الجزائر – بقلم أميل عمراوي:
حينما يتحدث إليك الشيخ أبو أسامة، يأخذك بعيدا عن صور التطرف الديني التي أضحت مرتبطة عن خطأ بالإسلام الذي لطخت صفاءه مشاهد الذبح والقتل التي تنشرها التنظيمات الإرهابية و في مقدمتها داعش.
لا يترك يدك وهو يلقنك حقيقة الدين كما "ورثناه عن السلف والأجداد" يقول أبو أسامة، إمام مسجد بولاية قسنطينة شرق الجزائر.
لا تغادر الابتسامة محياه وكأنه يضطلع بمهمة تسويق الصورة الصحيحة عن الإسلام بل عن جميع الأديان السماوية، يقول الإمام وطالب العلم – على حد تعريفه عن نفسه.
"المشكلة ليست في الدين بل في التفاسير التي غيرت من فحوى الرسالة الإلهية"، يؤكد الشيخ.
ويرى الرجل أنّ مظاهر التحريف التي ورثها المتشددون عن أسلافهم ممن تركوا جادة الصواب عديدة مثل مجاهدة النفس التي تحملها كلمة الجهاد والتي أضحت مطيّة للاعتداء على الآمنين من المسلمين وغير المسلمين وذلك كله بحجة الجهاد.
ناقشني فأجاز قتلي!
"أذكر كيف ناقشت مفهوم الجهاد مع أحد المتشددين وأنهى المحادثة معي بفتوى جواز قتلي لأنني من المحرفين كما قال الله".
ويقول الشيخ إن المتطرفين إنما يرثون الكراهية لتعلقهم بأمثلة من التاريخ الإسلامي الذي بالرغم من أنه حافل بالانجازات الحضارية أيام الأمويين والعباسيين على وجه التحديد إلا أنه "يحمل بعضا من صور التعدي على الآخر ومبدأ حرمة الدماء التي يصونها أي دين مصدره الله أرحم الراحمين".
ويؤكد المتحدث أن صور الاعتداء للمختلف باسم العقيدة منغمس في تاريخنا الإسلامي وأن كشف الغطاء عنه ومصارحة ذواتنا هو السبيل الوحيد لمعالجة أفكار التشدد السائدة اليوم.
كما يوضح الشيخ أبو أسامة أن الإجرام باسم الإسلام وجد مبررين له في كامل البلاد الإسلامية ليس في سورية والعراق فقط بل حتى في السودان حينما اغتصبت نساء وبنات دارفور لأنهن من إقليم علماني. "فهل من قاعدة في الفقه تجير ذلك؟"، يتساءل الإمام.
ويرفض الرجل اعتبار كتب الحديث مثل صحيحي البخاري ومسلم كتب قواعد دينية غير قابلة للنقاش لما تشمله من أقول وأفعال من سنة النبي محمد.
البخاري ليس معصوما
"أستغرب لنعت صحيح البخاري بأصح كتاب بعد القرآن. أيمكن فعلا أن يكون صحيحا لهذه الدرجة؟"، يتساءل الرجل ويؤكد أن "أغلب أحكام داعش العدوانية مستمدة من أحاديث ضمّنها البخاري في صحيحه، وهو أمر يستدعي التفكير لأن أغلب من يقول إنه أصح كتاب بعد القرآن متعاطف مع التنظيمات الإرهابية".
"علاقة التشدد بهكذا مراجع يجب أن تدرس إذا أردنا الحفاظ على إنسانية ديننا".
ويقول أبو أسامة إنه مهتم بما يؤول على أساس السنة لأن القرآن كان واضحا في أغلب آياته إلا القليل الذي لم يحظ بإجماع المفسرين، لكن السنة النبوية أصابتها بعض الزيادات التي كانت تستجيب في حقيقة الأمر لأهداف سياسية بحتة.
ويحيلنا أبو أسامة إلى كتاب "السلطة والعنف في التاريخ الإسلامي" للكاتب التونسي عبد اللطيف الحناشي الذي ناقش من خلال كتابه سماحة الإسلام في ظل المطبقين له استجابة لأغراض سياسية ودنيوية ضيقة معتمدين على مكانة الدين في صدور المسلمين.
وفي معرض حديثه، يذكرنا أبو أسامة بعهد الأمويين على سبيل المثال والذي عرف صورا عديدة من العنف.
"كان عقاب أحدهم يبدأ بالضرب وقد ينتهي بالقتل، كلٌ حسب خطيئته ومكانته الاجتماعية".
ثم يعقب أبو أسامة بالقول "وكل ذلك مرتبط بهدف إرغام الرعية على الطاعة ناهيك عن الأمم الأخرى من التي لا تعتنق الإسلام".
ويقترح أبو أسامة فتح دورٍ رسمية للتفسير والتفكر العميق في مصادر الأحكام وتأويلات القرآن لأن ذلك من شأنه "تجفيف منابع العنف".
ويختم الرجل حديثه لموقع (ارفع صوتك) بنداء لضرورة تقبل أخطاء السلف، والاعتبار منها ووضع كل البشر في نطاق "الإنسان" الذي قد يخطئ و قد يصيب لتهون الأفكار التي تؤدي بنا إلى قتل بعضنا البعض وإخواننا في الإنسانية.
"أخشى على النشء من أخطاء السلف"، يقول الشيخ.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659