مسجد في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية
مسجد في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية

صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

يلقي الدكتور علوي طاهر، 70 عاما، وهو أكاديمي وخطيب وعالم دين يمني بارز، باللائمة على وسائل الإعلام الغربية في إعطاء “فكرة مغلوطة” للمجتمعات المتحضرة عن الدين الإسلامي، وتعمد ربطه بالإرهاب من أجل “الحيلولة دون انتشاره”، على حد تعبيره.

ولا يستبعد الأكاديمي الجنوبي، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن تكون “داعش والقاعدة”، هي نتاج "عمل استخباراتي يستهدف الإساءة للإسلام كديانة ذات قيم ومبادئ سامية"، قائلاً إن هذه التنظيمات “تجهل الإسلام في حقيقته، وتصرفاتها شاذة يرفضها الإسلام”.

الفتوحات الدينية

لكن الصحافي اليمني والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل الصوفي، يرى أن المشكلة لدى جماعات الإسلام السياسي التي “تقوم على فكرة أن الدولة تحمي الدين وليس الدولة تحمي المواطنين، بمعنى حق الحكم باسم الدين وهي فكرة خطيرة وبحاجة إلى مراجعة عميقة وإقرار بالشرعية الوطنية”.

ويذهب الصوفي إلى أن “الدولة السعودية قامت على نفس الإرث الذي قام به داعش، وهو إرث الفتوحات الدينية، وكذلك جماعة أنصار الله (الحوثيين) يقومون على نفس الفكرة فكرة الحماية الدينية للدول، لكن في بقية العالم كان هناك الدولة الوطنية.. لكن خطورة داعش أنه لم يعترف بحدود مثل ما فعله عبد العزيز آل سعود”.

القانون

ويؤكد الصوفي، لموقع (إرفع صوتك)، الحاجة إلى حملة لتعريف الناس بالشريعة قائلاً “إن الشريعة في تعريفها هي حكم القانون وليس شريعة القرآن الكريم، بل هي القانون الذي استنبط من القرآن والسنة النبوية”.

وأعرب عن أسفه لتقديم الشريعة “كأنها حكم الله.. نحن بحاجة إلى تسليط الضوء حول هذا الأمر، نحن أمام مشكلة وطنية كبيرة...”.

العدو الأول

من وجهة نظره يعتقد الدكتور علوي طاهر أن “هناك خلل ووعي مزيف لدى الناس والمجتمع”، لكنه يرى أن من الخطأ الكبير ربط الإسلام بالإرهاب “لأن الإسلام بمبادئه السامية هو العدو الأول للإرهاب”.

“المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وهذا يتناقض تماماً مع ممارسات الجماعات الإرهابية على أرض الواقع”، يضيف الدكتور طاهر، الذي نشر أكثر من 16 كتاباً أبرزها كتاب بعنوان “وسطية الإسلام”، صدر عن دار الهيئة العامة للكتاب بصنعاء عام 2008.

العودة إلى التراث

وبشأن كيفية إمكانية معالجة إشكالية انتشار الجماعات الدينية من قبيل القاعدة وداعش، خصوصاً في جنوبي اليمن، يؤكد الصوفي أنه “لا يمكن معالجة ذلك بشكل جزئي، هذه الجماعات مثل المد والجزر”.

ويدلل على ذلك بالقول “نحن لدينا جماعة مركزية هي أنصار الله (الحوثيون) وخطابها ديني وهذا الخطاب الديني يستدعي كل الخطابات الدينية الأخرى كالسلفيين والإخوان المسلمين وغيرهم، إذن لا نستطيع معالجة جماعة لوحدها في هذا الموضوع”.

وأضاف نبيل الصوفي “نحن بحاجة ماسة إلى مناقشة فكرة الشرعية والشريعة، نقاش معتدل ليس علماني، بما في ذلك العودة إلى تراث الشاطبي وغيره من المراكز العلمية في الفقه الإسلامي.. يجب العودة إلى فكر هؤلاء الناس في النهاية، وتسليط الضوء عليه، لا أن نأخذ جزء منهم كما نقله مجموعة من المتطرفين وأعادوا تطبيقه وتعميمه للناس”.

نتائجها السلبية

من جانبه يحذر الدكتور علوي طاهر، من عواقب وخيمة على الدولة والمجتمع لانتشار حلقات دينية في مساجد مدينة عدن جنوبي غرب البلاد، تقوم بتدريس نوع من “الكتب الخاصة” التي ستأتي نتائجها السلبية خلال الأشهر أو السنوات القادمة.

“مثل هذه التصرفات هي التي ربطت الإرهاب بالإسلام”، أكد علوي طاهر، الذي عمل خطيباً في جامع الهاشمي بمديرية الشيخ عثمان في مدينة عدن منذ عام 1993، قبل أن يتم إبعاده عن المسجد، كما يقول من قبل جماعات متشددة مع بداية الحرب الأخيرة في البلاد في العام 2015.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".