حسب الادعاء الأميركي، دفعت لافارج قرابة 6 ملايين دولار لتنظيمي داعش والنصرة حتى تستمر في تشغيل مصنعها في حلب.
حسب الادعاء الأميركي، دفعت لافارج قرابة 6 ملايين دولار لتنظيمي داعش والنصرة حتى تستمر في تشغيل مصنعها في حلب.

اعترفت شركة الأسمنت الفرنسية "لافارج" أمام محكمة أميركية بتقديم أموالٍ إلى تنظيم "داعش" خلال فترة تمدّده في الأراضي العراقية والسورية.

وبموجب هذا الاعتراف، عُوقبت الشركة بغرامة باهظة قُدّرت قيمتها 777.8 مليون دولار بسبب تعاونها مع التنظيم المتطرف.

واعتبر بريان بيرس المدعي العام في مقاطعة بروكلين بنيويورك التي استضافت جلسات محاكمة الشركة، أن الملايين التي دفعتها الشركة إلى التنظيمات الإرهابية استُعملت لـ"تجنيد الأعضاء وشن حرب على الحكومات وتنفيذ عمليات إرهابية وحشية عبر العالم، بما فيها عمليات استهدفت مواطنين أميركيين. كل ذلك جرى من أجل مواصلة بيع الإسمنت".

وبدورها، قالت ليزا موناكو نائبة المدعي العام إن ما قامت به "لافارج" دلالة جديدة على "درجة الانحدار التي وصلت إليها جرائم الشركات".

لافارج في سوريا

 

في عام 2010، افتتحت الشركة مصنعًا في قرية الجلبية أقصى شرق حلب، بعدما اشترته قبل 3 سنوات، واستثمرت فيه 860 مليون دولار، ما اعتُبر واحدا من أكبر الاستثمارات الأجنبية في سوريا حينها، وكان بداية لتدشين فرع الشركة في سوريا، الذي عُرف بِاسم "لافارج إس إي".

وبحسب تحقيق نشرته "نيويورك تايمز"، عن أنشطة لافارج في سوريا، فإن "لافارج" اشترت ذلك المصنع بالشراكة مع رجل الأعمال السوري فراس طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، والذي تمتّع بعلاقاتٍ وثيقة مع الرئيسين بشار الأسد ووالده حافظ الأسد.

أمّنت هذه الشراكة لـ"لافارج" الحصول على حليف محلي يتمتّع بنفوذٍ عالٍ في سوريا يُمكنه إنهاء كافة تراخيص العمل وأي إجراءات بيروقراطية أخرى بسهولة، ما بشّر بأن استثماراتها في سوريا سريعًا ما ستعود عليها بالكثير من الأرباح.

عقب اندلاع الحرب في سوريا، قرّرت الشركة الاستمرار في أنشطتها التجارية خلافًا لموقف أغلب الشركات الغربية التي فضلت الانسحاب من مناطق القتال في سوريا.

وضَعَ هذا القرار استثمارات الشركة على خطوط التماس مع التنظيمات الإرهابية التي نجحت في الاستيلاء على حلب، ما جعل "لافارج" تلجأ إلى التعاون مع الإرهابيين كي لا تضيع استثماراتها هباءً. وبموجب اتفاق سري، دفعت لافارج أموالا لتنظيمي داعش والنصرة، ليتمكن مصنعها من مواصلة نشاطاته، وتحقق قرابة 70 مليون دولار من العائدات بين عامي 2013  و2014.

ووفقا لـ"نيويورك تايمز"، فإن ذلك التعاون لم يضمن أمانًا دائمًا للعمال. فما بين عامي 2012 و2014 خطف المتطرفون ما لايقل عن 10 عمّال لدى الشركة، وهي أفعال وضعت العاملين لدى الشركة تحت ضغط تهديدات المسلحين.

