بعد فترة حكم أولى بين 1996 و2001، عادت طالبان إلى حكم أفغانستان مرة أخرى وسط مخاوف من انتشار التطرف وانتهاكات حقوق الإنسان
بعد فترة حكم أولى بين 1996 و2001، عادت طالبان إلى حكم أفغانستان مرة أخرى وسط مخاوف من انتشار التطرف وانتهاكات حقوق الإنسان

أعادت فقرات حول الوهابية كتبها القيادي البارز في حركة طالبان عبد الحكيم حقاني، في كتابه "تتمّة النظام في تاريخ القضاء في الإسلام"،  إحياء الجدل مجدداً بين أنصار تنظيم "القاعدة" حول طبيعة العلاقة مع طالبان والموقف الذي يجب اتخاذه إزاءها.

هاجم حقّاني في الكتاب الدعوة الوهابية واعتبرها "فتنة" شغلت الدولة العثمانية في الجزيرة العربية أول ظهورها، واصفا أصحابها بأنهم "كثر شرهم وتزايد ضررهم وقتلوا من الخلائق ما لا يحصى واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم".

واتهم حقاني مؤسس الدعوة محمد بن عبد الوهاب " بالزيغ والضلال الذي أغوى به الجاهلين، وخالف فيه أئمة الدين وتوسل بذلك إلى تكفير المؤمنين" على ما جاء في الكتاب.

واسترسل في سرد بعض مآخذه على الحركة الوهابية مثل تحريمها التوسل بقبر النبي وزيارته، واعتبار  "نداء الأنبياء والأولياء عند التوسل بهم" من الشرك، و كذا ادعائها أن "من أسند شيئاً إلى غير الله ولو على سبيل المجاز العقلي يكون مشركاً".

واعتبر حقاني أن محمد بن عبد الوهاب "أتى بعبارات مزورة زخرفها ولبس بها على العوام حتى تبعوه".

بذهول، تداول أنصار "القاعدة" في قنواتهم على تطبيق "تيليغرام" مقتطفات من الكتاب، وسارعوا إلى كتابة رسالة إلى أبي محمد المقدسي لأخذ رأيه مما اعتبروه "طعن حقاني في الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهاب"  وإجازته "الاستغاثة بالأموات ونصر القبورية الخرافية وأئمتهم وسب التوحيد والسنة ووصفهما بالفتنة". 

كان رد المقدسي مختزلاً في بضع كلمات: "لا ينبغي أن يكون كلامنا وخلافنا معهم حول شخص الشيخ محمد بن عبد الوهاب بل حول مسائل التوحيد والشرك". وهنا يعود المقدسي بالخلاف مع طالبان إلى المربع الأول عندما وقف محتجاً على "شركيات الأفغان" أمام عبد الله عزام.

حقاني يريد أن يربط الأزمة ويعلّق الخلاف في أفكار محمد بن عبد الوهاب، والمقدسي يريد أن يجره إلى "حلبة" الشرك والتوحيد؛ حلبته المفضلة التي اعتاد "صرع" مخالفيه فيها.

الجدل الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الماضية عبارة عن حلقة متصلة من المناكفات التي بدأت مع وصول الجيل الأول من العرب المتشبعين بالفكر السلفي الوهابي إلى أفغانستان نهاية ثمانينات القرن الماضي للمشاركة في الحرب ضد السوفييت، وظل مستمراً على درجات متفاوتة من الحدة والخفوت إلى يومنا هذا.

 

صدمة الوهابيين

 

يستذكر أبو محمد المقدسي، أبرز منظري تنظيم "القاعدة" الذي صاغ أدبياته كلها معتمداً على تراث ونصوص الدعوة الوهابية، وصوله أفغانستان أول مرة وكيف انتابته مشاعر الخيبة والصدمة وهو يرى المقاتلين الأفغان "ينتهكون جناب التوحيد" عندما يعلقون التمائم (التعويذات) على صدورهم، ويتبرّكون بالأضرحة والمزارات، وهي ممارسات تصنفها الدعوة الوهابية في خانة "الشركيات" التي تذهب بأصل الدين.

ولعلّ أول نقاش حاد حول "الممارسات الشركية" للأفغان كان عندما وقف أبو محمد المقدسي واعترض بحماس بالغ على محاضرة كان عبد الله عزام يلقيها في أفغانستان وحثّ فيها المقاتلين العرب على احترام وتفهم تقاليد الشعب الأفغاني واختياراته الفقهية. احتجّ المقدسي على ما اعتبره مغالطات عبد الله عزام، قائلا إن "تحفّظ الوهابيين العرب ليس على الاختيارات الفقهية للشعب الأفغاني" ولكن على "مظاهر الشرك" المستفحلة في المجتمع.

أيدت جموع من الوهابيين موقف المقدسي واعترضت على عبد الله عزام، وساد الصراخ جنبات المسجد ما اضطرّ عزام إلى إنهاء محاضرته ومغادرة المكان، ومن يومها والفهم الوهابي للتوحيد والشرك كامن في صلب الخلاف بين تنظيم "القاعدة" ذي الجذور الوهابية وبين طالبان ذات الامتدادات الصوفية.

لم يكن المقدسي بمواقفه المتصلبة هذه يعبر عن أكثر المواقف الوهابية تشدداً إزاء التدين الأفغاني لكنها ستؤسس لاحقاً لمواقف أشدّ تطرفاً بلغت ذروتها في كتاب "كشف شبهات المقاتلين تحت راية من أخلّ بأصل الدين" الذي كفّر فيه كاتبه المجهول حركة طالبان، واعتبرها "راية شركية" لا يجوز الانتماء إليها.

