ما يزال 38 معتقلا رهن الاحتجاز في غوانتانامو، بينهم 5 يواجهون تهما مرتبطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ما يزال 38 معتقلا رهن الاحتجاز في غوانتانامو، بينهم 5 يواجهون تهما مرتبطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

يدخل معتقل غوانتانامو عقده الثالث، ويبدو أن الولايات المتحدة مصممة على وضع حد لمسار قضائي معقد واكب فتح هذه المنشأة القابعة أقصى جنوب شرقي كوبا، حيث ما يزال 38 معتقلا رهن الاحتجاز، تم توجيه الاتهامات إلى 10 منهم فقط، بينهم 5 يواجهون تهما مرتبطة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

 

جدل قانوني مزمن

 

منذ إنشاء معتقل غوانتانامو في 2002، لم يتوقف النقاش القانوني حوله. بدأ ذلك بقرار من الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش اعتبار معاهدة جنيف غير سارية على معتقلي الحرب على الإرهاب. لذا، كانت الحكومة الأميركية في حاجة إلى البحث عن صيغة قانونية بديلة للتعامل معهم.

في سنة 2006، وصلت العقول المدبرة لهجمات 11 سبتمبر إلى غوانتانامو. واجه النزلاء الجدد تهما خطيرة قد تقودهم إلى الإعدام. لكنهم أيضا حملوا معهم اتهامات للمحققين الأميركيين بإخضاعهم للتعذيب وسوء المعاملة ضمن برنامج استجواب بالغ القسوة (برنامج "أساليب الاستجواب المعزز" الذي وافقت عليه إدارة الرئيس بوش). كان ذلك بمثابة الانتكاسة الأولى التي عرقلت مسار العدالة.

في مستهل فترة رئاسته، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإغلاق غوانتنامو وجلب المتهمين إلى محاكم أميركية "انسجاما مع قيم العدالة وحقوق الإنسان التي تأسست عليها الولايات المتحدة". ووقع أمرا تنفيذيا بذلك في يناير 2009. لكن طموحات الرئيس الأميركي انهارت أمام الخلافات السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والمعارضة الشرسة التي جوبه بها قراره التنفيذي والتي توجت بقانون من الكونغرس يحظر على معتقلي غوانتنامو دخول الولايات المتحدة؛ فقُطع بذلك الطريق على مساعي جلب المتهمين للمثول أمام محاكم فيدرالية.

في مايو 2012، وجه المدعي العام في المحكمة العسكرية في غوانتانامو الجنرال مارك ماتنز الاتهام رسميا لخمسة معتقلين بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر، وهم: خالد الشيخ محمد، رمزي بن الشيبة، عمار البلوشي، وليد بن عطاش، ومصطفى الهوساوي. اتهموا جميعا بالإرهاب والتآمر والاعتداء على مدنيين والجرح العمد والقتل وانتهاك قانون الحرب والتدمير وخطف طائرات. وسيواجهون في حال إدانتهم أحكاما قد تصل إلى الإعدام. وقد ورفضوا في الجلسة المخصصة لقراءة لوائح الاتهام التعاون مع المحكمة العسكرية واعتبروها غير شرعية.

وعلى مدار السنوات الماضية، تواصلت المحاكمات وجلسات الاستماع التي يشرف عليها قضاة اللجان العسكرية. وتعثرت الإجراءات أكثر من مرة لأسباب سياسية أو لوجيستية، آخرها تعليق الجلسات مدة 17 شهرا بسبب جائحة كورونا.

طالب محامو المتهمين مرارا بتسلم الوثائق والملفات المتعلقة بالمتهمين الخمسة، بما في ذلك تفاصيل الاستجواب المثير للجدل وحيثيات الاعتقال وملفاتهم الطبية ومقابلة الشهود الذين أشرفوا على تطبيق تقنيات الاستجواب المعزز. وقال المحامون إن كثيرا من الاعترافات التي أدلى بها المتهمون انتزعت تحت التعذيب. وهي الاتهامات التي رد عليها المدعون العامون بالقول إن لوائح الاتهام مبنية على تحقيقات أجراها ضباط من مكتب التحقيقات الفيدرالي وصلوا إلى غوانتنامو في 2007، وأن عملهم تم وفق مقتضيات القانون وفي احترام تام لحقوق الانسان.