وكشف بعض العاملين في "لافارج" للصحيفة الأميركية، أنهم كانوا يتعرضون لإطلاق الرصاص في طريقهم للمصنع، لكنهم كانوا مضطرين للسير في ذات الطريق يوميًّا كيلا تُحاسبهم الشركة على الغياب.

تتهم شركة إريكسون بتقديم رشاوى لتنظيم داعش مقابل استمرار عملها في العراق.
"نفقات غير عادية في العراق".. القصة الكاملة لاتهام إريكسون بتمويل داعش
في عملية الاختطاف تلك، هدّد قيادي داعشي موظفي الشركة بمنحه ملايين الدولارات وإلا سيفجر مقاتلوه مكاتبها ويهدمون أبراجها، وهو ما استجابت له إريكسون بعد أسابيع من المفاوضات، ليبدأ المال السويدي بالتدفّق على داعش بدءًا من عام 2014.

وبحسب بيان صادر عن وزارة العدل الأميركية، فإن "لافارج" كانت تدفع لـ"داعش" 750 ليرة سورية عن كل طن إسمنت تبيعه مقابل اتّخاذ إجراءات بحقِّ منافسيها مثل منع بيع الإسمنت التركي المستورد، ما سمح لها بالانفراد بالسوق ومن ثم رفعت أسعارها فحقّقت المزيد من الأرباح.

وحسب ماثيو أولسن، مساعد المدعي العام الأميركي، قامت لافارج "بتحويل ما يقرب من ستة ملايين دولار من المدفوعات غير المشروعة إلى اثنتين من أكثر المنظمات الإرهابية شهرة في العالم - داعش وجبهة النصرة في سوريا - في الوقت الذي كانت فيه هذه الجماعات تقوم بمعاملة المدنيين الأبرياء بوحشية في سوريا وتخطط بنشاط لإلحاق الأذى بالأميركيين".

في النهاية، لم يدم هذا الوفاق بين الطرفين بعدما أقدم مسلحو داعش على الاستيلاء على المصنع أواخر عام 2014 لينهوا بذلك وجود الشركة الفرنسية في سوريا. لكنّهم خلّفوا وراءهم فضيحة مالية لم يكن من السهل أبدًا إنهاؤها حتى بعد مرور العديد من السنوات على ارتكابها.

 

انكشاف الفضيحة

 

في عام 2017، اتّهمت منظمات حقوقية فرنسية -منظمة شيربا والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ثم انضمت إليهما لاحقًا منظمة "كريدو"- عملاق الإسمنت الفرنسي بدفع 12.79 مليون دولار للجماعات الإرهابية في سوريا مقابل السماح له بالاستمرار في أعماله. ليس هذا وحسب، وإنما أكدت المنظمات أن "لافارج" كانت تزوّد "داعش" بالإسمنت، كما كانت تدفع لفصائل إرهابية أخرى لتزويدها بما تحتاج إليه من مواد خام.

لاحقا، نشرت صحيفتا "لوموند" و"ليبراسيون" العديد من التقارير التي جعلت لافارج محطَّ أنظار الشارع الفرنسي، وألمحت الصحيفتان الفرنسيتان، إلى أن قيادات هامة في الدولة كانت على علم بأنشطة المصنع مثل قادة المخابرات وحتى الرئيس الفرنسي حينها فرانسوا هولاند.

على وقع تلك الاتهامات، أطلقت الشركة تحقيقًا داخليًّا أكّد تقديم رشى للمنظمات الإرهابية في سوريا. على إثر تلك التحقيقات تقدّم إيريك أولسون أحد المدراء التنفيذيين لـ"لافارج" باستقالته عام 2017، وكذلك استقال سعد صبّار رئيس مجلس إدارة "لافارج" من منصبه في ذات العام.

وسريعا، دخل القضاء الفرنسي خط الأحداث، فبدأ ينظر مجموعة من القضايا المرفوعة من منظمات غير حكومية وموظفين سابقين في "لافارج" ضد الشركة.

