مليار دولار على مدى خمس سنوات. هذه هي خطة أفريقيا لمكافحة الإرهاب.
أُعلن عن الخطة، في نهاية الأسبوع، في قمة عاجلة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، احتضنتها عاصمة بوركينا فاصو واغادوغو.
وشارك في القمة، إضافة إلى أعضاء المجموعة الخمسة عشر، كل من موريتانيا وتشاد، وهما عضوان في مجموعة دول الساحل الخمس، والمغرب والسعودية والإمارات.
وتغطي المدة الزمنية للخطة من 2020 إلى 2024.
ويوجد في أفريقيا أكثر من 64 تنظيما إرهابيا. ورغم أن أقواها تتركز تاريخيا في شرق القارة (حركة الشباب في الصومال) وغربها (بوكو حرام في نيجيريا)، إلا أن منطقتي الوسط (الكونغو أساسا) والساحل (مالي، النيجر، تشاد..) شهدتا ارتفاعا مضطردا للنشاط الإرهابي في الفترة الأخيرة.
الإرهاب يتقدم
يتوقع أن تعرض خطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للمصادقة النهائية في قمة أبوجا المقبلة بنيجيريا في شهر ديسمبر.
وتقوم الخطة على تأسيس صندوق مشترك لتمويل العمليات العسكرية، سواء الخاصة بالدول أو المشتركة، وعلى التعاون الاستخباراتي وتنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب.
لكن، رغم الخطة الجديدة، تعول "إيكواس" على دعم المجتمع الدولي.
بيان القمة الأخير طالب الأمم المتحدة بتوسيع مهام بعثتها لحفظ السلام في مالي لجعلها "قادرة على التصدي للإرهاب".
وجاء في البيان، شديد اللهجة، أن "المجتمع الدولي هو المسؤول عن الأزمة الليبية" وأنه "لا يمكن للمجتمع الدولي غض الطرف وعليه تحمّل مسؤولياته"، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وسبق أن قدمت مجموعة دول الساحل طلبا مشابها. واقترحت إدراج قوّتها المشتركة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وكان من شأن ذلك أن يسهّل تمويل هذه القوات وتحويلها إلى قوة تابعة للأمم المتحدة. لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أبدى افتتاح مؤتمر حول التصدي للإرهاب في أفريقيا، في يوليو الماضي، أسفه لعدم تمكّنه من تلبية طلب دول مجموعة الساحل.
واعترف حينها غوتيريش أن الإرهاب يتقدم في أفريقيا. وقال: "الأمور بدأت في مالي ثم امتدت إلى بوركينا فاسو والنيجر، والآن عند الحديث مع رؤساء غانا وبنين وتوغو وساحل العاج يقولون إن الإرهاب قد بلغ حدود بلادهم".
وينشط في أفريقيا أكثر من 10 آلاف مقاتل ينتمون لداعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فقط.
وخلال الأشهر الماضية، نشر تنظيم داعش فيديوهات تظهر مقاتلين في عدد من الدول الأفريقية يعلنون بيعتهم لزعيمه أبي بكر البغدادي، كما أعلن قيام "ولاية وسط أفريقيا".
أما تنظيم القاعدة، فأعلنت أربع حركات مرتبطة به في مارس 2018 توحيد جهودها في تحالف جديد باسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"
ويعد هذا التكتل أكبر تحالف "جهادي" في منطقة الساحل. ويقوده إياد غالي، وهو طوارقي يتزعم جماعة أنصار الدين.
وعلى عكس السياسة الرسمية للتنظيمين مركزيا، لا يتردد فرعا القاعدة وداعش في بعض الدول الأفريقية في التعاون. ففي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، العام الماضي، قال ناطق باسم داعش في الصحراء إن "إخوتنا إياد آغ غالي والمجاهدين الآخرين يدافعون مثلنا عن الإسلام".
وشدد أن تنظيمه سيتعاون مع باقي التنظيمات.
وقال معهد أفريقيا للدراسات الإستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الأميركية، إن السنوات السبع الأخيرة شهدت نموا مضطردا في نشاط الجماعات الإرهابية في أفريقيا بأكثر من ثلاثة أضعاف، فقد انتقل عدد "الأنشطة العنيفة" من 675 عام 2010 إلى ما يناهز 2770 عام 2017.
وخلفت هذه الهجمات أزيد من 10 آلاف قتيل، أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع سنة 2010 (2674 قتيلا).
العقبة الكبرى: التمويل
يعوق نقص التمويل بشدة جهود التصدي للإرهاب في أفريقيا.
وستطلب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اعتبار النفقات الأمنية لجهود مكافحة الإرهاب "بمثابة استثمارات"، كما ستعتمد على هبات المانحين العرب والغربيين.
ولجمع بلغ مليار دولار المطلوب، كلفت "إيكواس" لجنتها التنفيذية بتحديد مساهمات الدول الأعضاء.
وخلال الفترة الماضية، أعاق ضعف التمويل جهود القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل التي تأسست سنة 2014 بدعم من فرنسا.
وبلغ تعداد هذه القوات أربعة آلاف عنصر بدلا من خمسة آلاف كما كان مقررا. وهي تعاني أيضا من ضعف التدريب والتجهيز.
وشنّت قوات مجموعة الساحل على مدى عامين مجموعة عمليات من دون أي تأثير فعلي على الأرض.
وتأتي الجهود الأفريقية لمكافحة الإرهاب في وقت خفضت فيه القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا قواتها بـ10 في المئة. وينتظر أن تجري تخفيضا ثانيا بـ10 في المئة بحلول صيف سنة 2020.