الدكتور أحمد كريمة/تنشر بإذن خاص لإرفع صوتك
الدكتور أحمد كريمة/تنشر بإذن خاص لإرفع صوتك

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

"صنع الله سبحانه وتعالى في خلقه وأوجد في كونه الخير والشر والحق والباطل، والصواب والخطأ، كما أن هذه المفاهيم موجودة في المجتمعات الإنسانية كافة لا تقتصر على مجتمع دون آخر ولا ثقافة دون أخرى، وقد عرفها الإنسان منذ بدء الخليقة حيث قتل قابيل أخاه هابيل لأمر من الأمور الدنيوية".

بهذه الكلمات قدَّم الدكتور أحمد كريمة العالم الأزهري أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر لنشأة التطرف وجماعاته وتنظيماته.

وأشار في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن الشرائع السماوية وكذلك التشريعات الوضعية الأرضية لم تسلم من الغلو الذي استمر في الظهور على مدى العصور الماضية بأشكال مختلفة وبدعوة تستند إلى ما يُعرف في التاريخ الديني بالخوارج وقميص عثمان الذي كان يرتديه الخليفة الراشد الثالث عثمان ابن عفان حين استشهد وعلقه الأمويون لتهييج مشاعر الناس. في حين كان خروج الخوارج على الخليفة الرابع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه تمهيدا لظهور الجماعات في الإسلام  وذلك بقولهم "إن الحكم إلا لله وليس لك يا علي" فكان رده عليهم بقولته المأثورة: كلمة حق يُراد بها باطل.

العصر الحالي

يتابع الدكتور كريمة أنّ التنظيمات المتطرفة في العصر الحالي كالقاعدة وطالبان والدواعش وبوكو حرام والنصرة وغيرها "تستند مرجعيتها جميعا إلى الفكر الوهابي نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذا الفكر المتشنج في العصر الحديث أو شبه الحديث والذي ظهر في شبه الجزيرة العربية".

ويضيف أن "الدعوة الوهابية للأسف فرّخت العنف الفكري بتكفيرها لكل من يخالفها في المبادئ والأجندات".

بحسب الدكتور كريمة، استنادا إلى نفس المبادئ ظهرت في القرن الماضي جماعة الإخوان المسلمين والذي قال مؤسسها حسن البنا إنها جماعة سلفية "وخرج عنها عام 1942 التنظيم الخاص ومهمته اغتيال المخالفين والذي تطور الآن إلى ما يُعرف باللجان النوعية للجماعة".

ويشير العالم الأزهري إلى أن "كل هذه الحركات والتنظيمات بدأت بالعنف الفكري التكفيري وتحولت إلى العنف المسلح واستحلت الدماء والأموال والأعراض، وقد أدت الاستهانة بمعالجة أفكار هذه الجماعات ومداواتها والاكتفاء بالمسكنات بالإضافة إلى دعم قوى مخابراتية عالمية لهذه التنظيمات في إطار مؤامرة ترمي إلى إنهاك المنطقة العربية واستنزاف مواردها أدي كل هذا إلى استشراء وانتشار هذه الجماعات والتنظيمات المتطرفة".

أربعة مرتكزات

يحدّد الدكتور كريمة العالم الأزهري أربعة مرتكزات يستند إليها داعش وكل التنظيمات المتطرفة في تبرير أفعالها وممارستها وهي:

أولا: التأويلات المغلوطة لبعض آيات القرآن الكريم.

ثانيا: اجتزاء بعض النصوص.

ثالثا: الركون إلى بعض الأخبار الضعيفة.

رابعا: الاستشهاد بأمور خلطوا بها بين الجهاد المشروع وبين الإرهاب وعملياته. فعلى سبيل المثال: يأمر أصحاب الأفكار المتطرفة الشباب المغرر بهم في العراق وسورية ولبنان واليمن وسيناء بقتل الكفار من المسلمين في هذه الدول واستخدام كل أنواع الأسلحة في قتلهم مستندين في ذلك إلى تفسير ظاهري للآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ) الآية ( 123) سورة التوبة.

والآية الكريمة لا تدل على ذلك إطلاقا فقد كان سبب نزولها تصدي المسلمين لقبائل اليهود المناوئة للدعوة الإسلامية، يضيف الدكتور كريمة، لكن الشباب المنتمي لهذه التنظيمات حين يسمع هذه التفسيرات المغلوطة لبعض آيات القرآن الكريم من قادة التطرف ينفذ تعليماتهم لجهله، فهو لم يدرس دلالات الألفاظ أو الفقه الإسلامي ولا يعرف درجات الأحاديث النبوية. فمعظم الذين جندتهم هذه الجماعات هم من العَوَام، وحتى بعض المنتسبين للعلم منهم أغراهم المال وأعماهم عن تدبر المعاني الصحيحة للنصوص الشرعية.

ويختتم الدكتور كريمة حديثه لموقع (إرفع صوتك) بالتأكيد على أن الأصل في الإسلام أنه دين وليس مذهباً، لكن المسلمين الآن يتعاملون مع الإسلام بثقافة وعقلية المذهب. وعزّز هذا التوجه غياب الحوار والمعالجات الدينية لقضية المذاهب إلى أن تحولت إلى طائفيات على حساب الدين تتناطح ولا تتصالح ويتعامل أصحاب كل مذهب مع الدين بنرجسية، فأتباع كل مذهب يظنون أنهم وحدهم دون غيرهم هم من يمثلون الإسلام.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

        

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".