خصص أبو قتادة الفلسطيني، وهو منظر جهادي أردني أيضا،  أكثر من 100 صفحة للرد على هذا الكتاب، واعتبر كاتبه مخالفاً "لسبيل المؤمنين.. ومن أهل الغلو والانحراف وأنه أتى بالطامة العظيمة والموبقة التي ترديه في حمأة التكفير البدعي المذموم".

كتب المقدسي مقدمة للكتاب أشاد فيها بمعظم مضامينه لكنه تحفظ على وصف الكاتب المجهول "بالغال الجاهل في دين الله الذي لا يدري ما يخرج من رأسه".

انتشرت حمى التكفير المستند إلى تعاليم الوهابية بين الجهاديين العرب في أفغانستان، ودفعت كثيرا منهم إلى مغادرة البلاد بحثاً عن "راية نقية" يقاتلون تحتها في مكان آخر، فيما انكفأ آخرون على أنفسهم واعتزلوا ما اعتبروه "شركيات و منكرات" مستشرية في المجتمع الأفغاني.
 

حقاني والوهابية

 

يُعتَبر عبد الحكيم حقاني من أهم القادة الروحيين لحركة طالبان، وأقرب المقربين إلى زعيمها هبة الله آخونذ زاده، فضلا عن شغله مناصب رفيعة في الحركة أبرزها قاضي القضاة ورئيس الإدارة العالية لمحاكم "الإمارة". ويصنف حقاني ضمن المرجعيات العلمية للحركة، وكاتب أدبياتها. وأشار زاده في تقديمه لبعض كتبه إلى أنها بمثابة إطار أيديولوجي ملزم لأعضاء الحركة وقادتها.

مواقف حقاني الوهابية تتسم بالحسم، بحيث لم يترك أي مساحة مشتركة مع أتباع الوهابية، ولم تدَع صرامةُ لغته مجالاً لتأويلها تأويلاً ينأى بها عن التصعيد والقطيعة مع التيار السلفي الوهابي. المعني الأول بموقف حقاني داخل التيار السلفي الجهادي الموالي للقاعدة هو أبو محمد المقدسي الشيخ الأردني الذي بنى أفكاره كلها على أرضية وهابية، ويعتبر أشهر كتبه "ملة إبراهيم" إعادة تدوير لأدبيات محمد ابن عبد الوهاب وتلاميذه.

 

الوهابية وطالبان.. شد وجذب

 

 مواقف عبد الحكيم حقاني لا تعتبر الأولى من نوعها إزاء الوهابية، لكنها من أكثرها وضوحاً وحسماً. فمنذ تأسيس "القاعدة"، والخلاف مع معتقدات الأفغان وحنفيتهم يشهد مداً وجزراً حسب طبيعة الموقف المثير للسجال والخلفية الشرعية والأيديولوجية لمنظرّي "القاعدة". ويمكن تصنيف هذه المواقف بين متشددة ومعتدلة ومنسجمة.

فالمواقف المتشددة هي التي عبر عنها المقدسي والزرقاوي وعدد من شيوخ وكتاب موقع "التوحيد والجهاد"، وهي مواقف وإن لم تصل إلى درجة التكفير، إلا أنها تؤكد دوماً على وجود خلافات مقلقة في مسائل التوحيد والشرك، وتراهن على حركة تصحيحية يقودها السلفيون داخل حركة طالبان للعودة بها إلى "منابع التوحيد الخالص".

المواقف المعتدلة، ويعرف بها كثير من كوادر التيار "الجهادي" وقادة "القاعدة" مثل أبي مصعب السوري، وعطية الله الليبي، وأبو قتادة الفلسطيني. وهؤلاء يعتبرون مسائل الخلاف مع طالبان لا تخرج عن نطاق "الفروع الفقهية" التي يسوغ فيها الخلاف، ويقرأون العلاقة مع طالبان قراءة "جيوسياسية" واستراتيجية، وليس قراءة عقدية مثل الفريق الأول.

المواقف المنسجمة، وهي المواقف التي قطعت مع القاعدة، وانحازت إلى حركة طالبان. ويجادل أصحابها بأن "القاعدة" والوهابية هما سبب نكبة الأفغان وخراب ديارهم، ويطالبون الحركة بإعلان قطيعة نهائية مع تنظيم "القاعدة".

ويعتبر مصطفى حامد (أبو الوليد المصري) أهم صوت في هذا التوجه، وقد سخّر موقعه الالكتروني وعموده في مجلة "الصمود" التابعة لطالبان لإدانة الوهابية وتحميلها مسؤولية "حمامات الدم" التي شهدها العالم الإسلامي في العقود الثلاثة الماضي. وعلى منواله سارت شخصيات أخرى في موقفها من الوهابية و"القاعدة" مثل أبو ماريا القحطاني وكثير من قيادات هيئة تحرير الشام السورية.

تشكل لحظة "داعش" ذروة الاشتباك بين الوهابية وحركة طالبان، وقد وجدت "داعش" في المقولات الوهابية مسوغاً لحربها على الحركة التي تسميها "الميليشيا الشركية القبورية المرتدة". واستهداف داعش للمساجد ودور العبادة في أفغانستان يأتي في سياق ما تعتبره استهدافاً لـ"معابد الشرك" في البلاد.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".