مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
"دعوة الإسلام في جوهرها تُعلي مفهوم الإنسانية وتمهد الطريق لحياة سوية تجمع البشر ولا تفرقهم عبر نشر قيم الخير والتسامح والإصلاح وإشاعة الحب والعدل في المجتمع الإنساني".
الكلام للدكتور عبد المقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعضو الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، الذي يحاوره مراسل موقع (إرفع صوتك) حول القيم التي يدعو إليها الدين الإسلامي.
ما هي القيم الحقيقية للإسلام؟
كلمة قيم في اللغة العربية مفردها قيمة، وهي كل ما يعبر عن الشيء الثمين. وإذا أردنا أن نوجز القيم الحقيقية للإسلام في جملة واحدة فيمكننا القول إنها كل شيء يجلب الخير للفرد ويصب في مصلحته ومصلحة المجتمع. أمّا كل ما يضر بالإنسان في أي مجتمع فهو ليس من الإسلام، فقيم الخير والحب والجمال وكل ما يحض عليها هي من الإسلام وبالتالي كل ما يضاد هذه المعاني فهو ليس من الدين الإسلامي في شيء.
لكن هل يُظهر المسلمون هذه القيم كما يجب؟
نحن كمسلمين مقصرون تقصيراً شديداً في تبليغ ديننا إلى أنفسنا وإلى مجتمعاتنا الإسلامية قبل أن نكون مقصرين في الحديث عن الدين الإسلامي وقيمه الساميَة لغير المسلمين. فقليل منا من يعبر عن القيم الحقيقية للإسلام، وبالتالي إذا أردنا أن نكون مسلمين حقاً مراعين لله فلنلتزم بنشر قيم الإسلام التي تحمي الإنسان من كل الانحرافات الفكرية والسلوكية. فوالله الذي لا إله إلا هو لو أننا كمسلمين التزمنا بالقيم الحقيقية للإسلام وأصبحنا رمزاً للإسلام لساد السلم العالم كله ووجدنا أن الإسلام لا بد وأن ينتشر في كل أرجاء العالم.
ما الذي ينبغي على المسلمين فعله لإظهار هذه القيم؟
التمسك بفعل كل ما يؤدي إلى الخير ويجلب الحب ويحافظ على تماسك المجتمع، والابتعاد عن كل ما يأتي بالشر والكراهية. ولنعلم أن الله سيحاسبنا على ما نفعله في أمر ديننا. وأعطي لكم مثالا: ارتكب أحد العرب جريمة قتل تستوجب قتله إذا ما ثبتت عليه وحين سُلِّم لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب طلب الرجل فرصة ليخبر زوجته وأبناءه ويصلح أحوالهم ثم يعود ليُحاسب.. وطلب من الصحابي أبو ذر الغفاري أن يضمنه حتى يعود فضمنه أبو ذر مع علمه أنه سيقتل مكانه حال عدم عودته وفي اليوم المحدد عُقد المجلس من أجل أن يُؤخذ الثأر من أبي ذر. لكن ظهر الرجل فجأة فسأله أمير المؤمنين عمر ما الذي أتي بك وكنت تستطيع أن تفلت من العقاب؟
قال يا أمير المؤمنين خفت أن يُقال ذهب الوفاء بين الناس، فاتجه عمر إلى أبي ذر وسأله ما الذي حملك على أن تضمن هذا الرجل وأنت لا تعرفه؟ قال: خشيت أن يُقال انعدم المعروف بين الناس. وهنا نظر أبناء القتيل إلى قاتل أبيهم وقالوا يا أمير المؤمنين عفونا عنه. فسألهم عمر عن سبب عفوهم فقالوا: خفنا أن يُقال ذهب الحب والمعروف بين الناس.
وهذه القصة دليل على تمسك المسلمين بأخلاق الإسلام وقيمه الرفيعة.
هل استطاع التطرّف والجماعات الإرهابية تشويه قيم الإسلام؟
الإسلام ليس فيه تطرّف على الإطلاق، لكن فيه مسلم أو خارج عن الإسلام. فمن الخطأ أن نقول عن داعش أو غيرها أنهم مسلمون متطرفون فهم خارجون قطعا عن الإسلام، وبالتالي فكيف تشوه مثل هذه التنظيمات الإسلام؟ هم فقط يشوهون أنفسهم وهم جماعات خارجة قلباً وقالباً عن الإسلام.
كيف ينبغي على المسلم أن يتعامل مع الآخر انطلاقا من أخلاق الإسلام؟
بأن يجعل الحب عنواناً دائما له في حياته وأن يكون مبدؤه صلة الرحم وحفظ الأمانة وأن يتعامل بكل شيء طيب ليكون رمزاً للدين، فليس للمسلم شأن بعقيدة غيره انطلاقاً من قوله تعالى ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ الآية 6 من سورة الكافرون وأيضاً من قوله تعالى ﴿ ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (125) الآية 125 من سورة النحل، وأن يعلم أن من واجبه الحفاظ والدفاع عن حقوق الآخرين فالإسلام هو الدين الوحيد في العالم الذي استطاع أن يتعايش مع جميع الأديان من خلال الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659