوية مع الرجل.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659