من اليمين: محمد إموازي (الجهادي جون)، الشفيع الشيخ، ألكساندا كوتي، وآيني ديفيس.
من اليمين: محمد إموازي (الجهادي جون)، الشفيع الشيخ، ألكساندا كوتي، وآيني ديفيس.

قضت محكمة فيدرالية أميركية بالسجن مدى الحياة على الشفيع الشيخ، أحد أعضاء خلية "البيتلز" التابعة لتنظيم داعش، والمتهمة باحتجاز وتعذيب وقتل رهائن غربيين.

خلال الإعلان عن الحُكم، وصف توماس سيلبي إيليس قاضي المحكمة سلوك الشيخ بأنه "مروع وهمجي ووحشي وقاس، وبالطبع إجرامي"، لذا حرمه من إمكانية الاستفادة من أي عفوٍ في المستقبل.

المحاكمة التي جرت لأرفع عنصر في تنظيم "داعش" استقبلته الأراضي الأميركية. قرّرت مصير العضو الثالث من تلك الخلية الإرهابية التي لطالما أثارت اهتمام الإعلام الغربي لكون جميع أفرادها بريطانيين تولّوا مهام التعامل مع الأجانب مثل الصحفيين وعمال الإغاثة الدوليين.

في العام 2018 قالت "أسوشيتد برس"، إن الخلية احتجزت أكثر من 20 رهينة غربية في سوريا، وأصبحت معروفة بوحشيتها في تعذيب الأسرى، كما أنها قطعت رؤوس العديد من الصحفيين الأميركيين والبريطانيين واليابانيين.

لاحقًا، تبيّن أن أعداد الضحايا تفوق تلك التقديرات.

 

من هُم أعضاء خلية البيتلز؟

 

تشكّلت تلك الخلية من 4 أفراد، هم: الشفيع الشيخ (بريطاني من أصول سودانية)، والذي صرّحت أمه لوسائل الإعلام أنه كان شخصًا عاديًا يشجع كرة القدم ويقضي وقتًا مرحًا مع أصدقائه، حتى أتت اللحظة التي غيرت حياته بعدما حُكم على شقيقه بالسجن 10 سنوات، وهو الأمر الذي "قاده للتطرُّف".

لاحقًا، اكتشفت الأم أن ابنها بات يتردد على مسجد يقع غرب لندن اشتهر إمامه بآرائه المتشددة، التي اشتملت الدعوة إلى "الجهاد" وأهمية "الموت بِاسم الله".

ثاني أعضاء الخلية هو محمد إموازي الذي اشتهر بلقب "الجهادي جون". وكان يظهر كثيرًا خلال فيديوهات ذبح الرهائن ما منحه شهرة عالمية، وقد قُتل في غارة أميركية على سوريا عام 2015.

عضو الخلية الثالث هو ألكساندا كوتي (بريطاني من أصول غانية)، وضعته وزارة الخارجية على لائحة "الإرهابيين العالميين" في يناير 2017. لا تتوفّر معلومات كثيرة حول نشأة "كوتي" إلا أنه اعتاد التردد على مسجد كان يذهب إليه "الذبّاح جون".

وكشفت الشرطة الإنجليزية أن علاقة صداقة ما جمعت "كوتي" و"الشيخ" خلال وجودهما في لندن، فشاركا معًا في إحدى التظاهرات المدافعة عن المسلمين عام 2011، حيث جرى اعتقالهما ثم أُفرج عنهما دون توجيه أي اتهامات. وفي 2015، جرّدت بريطانيا "كوتي" و"الشيخ" من جنسيتيهما.

العنصر الرابع والأخير هو آيني ديفيس، الذي جرى اعتقاله داخل مطار لوتون يقع شرقي لندن بعد رحلة إلى تركيا. ويخضع الآن لمحاكمة بريطانية تتعلّق بالاتهامات الموكلة إليه بالإرهاب وتعذيب الرهائن الأجانب في سجون داعش.

اتُّهم أعضاء تلك الخلية باختطاف 27 شخصًا من أميركا وبريطانيا وأوروبا ونيوزيلندا، أشهرهم الصحفيان الأميريكيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف.

سجّل مقاتلو داعش عملية ذبح "فولي" ونشروا مقطع فيديو عبر الإنترنت في أغسطس 2014 حمل عنوان "رسالة إلى أميركا".

أحد الرهائن الذي أسر على أيدي أعضاء تلك الخلية، هو دانيال ري دنماركي الجنسية، الذي أُفرج عنه. كتب لاحقًا أنه ذات يوم تعرّض لـ25 ركلة في ضلوعه مرة واحدة بواسطة "الشيخ".

وكذلك، قال ريكاردو جارسيا، المصور الإسباني الذي سجنه داعش لمدة 6 أشهر حتى أُطلق سراحه عام 2014، إنه تعرّض للتعذيب في السجن على أيدي رجال مقنّعين لهجتهم بريطانية.

إتقان أفراد الخلية اللغة الإنجليزية بلكنة بريطانية منحهم اسم "البيتلز"، وهي فرقة روك بريطانية شهيرة حققت نجاحًا كبيرًا خلال فترة الستينات، وتُعتبر إحدى أشهر الفرق الغنائية في التاريخ.

 

مصير أعضاء الخلية

 

في عام 2018، اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية "الشفيع" و"كوتي" ثم سلّمتهما إلى القوات الأميركية في العراق. لاحقًا، نُقلا إلى أميركا حيث خضعا للمحاكمة التي اعترفا فيها بارتكاب ثماني تهم تتعلق بالخطف والتعذيب وقطع رؤوس الرهائن الأجانب في سوريا.

وخلال المحاكمة، اعترف الداعشيان بدورهما في عملية اختطاف عاملة الإغاثة الأمريكية كايلا مولر، التي خُطفت ثم قُتلت في سوريا عام 2015.

كشف "الشيخ" أيضا أنه حصل على البريد الإلكتروني لعائلة "كايلا" وحاول ابتزازها من أجل الحصول على 5 ملايين دولار مقابل الإفراج عن ابنتها. واعترف كذلك بأنه كان يضرب الصحفي الأميركي جميس فولي خلال فترة احتجازه، وهو ما فعله أيضًا مع باقي السجناء.

وكان حُكم بالسجن على "كوتي" مدى الحياة في أبريل الماضي، وهو ذات المصير الذي ناله الشافعي عقب الحُكم الذي صدر بحقه منذ عدة أيام.

تعليقًا على هذا الحُكم، قال بول أبات مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إن قرار المحكمة الأميركية سيشكّل تحذيرًا لـ"أولئك الذين يقتلون أو يصيبون مدنيينا بجروح بأنهم لا يمكنهم الاختباء إلى الأبد".

وبهذا لم يعد متبقيًا، دون إدانة قضائية على جرائمه، من أفراد تلك الخلية إلا آيني ديفيس، الذي سُجن في تركيا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية. وفي 2014، كانت زوجته أمل الوهابي أول شخصٍ في بريطانيا يُدان بتهمة تمويل تنظيم داعش عقب محاولتها تزويده بـ20 ألف يورو خلال وجوده في سوريا. وخلال جلسات المحاكمة اكتشف المحققون أن ديفيس كان يعمل تاجرًا للمخدرات قبيل سفره وانضمامه إلى داعش.

تم ترحيل ديفيس من تركيا بعد 7 سنوات من السجن، واعتُقل بمجرد وصوله، ويمثل الآن أمام محكمة بريطانية بدأت جلساتها للنظر في الاتهامات الموجّهة إليه.

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".