المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
"لا سبيل لتحسين صورة الإسلام التي هزّتها أفعال داعش وما يرتبط به إلا بإعادة التفكير في ما يلتصق بديننا من تأويلات مجانبة للقيم التي جاء بها وإحياء ما اندثر منها"، هذا ما يراه الفقيه المغربي محمد سيد العربي.
ضريبة الابتعاد عن القيم
يعزو سيد العربي حالة الانقسام والضعف التي يعيشها العالم العربي والإسلامي اليوم إلى ابتعاد المسلمين عن القيم السمحة التي نادى بها الإسلام منذ القدم، لتحل محلها ظواهر غريبة أضرّت بصورته وبسمعة المسلمين في العالم كالتطرف والإرهاب.
ويضيف سيد العربي في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ عدم التقيد بمبادئ الإسلام الإيجابية أدّت ببعض المتشددين إلى إظهار أنفسهم كحامين للفضيلة ومحامين عن الإسلام بما يخدم هوى أفئدتهم، يفتون في عدم التشبه بالغرب ولو كان على حساب القيم الإنسانية، فصاروا ينفرون الناس من الدين عوض أن يحببوهم فيه بتطبيق تعاليمه السمحة، وإن كان ذلك أضعف الإيمان، يضيف المتحدث.
ويذهب المتحدث إلى القول إنّ المسلمين اليوم يؤدون ضريبة ثقيلة جراء تهميشهم لما أمر به دينهم من قيم فضلى تبتغي خدمة الإنسان، كالتمسك بالقيم الإسلامية الإيجابية والتحلي بالأخلاق الحسنة والقيم النبيلة في التعامل مع الآخر، وإعلاء كلمة الحق، بل صار العنف والتطرف سائدا في مجتمعاتنا بسبب ما تعيشه من أوضاع اجتماعية مزرية، بداية بسوء التربية والتعليم واستشراء الجهل والأمية.
أزمة قيم
أما الباحث المغربي في العلوم الاجتماعية عبد اللطيف بنعمر، فيرى أن إحياء القيم الإسلامية في المجتمعات العربية والإسلامية يصطدم بعدة حواجز أبرزها الانقضاض على ما يسمى بالحداثة بشكل غير مسبوق وغير مفهوم، "إذ يرى البعض أن التحرر وتقليد الآخر يجعل منه إنسانا حداثيا إذا ما تخلى عن كل ما يمت للقيم الإسلامية بصلة، حتى لا تلتصق بهم صفة التخلف".
ويضيف المتحدث لموقع (إرفع صوتك) أن الجميع يتحمل المسؤولية في انتشار مضادات القيم الإسلامية، من انحلال أخلاقي وتغاض عن التعامل وفق ما أمر به الإسلام من أخلاق ومعاملات فضلى، مشيرا إلى أن المتاجرين بالدين في السياسة أو في وسائل الإعلام يساهمون في النفور من الإسلام والتحلي بأخلاقه. "الإسلام بريء مما يدافع عنه بالمناصب، بل يحتاج إلى من يصحح صورته وينقيه مما علق به من شوائب".
ويشير إلى أن مجتمعاتنا "تعاني من غياب ثقافة القيم، فرغم تحضرها ورغم ما نشهده من تطورات في مختلف المجالات، إلا أن مجال القيم ما زال في تقهقر، فجولة في شارع وسط المدينة تعطيك صورة عن ما آل إليه حال قيم التضامن والتكافل بين المسلمين، حيث لا أحد يأبه لعشرات المكفوفين والمتسولين؛ مغاربة منهم ولاجئين".
تحسين صورة الإسلام
ولتحسين صورة الإسلام ونشر القيم الروحانية التي أمر بها، يقترح الفقيه المغربي أن يتم مواجهة المتشددين وأفكارهم الخطيرة التي تهدد الأمن الروحي للمسلمين، ووضع الرقابة على ما يتم تلقينه في المدارس من خطابات جافة لا تعتد بالقيم النبيلة، إضافة إلى تشجيع مبادرات التعايش وتقبل الآخر.
ويستشهد الفقيه المغربي بالإجراءات التي اتخذها المغرب مؤخرا والتي تهم تسوية وضعية المهاجرين الأفارقة ومنحهم حق الإقامة والعمل.
فرغم حاجة البلد لفرص العمل، يقول سيد العربي، إلا أن المغاربة تقبلوا المبادرة ودعموها لإحساسهم بالحاجة إلى التعايش ونبذ العنصرية.
الاهتمام بالتراث اليهودي وحماية الأقليات المسيحية في المغرب مبادرات تشجع على التعايش والعيش المشترك، حسبما يرى سيد العربي. "فمنذ مدة لم يكن مسيحي مغربي يتجرأ على الإعلان عن مسيحيته، وكان اليهودي يستحيي من إظهار ديانته نظرا لما يلاقيه من إعراض وتشويه من طرف المسلمين. إلا أن ذلك أصبح متجاوزا بفضل ثقافة التعايش التي أًصبح المغاربة يؤمنون بها".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659