صور
صورة أرشيفية للبريطانية شميمة بيغوم

قالت صحيفة الغارديان إن البريطانية شميمة بيغوم الملقبة بـ"عروس داعش"، التي جردت من جنسيتها لسفرها إلى سوريا والانضمام لتنظيم "داعش"، تم تهريبها بواسطة "جاسوس كندي"، وإن الأجهزة الأمنية الكندية "تسترت عليه".

واتهم كتاب جديد بعنوان " التاريخ السري للعيون الخمس " لريتشارد كيرباج، الحكومة الكندية "بحجب معلومات بشأن مكان وجودها، بينما كانت الشرطة البريطانية تسرع البحث عنها دوليا".

و"Five Eyes"، تحالف استخباراتي لتبادل المعلومات بين بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.

وذكر الكتاب أن الاستخبارات الكندية لم تعلم بتجنيد بيغوم في "داعش" إلا بعد أربعة أيام من مغادرتها بريطانيا، عندما كانت قد عبرت بالفعل الحدود إلى سوريا. 

وكانت الفتاة جُردت من جنسيتها البريطانية، عام 2019، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، بعد أن غادرت المملكة المتحدة إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم "داعش"، في 2015، عندما كانت في سن 15 عاما.

وتوسلت بيغوم، العام الماضي، السماح لها بالعودة إلى بريطانيا، مؤكدة أنها لم ترتكب جريمة سوى "الحماقة".

وغادرت بيغوم في 2015 المملكة المتحدة مع صديقتين، وتزوجت هناك من متشدد في تنظيم "داعش"، من أصل هولندي، يكبرها بثماني سنوات.

وأرادت الشابة العودة إلى بلدها لتطلب استرداد جنسيتها البريطانية، لكن المحكمة العليا رفضت ذلك.

وقالت الشابة، البالغة حاليا 22 عاما، في مقابلة سابقة: "أنا على استعداد للمثول أمام القضاء ومواجهة الأشخاص الذين أطلقوا هذه المزاعم ودحضها لأنني أعلم أني لم أفعل شيئا في (تنظيم) داعش سوى أن أكون أما وزوجة".

وتعيش بيغوم حاليا في أحد معسكرات اللاجئين في شمال سوريا، يخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وقد أنجبت ثلاثة أطفال ماتوا جميعا وهم صغار.

ومن المقرر أن تتقدم بيغوم بطلب جديد أمام لجنة استئناف الهجرة الخاصة في نوفمبر المقبل، وفق الغارديان.

وقال الكتاب إن رجلا يدعى محمد الراشد التقى بيغوم، وصديقتين في المدرسة، هما كاديزا سلطانة، وأميرة عباسي، اللتان كانتا بعمر 16 عاما في ذلك الوقت، في محطة حافلات بإسطنبول لتسهيل رحلتهن إلى سوريا.

ووصف الكتاب الراشد بأنه "عميل مزدوج"، وقال إنه أطلع كندا على تفاصيل جواز سفر بيغوم، وقد هرب عشرات آخرين من بريطانيا للقتال مع "داعش".

وقال مؤلف الكتاب إن الشرطة البريطانية كانت قد علمت بدور عميل كندي مزدوج في تهريب الفتيات إلى خارج بريطانيا، بينما "التزمت كندا الصمت حيال هذه المزاعم، ولجأت إلى الشيء الوحيد الذي يحمي جميع وكالات الاستخبارات، بما في ذلك تلك الموجودة في العيون الخمس، من الإحراج المحتمل: السرية".

وقال كيرباج لصحيفة الغارديان: "لقد تستر الكنديون على هذا الأمر لمدة سبع سنوات". وأضاف: "أعتقد أن التستر أسوأ من الجريمة من نواح كثيرة هنا لأنك تتوقع من وكالات الاستخبارات البشرية تجنيد أعضاء الجماعات الإجرامية والجماعات الإرهابية".

وقال كرباج: "أعتقد أنهم شعروا أنه من الأفضل عدم مناقشة هذا لأنه لايزال هناك رهائن بريطانيون وغربيون آخرون في أراضي داعش... كان هناك قلق من أنهم في نفس الوقت الذي يحاولون فيه الوصول إلى "داعش"، إذا علم عناصر التنظيم أن أحدهم قد انكشف أمره، وكان يعمل في الاستخبارات الكندية، فإن ذلك قد يجلعهم يشعرون بالذعر ويقطعون الرؤوس".

وقالت تسنيمي أكونجي، محامية عائلة بيغوم، إن الراشد بصفته أحد أصول الاستخبارات الغربية كان "شخصا من المفترض أن يكون حليفا، يحمي شعبنا، بدلا من الاتجار بالأطفال البريطانيين في منطقة حرب".وأضافت: "يبدو أن جمع المعلومات الاستخباراتية قد حظي بالأولوية على حساب حياة الأطفال".

ويزعم الكتاب أنه في عام 2013، قبل عامين من نقل الفتيات إلى سوريا، ذهب الراشد إلى السفارة الكندية في الأردن لتقديم طلب لجوء، وأبلغته كندا أنه قد يحصل على جنسيتها إذا جمع معلومات عن أنشطة "داعش".

وقال إنه التقط صورا لجوازات سفر أولئك الذين هربهم إلى التنظيم، بحجة الحاجة إلى بطاقات هوية لشراء تذاكر سفر، لكنه أرسلها إلى عميل في جهاز الاستخبارات الكندية بسفارتها في الأردن.

وذكرت الصحيفة أن السلطات التركية اعتقله بعد أيام من تسهيل رحلة "عروس داعش" وصديقتيها، وأنه أبلغ السلطات أنه جمع معلومات عن كل من ساعدهم لمشاركتها مع السفارة الكندية في الأردن.

وفي حديثها عن راشد، قالت بيغوم في بودكاست على هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) من المقرر أن يتم بثه قريبا: "لقد نظم الرحلة بأكملها من تركيا إلى سوريا.. لا أعتقد أن أي شخص كان سيتمكن من الوصول إلى سوريا دون مساعدة المهربين".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".