قضت محكمة فيدرالية أميركية بالسجن مدى الحياة على الشفيع الشيخ، أحد أعضاء خلية "البيتلز" التابعة لتنظيم داعش، والمتهمة باحتجاز وتعذيب وقتل رهائن غربيين.
خلال الإعلان عن الحُكم، وصف توماس سيلبي إيليس قاضي المحكمة سلوك الشيخ بأنه "مروع وهمجي ووحشي وقاس، وبالطبع إجرامي"، لذا حرمه من إمكانية الاستفادة من أي عفوٍ في المستقبل.
المحاكمة التي جرت لأرفع عنصر في تنظيم "داعش" استقبلته الأراضي الأميركية. قرّرت مصير العضو الثالث من تلك الخلية الإرهابية التي لطالما أثارت اهتمام الإعلام الغربي لكون جميع أفرادها بريطانيين تولّوا مهام التعامل مع الأجانب مثل الصحفيين وعمال الإغاثة الدوليين.
في العام 2018 قالت "أسوشيتد برس"، إن الخلية احتجزت أكثر من 20 رهينة غربية في سوريا، وأصبحت معروفة بوحشيتها في تعذيب الأسرى، كما أنها قطعت رؤوس العديد من الصحفيين الأميركيين والبريطانيين واليابانيين.
لاحقًا، تبيّن أن أعداد الضحايا تفوق تلك التقديرات.
من هُم أعضاء خلية البيتلز؟
تشكّلت تلك الخلية من 4 أفراد، هم: الشفيع الشيخ (بريطاني من أصول سودانية)، والذي صرّحت أمه لوسائل الإعلام أنه كان شخصًا عاديًا يشجع كرة القدم ويقضي وقتًا مرحًا مع أصدقائه، حتى أتت اللحظة التي غيرت حياته بعدما حُكم على شقيقه بالسجن 10 سنوات، وهو الأمر الذي "قاده للتطرُّف".
لاحقًا، اكتشفت الأم أن ابنها بات يتردد على مسجد يقع غرب لندن اشتهر إمامه بآرائه المتشددة، التي اشتملت الدعوة إلى "الجهاد" وأهمية "الموت بِاسم الله".

ثاني أعضاء الخلية هو محمد إموازي الذي اشتهر بلقب "الجهادي جون". وكان يظهر كثيرًا خلال فيديوهات ذبح الرهائن ما منحه شهرة عالمية، وقد قُتل في غارة أميركية على سوريا عام 2015.
عضو الخلية الثالث هو ألكساندا كوتي (بريطاني من أصول غانية)، وضعته وزارة الخارجية على لائحة "الإرهابيين العالميين" في يناير 2017. لا تتوفّر معلومات كثيرة حول نشأة "كوتي" إلا أنه اعتاد التردد على مسجد كان يذهب إليه "الذبّاح جون".
وكشفت الشرطة الإنجليزية أن علاقة صداقة ما جمعت "كوتي" و"الشيخ" خلال وجودهما في لندن، فشاركا معًا في إحدى التظاهرات المدافعة عن المسلمين عام 2011، حيث جرى اعتقالهما ثم أُفرج عنهما دون توجيه أي اتهامات. وفي 2015، جرّدت بريطانيا "كوتي" و"الشيخ" من جنسيتيهما.
العنصر الرابع والأخير هو آيني ديفيس، الذي جرى اعتقاله داخل مطار لوتون يقع شرقي لندن بعد رحلة إلى تركيا. ويخضع الآن لمحاكمة بريطانية تتعلّق بالاتهامات الموكلة إليه بالإرهاب وتعذيب الرهائن الأجانب في سجون داعش.
اتُّهم أعضاء تلك الخلية باختطاف 27 شخصًا من أميركا وبريطانيا وأوروبا ونيوزيلندا، أشهرهم الصحفيان الأميريكيان جيمس فولي وستيفن سوتلوف.
— IrfaaSawtak ارفع صوتك (@IrfaaSawtak) August 11, 2022
سجّل مقاتلو داعش عملية ذبح "فولي" ونشروا مقطع فيديو عبر الإنترنت في أغسطس 2014 حمل عنوان "رسالة إلى أميركا".
أحد الرهائن الذي أسر على أيدي أعضاء تلك الخلية، هو دانيال ري دنماركي الجنسية، الذي أُفرج عنه. كتب لاحقًا أنه ذات يوم تعرّض لـ25 ركلة في ضلوعه مرة واحدة بواسطة "الشيخ".
وكذلك، قال ريكاردو جارسيا، المصور الإسباني الذي سجنه داعش لمدة 6 أشهر حتى أُطلق سراحه عام 2014، إنه تعرّض للتعذيب في السجن على أيدي رجال مقنّعين لهجتهم بريطانية.
إتقان أفراد الخلية اللغة الإنجليزية بلكنة بريطانية منحهم اسم "البيتلز"، وهي فرقة روك بريطانية شهيرة حققت نجاحًا كبيرًا خلال فترة الستينات، وتُعتبر إحدى أشهر الفرق الغنائية في التاريخ.
مصير أعضاء الخلية
في عام 2018، اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية "الشفيع" و"كوتي" ثم سلّمتهما إلى القوات الأميركية في العراق. لاحقًا، نُقلا إلى أميركا حيث خضعا للمحاكمة التي اعترفا فيها بارتكاب ثماني تهم تتعلق بالخطف والتعذيب وقطع رؤوس الرهائن الأجانب في سوريا.
وخلال المحاكمة، اعترف الداعشيان بدورهما في عملية اختطاف عاملة الإغاثة الأمريكية كايلا مولر، التي خُطفت ثم قُتلت في سوريا عام 2015.
كشف "الشيخ" أيضا أنه حصل على البريد الإلكتروني لعائلة "كايلا" وحاول ابتزازها من أجل الحصول على 5 ملايين دولار مقابل الإفراج عن ابنتها. واعترف كذلك بأنه كان يضرب الصحفي الأميركي جميس فولي خلال فترة احتجازه، وهو ما فعله أيضًا مع باقي السجناء.
وكان حُكم بالسجن على "كوتي" مدى الحياة في أبريل الماضي، وهو ذات المصير الذي ناله الشافعي عقب الحُكم الذي صدر بحقه منذ عدة أيام.

تعليقًا على هذا الحُكم، قال بول أبات مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إن قرار المحكمة الأميركية سيشكّل تحذيرًا لـ"أولئك الذين يقتلون أو يصيبون مدنيينا بجروح بأنهم لا يمكنهم الاختباء إلى الأبد".
وبهذا لم يعد متبقيًا، دون إدانة قضائية على جرائمه، من أفراد تلك الخلية إلا آيني ديفيس، الذي سُجن في تركيا بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية. وفي 2014، كانت زوجته أمل الوهابي أول شخصٍ في بريطانيا يُدان بتهمة تمويل تنظيم داعش عقب محاولتها تزويده بـ20 ألف يورو خلال وجوده في سوريا. وخلال جلسات المحاكمة اكتشف المحققون أن ديفيس كان يعمل تاجرًا للمخدرات قبيل سفره وانضمامه إلى داعش.
تم ترحيل ديفيس من تركيا بعد 7 سنوات من السجن، واعتُقل بمجرد وصوله، ويمثل الآن أمام محكمة بريطانية بدأت جلساتها للنظر في الاتهامات الموجّهة إليه.