 

صفقة الإقرار بالذنب

 

على مدار 20 سنة من إنشاء معتقل غوانتانامو، وعلى الرغم من أن نزلاءه وصل عددهم يوما إلى 800 معتقل فإن المحاكم العسكرية لم تتمكن من إدانة سوى 8 معتقلين 6 منهم نتيجة اتفاقية إقرار بالذنب. وقد بات كثير من الخبراء، ممن لهم اطلاع واسع على الطبيعة المعقدة لقضايا معتقلي غوانتانامو، يؤمنون أن اتفاقيات الإقرار بالذنب هي السبيل الوحيد لطي هذه الصفحة نهائيا.

في مقال مطول نشره موقع "بوليتيكو"، يؤكد لي ولوسكي -وهو خبير قانوني عمل سابقا مبعوثا خاصا للرئيس الأسبق باراك أوباما لإغلاق معتقل غوانتانامو، ومستشارا خاصا للرئيس جو بايدن- أن الطريق المنطقي الوحيد للخروج من مسار التعثر هو إبرام اتفاقيات إقرار بالذنب مع المتورطين في هجمات 11 سبتمبر وتفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول في خليج عدن، تفضي إلى سجنهم مدى الحياة.

ورغم اعترافه أن حلا كهذا لن يلقى ترحيبا شعبيا، لأنه لا يجب إبرام صفقات من أي نوع مع الإرهابيين، إلا أن ولوسكي يقول إنه كفيل بحل جوانب كثيرة مستعصية من هذا الملف. ودعا الخبير القانوني الحكومة الأميركية إلى الكف عن الاعتقاد أن بوسعها إدانة المتهمين الخمسة بالإعدام، وذلك نتيجة الخروقات التي اكتنفت احتجازهم في البداية. وشدد على أن أي اتفاق من هذا النوع يجب أن يتم بتنسيق مع عائلات الضحايا. وتجدر الاشارة إلى أن ولوسكي هو أيضا عضو في مكتب محاماة رافع عن ماجد خان المعتقل في غوانتانامو ومثل أيضا بعضا من عائلات الضحايا.

في مارس الماضي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة عن وجود محادثات تسوية بين الادعاء العام ودفاع خالد الشيخ محمد وباقي المعتقلين الأربعة المتهمين بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر في محاولة للوصول إلى اتفاق إقرار بالذنب مقابل إسقاط أحكام الإعدام.

الصيغة المحتملة للاتفاق قد تمنح أملا لإدارة بايدن لطي صفحة غوانتانامو، وذلك بتحويله إلى سجن عسكري يقضي فيه بضعة رجال أقروا بالذنب مدة محكوميتهم. ومن المتوقع أن تستغرق النقاشات فترة من الوقت، تتنقل خلالها فرق الدفاع والادعاء العام إلى خليج غوانتانامو للاجتماع بالمتهمين. وقد أعد الدفاع وموكلوهم الخمسة لائحة أولية بالمطالب تضمنت إلغاء عقوبة الإعدام. وأكد المدعي العام كلايتون تريفيت لمحامي الدفاع أن صفقة الإقرار بالذنب يمكن أن تسري على جميع المتهمين الخمسة.

 

فيتو العائلات

 

عبر كثير من الناجين من هجمات 11 سبتمبر وعائلات الضحايا عن خيبة أملهم من صفقات الإقرار بالذنب، حيث يمكن أن يستغلها المتهمون للنجاة من عقوبة الإعدام.

في تصريح لشبكة سي بي سي نيوز، قالت ديبرا بورلنجيم، وهي شقيقة شارلز بورلنجيم الطيار الذي ارتطمت طائرته بمبنى البنتاغون صبيحة 11 سبتمبر؛ إنها غاضبة عندما علمت أن صفقة إقرار بالذنب يجري التفاوض بشأنها. وشددت على أن عائلات الضحايا غاضبة لأنها لا تريد إغلاق الملف فقط، بل تريد العدالة.

