غوتيريش خلال إلقاء كلمته
غوتيريش خلال إلقاء كلمته

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس لا تكفي لوقف تمدد "الإرهاب" في غرب أفريقيا.

وقال في افتتاح مؤتمر حول التصدي للإرهاب في أفريقيا يستمر يومين: "للأسف نحن نشهد تقدما للإرهاب".

وأوضح غوتيريش: "الأمور بدأت في مالي ثم امتدت إلى بوركينا فاسو والنيجر، والآن عند الحديث مع رؤساء غانا وبنين وتوغو وساحل العاج يقولون إن الإرهاب قد بلغ حدود بلادهم".

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بـ"مبادرات تذهب أبعد من مجموعة دول الساحل الخمس".

وقال إن قادة دول غرب أفريقيا يدركون "الحاجة إلى رد جماعي أكثر حزماً وأن يجد المجتمع الدولي آليات تسمح بدعم كامل".

وأبدى غوتيريش أسفه لعدم تمكّنه من تلبية طلب دول المجموعة (مالي والنيجر وبروكينا فاسو وموريتانيا وتشاد) إدراج قوّتها المشتركة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ويتيح الفصل السابع فرض عقوبات واستخدام القوة. ومن شأن تفعيله أن يسهّل تمويل القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل وتحويلها إلى قوة تابعة للأمم المتحدة.

ورغم إطلاق تعهّدات بتقديم المبالغ المالية اللازمة لتمويل القوة وقوامها خمسة آلاف جندي، إلا أن الأموال لم تؤمن بعد.

وشنّت القوة على مدى عامين مجموعة عمليات من دون أي تأثير فعلي على الأرض.

خارطة تزداد تعقيدا

يوجد في أفريقيا ما يربو عن 64 جماعة إرهابية تحتضن أكثر من 10 آلاف مقاتل.

ورغم أن أقوى التنظيمات تتركز في شرق القارة (حركة الشباب في الصومال) وغربها (بوكو حرام في نيجيريا)، إلا أن دولا أخرى عرفت تزايدا مكثفا للنشاط الإرهابي في الآونة الأخيرة، مثل الكونغو (وسط أفريقيا) ومالي والنيجر وتشاد (منطقة الساحل).

ففي نيسان/ أبريل الماضي، تبنى داعش أول هجوم من نوعه في الكونغو وأعلن قيام "ولاية وسط أفريقيا". وبعد شهر ونصف، أعلنت الكونغو انضمامها للتحالف الدولي لتصبح العضو رقم 80. ويعاني شرق هذا البلد من وجود أكثر من 100 ميليشيا مسلحة.​

​​ونشر تنظيم داعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة، فيديوهات بيعات جديدة لمقاتلين من مالي وبوركينا فاسو. وهي البيعات التي باركها أبو بكر البغدادي في أول ظهور له منذ سنة 2014.

وفي شريط الفيديو نفسه، أشاد البغدادي بأبي الوليد الصحراوي زعيم داعش في منطقة الصحراء الكبرى. ونشر إعلام داعش المركزي لأول مرة صورة لمقاتلين من هذا الفرع، رغم أن بيعة الصحراوي لداعش تعود إلى أيار/مايو 2015، أي قبل أربع سنوات.

وفرع داعش في الصحراء هو المسؤول عن الهجوم على دورية مشتركة أميركية نيجرية في منطقة تونغو تونغو (جنوب غرب النيجر)، والذي أسفر عن مقتل أربعة جنود أميركيين في تشرين الأول/ أكتوبر 2017.

وفي بداية العام الجاري 2019، أعلن فرع الصحراء اختطاف وقتل الجيولوجي الكندي كيرك وودمان شمال شرق بوركينا فاسو.​

​​وإضافة إلى داعش، ينشط تنظيم القاعدة بكثافة في منطقة الصحراء وغرب أفريقيا. وفي آذار/ مارس 2018، أعلنت أربع حركات جهادية في منطقة الساحل توحيد جهودها في تحالف جديد باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". ويعد هذا التكتل ​أكبر تحالف في منطقة الساحل مرتبط بتنظيم القاعدة. ويقوده إياد غالي، وهو طوارقي يتزعم جماعة أنصار الدين.

وعلى الأرض، ارتفعت حوادث العنف المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش في بوركينا فاسو من 24 عام 2017 إلى 136 عام 2018. ويُعتقد أن القاعدة تجند أكثر من 800 مقاتل هناك، بينما يجند فرع داعش نحو 300.

وقال معهد أفريقيا للدراسات الإستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الأميركية، إن السنوات السبع الأخيرة شهدت نموا مضطردا في نشاط الجماعات الإرهابية في أفريقيا بأكثر من ثلاثة أضعاف (310%)، فقد انتقل عدد "الأنشطة العنيفة" التي تورطت فيها جماعات مسلحة متطرفة من 675 عام 2010 إلى ما يناهز 2770 عام 2017.

​​وخلفت هذه الهجمات أزيد من 10 آلاف قتيل، أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع سنة 2010 التي خلفت 2674 قتيلا.

​​​وفي السنوات العشر الأخيرة، استهدف قرابة 500 هجوم المصالح الغربية وحدها.

وشملت هذه الاعتداءات مواقع تجمعات الأجانب مثل الفنادق والمطاعم، ومنشآت الطاقة والمعادن والبنية التحتية التي يديرها أجانب، والسياح والمقيمين الأجانب، وكذا المؤسسات الحكومية والدولية مثل السفارات والقنصليات.

وللتصدي للنشاط المتزايد للجماعات الإرهابية، أعلنت خمس دول أفريقية، وهي مالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد وموريتانيا، في شباط/ فبراير 2017، تشكيل قوة مشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي. وتعهد المجتمع الدولي بدعمها.

داعش والقاعدة تتعاونان

على عكس السياسة الرسمية لتنظيم داعش، لا يتردد فرعه في الصحراء الكبرى في التعاون مع الجماعات الجهادية الأخرى بما فيها تنظيم القاعدة.

وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، العام الماضي، قال ناطق باسم داعش في الصحراء إن "إخوتنا إياد آغ غالي والمجاهدين الآخرين يدافعون مثلنا عن الإسلام".

وأضاف أنه تنظيمه سيتعاون مع باقي التنظيمات "لمكافحة الكفار"، في إشارة إلى القوات المشتركة لدول الساحل الأفريقي.

وقال المتحدث، الذي أطلق على نفسه اسم عمار، "سنقوم بكل ما بوسعنا لمنع تمركز قوة دول الساحل الخمس".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".