الجزائر/وكالة الصحافة الفرنسية

الجزائر – بقلم أميل عمراوي:

"كان والدي إذا خاف علينا من رفاق السوء، يمنع علينا مصاحبتهم وانتهى الأمر، اليوم لا يمكن الاكتفاء بذلك".

بهذه العبارة ردّت السيدة وهبة ميجاديل في إجابتها لسؤال موقع (إرفع صوتك) يتعلق بالطريقة التي تحمي بها أبناءها من التأثر بأفكار متطرفة مثل التي تسوقها التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش.

وترى وهبة (52 سنة) أن المراهقين والشباب عموما أضحوا عرضة لتلك الأفكار بشكل رهيب خصوصا على وسائل التواصل الاجتماعي.

"إن من الطرق والوجهات ما يأخذ ولا يرد"، تقول في إشارة إلى أخطاء المراهقة التي لا تغتفر بل قد لا تبقي على حياة الشاب.

"أكثر ما يؤرقني عندما أرى نور غرفة ولديّ وسيم ونزيم مضيئة بعد منتصف الليل".

وتدرج أم التوأم وسيم ونزيم (19 سنة) جملة من الإشارات التي جعلتها تتخوف من الأول أكثر من الثاني على حد قولها.

"كان يسألني هل أعلم أن المسلمين يتمتعون بأفضلية عند الله!"، تتعجب المرأة قبل أن تضيف "وأن النقاب فرض على المرأة و ليس اقتداء".

أراقبه..

لكن الموضوع الذي أثّر في الأم وجعلها تخاف عليه أكثر من عواقب التطرف هو تكراره متابعته الأخبار المتعلقة بما يجري في سورية والعراق ليس عبر نشرات الأخبار بل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر.

"لقد أضحى مهتما حتى بما يجري في ميانمار التي لا أعرف حتى أين توجد على الخريطة"، تقول وهبة ثم تضيف "تصدق أنه كان يرى في بعض ما يقوم به داعش تطبيقا للشريعة؟".

وتروي السيدة كيف صدمت لموقف الابن حيال خبر إعدام امرأة على يد داعش بتهمة خيانة الزوجية حيث أكد أن ذلك من ضمن أحكام الشريعة التي "نتهاون في تطبيقها" في نظره.

وأوضحت المتحدثة أنها اضطرت لمنعه من استخدام الحاسوب في غرفته، درءا لما يمكن أن يؤثر فيه، معترفة بصعوبة مراقبة المراهقين الذين يتقنون التواصل الافتراضي أكثر من أوليائهم في كثير من الأحيان.

نقلت الوالدة الحاسوب إلى قاعة الجلوس حتى تتمكّن من مراقبته وسجّلت ابنها في نادي لكرة القدم. وتقول "الحمد لله بدأ ينشغل بأمور أخرى. بتّ مرتاحة نوعا ما".

وإذ تؤكد الأم وهبة أنها تحاول المحافظة على علاقتها طيبة مع ابنها، تقول إنّها كانت جد متخوفة عليه وتتساءل عن سبب تأثره بخلاف أخيه الذي "يحب سماع الموسيقى  والألعاب الافتراضية التي كان يراها الآخر مضيعة للوقت".

"كنت خائفة عليه"، تختم السيدة وهيبة حديثها لموقع (إرفع صوتك).

أريته قبر خاله.. فعاودته جادة الصواب

عبد حكيم مزود أب لثلاثة أبناء وبنات، الأكبر سنا يدرس في الجامعة والثانية تحضر لشهادة الباكالوريا والثالث يتابع الدراسة في مركز التكوين المهني ببرج بوعريريج شرق الجزائر.

يقول صاحب الــ57 عاماً لموقع (إرفع صوتك) إنّ ابنه الأخير جهيد (17 سنة) هو الوحيد الذي يتأثر بسرعة، و يأخذ مواقف صارمة بمجرد اقتناعه بفكرة ما "وهو ما جعلني أراقبه عن كثب أكثر من أخيه وأخته اللذين يهتمان بما يشغل أقرانهم من الشباب".

وينصح الرجل جميع الأولياء بمرافقة أبنائهم بوسائل التواصل الاجتماعي خصوصا أولئك الذين لا يملكون شخصيات قوية ويتأثرون بمجرد الحديث إليهم.

"أصبح يتحدث عن بن لادن وداعش ومواضيع من قبيل تاريخ المسلمين الأوائل والتمييز الديني أكثر من حديثه عن كرة القدم"، يقول الرجل، مضيفاً "سألته يوما عن سبب ابتعاده عن الملعب الجواري الذي كان يرتاده كثيرا، فقال لي أنه أضحى غير مهتم بتلك التفاهات!".

ويؤكد الرجل أن الشيء الذي استفزه هو قول ابنه جهيد له "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم" .

وما كان من الرجل إلا أن اصطحب ابنه لزيارة قبر خاله ليتذكر كيف سقط خاله جثة هامدة إثر كمين للإرهابيين سنة 1996 لأنه كان شرطيا أيام سنوات الدم. وهو ما أثّر في الولد الذي يؤكد عبد الحكيم أنه بدأ يعود أدراجه وأضحى كارها للتشدد الذي جعله يفقد خاله الذي لم يدركه حيا وكان ذلك، يقول عبد الحكيم، "كفيلا برده لجادّة الصواب".

"يكفي أن تريه أعقاب التشدد حتى يفهم بطريقة واضحة نتائج تلك الأفكار على المجتمع".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".