ويمكن للناجين وعائلات من قضوا في الهجمات الضغط لوقف اتفاقيات ما قبل المحاكمة، وانتظار سنوات أخرى من الإجراءات المعقدة على أمل صدور حكم قضائي في النهاية. لكن هذا ما ترفضه أيضا عائلات أخرى باتت مقتنعة أن المسار القضائي العادي لم يعد ممكنا بالنسبة للضالعين في الهجمات.

منظمة "عائلات ضحايا 11 سبتمبر من أجل غد يعمه السلام"، وهي عبارة عن تجمع من الناجين وأقارب الضحايا، ترى أن السبيل الوحيد لتحقيق العدالة هو من خلال صفقات إقرار بالذنب مقابل إسقاط أحكام الإعدام، مع تعهد المتهمين بعدم استئناف الأحكام.

ويعتقد هذا التجمع، الذي يتمتع بصلاحية عضو مراقب لحضور جلسات اللجان العسكرية في غوانتانامو، ويرسل ممثليه إلى جلسات الاستماع منذ 2015، أن الاتفاق مع المتهمين الخمسة على الإقرار بالذنب يجب أن يمكن العائلات من مواجهتهم وطرح الأسئلة عليهم بخصوص دوافعهم، وماذا حدث بالضبط ذلك اليوم، وأيضا إمكانية اللجوء الى شهادتهم في قضايا ذات صلة مثل تلك التي رفعتها عائلات الضحايا ضد المملكة العربية السعودية بدعوى أن لها دورا ما في الهجمات.

اللافت أن منظمة "ضحايا عائلات 11 سبتمبر من أجل غد يعمه السلام" ناشدت الحكومة الأميركية من خلال موقعها الإلكتروني إطلاق سراح المعتقل الباكستاني في غوانتانامو ماجد خان. وكان خان وقع في 2012 اتفاقية إقرار بالذنب، وحكم عليه بعشر سنوات سجنا، وقد انتهت محكوميته قبل فترة. ورأت المنظمة أن إبقاءه قيد الاعتقال يقوض المناقشات الجارية مع المتهمين الخمسة.

 

عناد المتهمين

 

لم تتضح بعد رسميا طبيعة المطالب التي سيتقدم بها المتهمون الخمسة كشرط للاعتراف بالذنب. لكن يبدو أنها لن تكون مجرد قبول بتخفيض العقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد.

لقد طالب بعضهم بالفعل بأحكام أقل، بدعوى أنهم غير متورطين في الهجمات بنفس الدرجة. وزعم بعضهم أنه لم يكونوا على علم مسبق بالمؤامرة، وهم يرفضون أيضا ترحيلهم إلى سجن فيدرالي خصوصا سجنADX Florence  شديد الحراسة في ولاية كولورادو حيث يقضي السجناء حوالي 23 ساعة في زنازين انفرادية. وقد سبق للمتهمين أن طالبوا، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بإبقائهم في غوانتانامو، حيث بإمكانهم تناول الطعام وأداء الصلاة بشكل جماعي، حسب نيويورك تايمز.

في المقابل، تسعى عائلات الضحايا إلى توظيف المتهمين في القضايا المرفوعة ضد السعودية من خلال الإدلاء بشهادات حول مدى وجود تعاون بين الخاطفين وبين جهات رسمية سعودية. وهو مطلب قد لا يرحب به المتهون على الإطلاق، ما يعني تحول المناقشات إلى لعبة شد حبل لا يعرف أحد إلى ماذا ستفضي. لكنها بالتأكيد ستعرقل مساعي الإدارة الأميركية لإغلاق معتقل يشكل إحراجا شديدا لها، وستلتهم مزيدا من أموال دافعي الضرائب الأميركيين التي ناهزت حتى الآن حوالي 6 مليارات دولار منذ 2002.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".