اتُّهم برونو بيشو وفريديريك جوليبو، وهما مديران سابقان لفرع الشركة في سوريا، وكذلك مدير أمن المجموعة جان كلود فيار، بـ"تمويل شركة إرهابية" و"تعريض حياة الآخرين للخطر". بعدها، جرى توجيه اتهام لبرونو لافون رئيس مجلس الإدارة والمدير العام السابق للمجموعة (2007-2015)، وإريك أولسن المسؤول عن الموارد البشرية في ذلك الوقت، ونائب المدير التشغيلي السابق كريستيان هيرو، ليصل مجموع كوادر الشركة الذين لُوحقوا قضائيًا 8 أفراد.

وفي مايو الماضي، أدانت محكمة الاستئناف الفرنسية الشركة بتهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية"، وهو ما مثّل سابقة تاريخية إذ لم تُحاكم أي شركة فرنسية من قبل على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

لم يضع هذا القرار حدًّا لإنهاء ملاحقة الشركة قضائيًّا، بل ازداد موقفها صعوبة حينما وصل الأمر إلى ساحات المحاكم الأميركية.

 

دعم الإرهاب مقابل بيع الإسمنت

 

وبحسب الادعاء الأميركي، فإن فرع "لافارج" في سوريا دفع لتنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" 5.92 ملايين دولار للسماح لها بالاستمرار في تشغيل المصنع وتوفير الحماية لعمّاله،. ووفقًا للادعاء الأميركي فإن مديري "لافارج" برّرو دفع تلك الأموال بأنها أمر أشبه بدفع "الضرائب" للحكومات المحلية مقابل تسيير الأعمال.

ووفقًا لما نشرته وزارة العدل الأميركية، فإن مديري الشركة حاولوا عدم توريط اسم "لافارج" في أي تعاملات مع الإرهابيين، فحرصوا على عدم ذِكر اسم الشركة في أي وثيقة، كما استعمل كلٌّ منهم بريده الإلكتروني الشخصي بدلاً من بريد الشركة خلال المباحثات بشأن كمِّ الأموال اللازم تمريره للإرهابيين، ودبّروا العديد من الفواتير المزيّفة لتبرير إنفاق هذه الأموال. رغم ذلك فإن كل هذه الإجراءات لم تُجنّب الشركة الفضيحة.

منذ عام 2015، صار مصنع حلب جزءًا من الكيان الاقتصادي الجديد الذي نشأ عقب اندماج "لافارج" الفرنسية و"هولسيم" السويسرية وحمل اسم "لافارج هولسيم". لذا حرصت "هولسيم" على تبرئة نفسها من كافة هذه الأحداث معتبرةً أن تلك الإجراءات كانت مجهولة تمامًا لمجلس إدارتها عند الاندماج بين الشركتين عام 2015.

هذا التبرؤ من الذنب لم تكن "لافارج" قادرة على الإتيان بمثله، فعقب صدور القرار القضائي الأميركي بإدانتها أصدرت بيانًا أكّدت فيه "اعترافها بالذنب بتهمة تقديم دعم مالي لمنظمات إرهابية في سوريا منذ أغسطس 2013 حتى أكتوبر 2014".

وأعربت الشركة عن "ندمها الشديد" على ما حدث، مُعتبرة أن سياسات مديريها التنفيذين بهذا الخصوص هي "خرق سافر" لأخلاقيات الشركة.

بموجب هذا الاعتراف، وافقت الشركة على مصادرة 687 مليون دولار من أموالها، وكذلك دفع غرامة بقيمة 90 مليون دولار.

فور الإعلان عن هذا الاتفاق عُلق التداول مؤقتًا في أسهم مجموعة "هولسيم" في البورصة السويسرية مع توقّعات أن تحقّق الشركة خسائر متفاقمة خلال الأيام المقبلة.

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".