الأردن – بقلم صالح قشطة:
يلاحظ كثير من المتابعين للجرائم الإرهابية التي يرتكبها تنظيم داعش أنها عادة ما تكون جرائم مدروسة منظمة لا عبثية فيها. فكل عمل اجرامي وفعل إرهابي يرتكبونه، يحرصون على تبريره بدلائل من التاريخ والتراث الإسلامي، ويقرنون ما يقترفونه من جرائم بأفعال يدعون أن شخصيات إسلامية بارزة قد قامت بها سابقاً، وذلك بهدف إضافة الصبغة الشرعية لأفعالهم التي يرفضها العالم.
وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يشير الباحث في شؤون التقارب بين المذاهب والعيش المشترك بين أتباع الأديان الشيخ مصطفى أبو رمان، الذي عمل سابقاً في مديرية الإفتاء في القوات المسلحة الأردنية وفي وزارة الأوقاف، إلى الآية القرآنية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم)، التي يراها دعوة لقبول التنوع كضرورة من ضرورات الحياة.
نصوص بأكثر من تفسير
ويقول الشيخ "نصوص القرآن التي نسير عليها ونقرأها في كل يوم، وخصوصاً في الصلاة... نقول (الحمد لله رب العالمين)، وليس رب المسلمين فقط، فعندما نخرج عن هذا النص نكون قد عملنا على إقصاء ومصادرة وإلغاء الآخر، ويجب دائماً الانتباه إلى هذه النقطة".
وخلال حديثه يصف أبو رمان بعض النصوص القرآنية بأنها "حمّالة أوجه" أي قابلة للتفسير بأكثر من معنى. ويرى أن المنظمات الإرهابية تستخدم نصوصاً تحتمل وجهاً آخر من التفسير، لا سيَما في الآيات القرآنية التي تحتمل وجوهاً في القتال والدفاع، ويفسرونها بشكل يمكنهم من التسويق لإرهابهم بشكل شرعي.
بطلان داعش
ويستشهد أبو رمان على بطلان ما يأتي به تنظيم داعش بالحديث النبوي (يخرج ناس من قبل المشرق يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه)، مشدداً على أن الرسول سماهم بالمارقين، وهذا ما يراه منطبقاً على داعش اليوم، الذين يقول إن الإمام علي بن أبي طالب وصفهم بشعورهم الطويلة كشعور النساء، وثيابهم القصيرة، وقال إنهم يسمون أنفسهم بأسماء البلاد، كـ(البغدادي)، و(الزرقاوي).
ويشير خلال حديثه إلى استخدام بعض الأحداث التي قام بها الصحابة، والتي يستند لها تنظيم داعش كمبرر يضفي لإجرامهم الشرعية، كون ما يقومون به قام به أحد الرموز الدينية سابقاً. ويذكر قصة النزاع الذي دار بين خالد بن الوليد ومالك بن نويرة، الذي كان مسلماً وصحابياً أيضاً، لكنه ولأسباب سياسية رفض أن يدفع الزكاة. ويردف "ذهب خالد لقتاله وقطع رؤوس بعض من كانوا مع مالك، وجعلهم تحت القدور، وكان رأس مالك تحت قدره، ثم تزوج امرأة مالك بن نويرة قبيل انتهاء عدتها".
الصحابة يخطؤون
وانتبه أبو رمان إلى وجود عدد من الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تتذرع بما ورد عن بعض الصحابة لممارسة الإرهاب. ويأتي لمواجهة ذلك برأي قد يبدو غريبا على الفكر السائد اليوم، والذي يحكم على كل ما جاء في الإرث الديني والتقاليد التي جرت منذ مئات السنين على أنه حق يجب اتباعه. فيقول "إن الصحابة مع جلالة قدرهم ورفعة مكانتهم، إلّا أنهم بشر يخطؤون ويصيبون".
ويذكر أن "النبي في عهده يصوب من يخطأ منهم، ولكن من أخطأ بعد الرسول فمن يصوبه؟ هذه النصوص هي من الموروث، الذي يجب أن ننقح ديننا منه، فهذا صحابي فعل ذلك، وليس الإسلام من فعل ذلك".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659