السلطات الأميركية رصدت خمسة ملايين دولار لمعلومات تؤدي إلى اعتقال جهاد سيروان مصطفى
السلطات الأميركية رصدت خمسة ملايين دولار لمعلومات تؤدي إلى اعتقال جهاد سيروان مصطفى

جهاد سيروان مصطفى، مواطن أميركي يبلغ من العمر 38 عاما. خلف الصورة البريئة لشاب أشقر وسيم، بشعر بني وعينين زرقاوين، يقف أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم.

هو في الواقع على رأس قائمة الإرهابيين الأميركيين المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

في السابق، كان جهاد يقيم في مدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا. أما اليوم، فيعيش في الصومال في حضن حركة الشباب. ويعتقد أنه زار خلال السنوات الماضية اليمن، وأثيوبيا، وكينيا، ودولا أفريقية أخرى منذ أن غادر أميركا سنة 2005.

منذ أواخر العام الماضي، تحث الحكومة الأميركية الخطى للإيقاع به. "يُعتقد أن مصطفى هو الأميركي الأعلى رتبة في صفوف تنظيم إرهابي في الخارج "، يقول روبرت بروير، وهو مدع عام في ولاية كاليفورنيا.

توجد صورة مصطفى على الصفحة الرئيسية لموقع برنامج "مكافآت من أجل العدالة" الذي وضعته وزارة الخارجية الأميركية للتبليغ عن إرهابيين في مختلف أنحاء العالم. وترصد أميركا خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو قتله.

السلطات الأميركية رصدت خمسة ملايين دولار لمعلومات تؤدي إلى اعتقال جهاد سيروان مصطفى

في سنة 2010، توبع مصطفى للمرة الأولى لفراره من الولايات المتحدة قبل خمس سنوات (ديسمبر 2005). ولاحقا، وسعت لائحة الاتهام لتشمل التآمر والالتحاق بتنظيم إرهابي وتقديم الدعم المادي له. وهي تهم تورط فيها الشاب الأميركي على ما يبدو بين مارس 2008 وحتى فبراير 2017.

يقول برنامج "مكافآت من أجل العدالة" إن جهاد سيروان مصطفى، ويعرف أيضا باسم أحمد جوري وأنور الأميركي وأمير أنور، "قام بأداء وظائف مختلفة لحركة الشباب، بما في ذلك القيام بدور مدرب مخيم التدريب وأحد قادة المقاتلين الأجانب. وهو أيضا ماهر في الأنشطة الإعلامية للجماعة".

ويقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه قيادي في "قسم المتفجرات" التابع للحركة، حيث يتهم بتطوير فعالية أجهزة متفجرة بغرض مهاجمة المصالح الأميركية وقواعد جنودها في المنطقة.

شبكة فوكس نيوز تقول، بناء على مصادر خاصة، إن دور جهاد سيروان مصطفى أعمق من ذلك.

"يوجد جهاد في الصومال حاليا، وهو قريب جدا من دائرة القرار في حركة الشباب، خاصة جهازها الاستخباراتي "أمنيات" وإحدى فرقها المتخصصة في المتفجرات"، يؤكد مسؤول مخابرات أفريقي لفوكس نيوز.

ويضيف: "جهاد يقدم المشورة مباشرة لقيادة الشباب في القضايا المتعلقة بالاستراتيجية والعلاقات الدولية وتهريب المواد المتفجرة والاستيراد والإنتاج الإعلامي واستهداف الجمهور".

في الصومال، يعيش مصطفى مع ثلاث زوجات و16 ابنا تحت حماية رجال أمن الحركة. وتعتقد أجهزة المخابرات أنه يعيش في منطقة جوبا الوسطى التي تخضع بالكامل للشباب. "إنه واحد من أكثر المقاتلين الأجانب ثقة في حركة الشباب، ويحظى بحماية أكثر من غيره من المجموعة"، يقول المسؤول الأمني الأفريقي.

وقال مصدر لفوكس نيوز إن جهاد سيروان مصطفى كاد يتعرض للاعتقال قبل سنتين، لكنه نجا في النهاية ولم يصب بأذى. في المقابل، رفض متحدث رسمي من مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على هذه القضية.

ولد مصطفى نهاية سنة 1981 في ولاية ويسنكسون، قبل أن ينتقل إلى كاليفورنيا، حيث درس في الجامعة وحصل على شهادة في الاقتصاد. لكن أشهرا قليلة بعد تخرجه، رحل إلى اليمن وعمره لا يتجاوز 23 عاما.

في اليمن التي وصلها سنة 2005، ربط مصطفى علاقات بتنظيمات جهادية وجهاديين قادمين من الدول الغربية، قبل أن يتنقل بين عدد من الدول الأفريقية ليقبل ضيافة حركة الشباب في الأخير.

في أميركا، فاجأ تطرفه الكثيرين، بمن فيهم أولئك الذين كانوا يصلون إلى جانبه عادة. يقول مدير المركز الإسلامي المحلي في سان دييغو طه حسان إنه لم تكن تراودنه أدنى الشكوك في الشاب الأميركي.

"كان جهاد في كثير من الأحيان يتجول مع الشباب الآخرين"، يتذكر حسان. ويضيف: "صدمت تماما عند رؤيته صورته في الأخبار واسمه مرتبط بالإرهاب".

والده، حليم مصطفى غبوري، من أصول كردية سورية، توفي سنة 2018 بسبب مشاكل في القلب على ما يبدو، وفق ما روى أصدقاء للعائلة لفوكس نيوز. وكان محبطا جدا لرحيل ابنه إلى أفريقيا للالتحقاق بجماعة متطرفة.

أما أمه سمية، فتشتغل مدرسة. وقد عملت في عدة دول وفي ولايات مختلفة في أميركا أيضا.

وتحكم حركة الشباب التي انضم إليها جهاد سيروان مصطفى مناطق عدة في الصومال، وكانت في السابق تمثل الجناح العسكري لمجلس المحاكم الإسلامية الصومالية.

وبعد انشقاقها عن مجلس المحاكم، وواصلت حركة الشباب تمردها العنيف في جنوب ووسط الصومال. وأعلنت مسؤوليتها عن عدة تفجيرات، بما في ذلك هجمات انتحارية في مقديشو وفي وسط وشمال الصومال.

في شهر فبراير 2012، أعلنت حركة الشباب بيعتها للقاعدة.

وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة الشباب على قائمة الإرهاب في فبراير 2008.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".