داعش
في ثلاث سنوات فقط خسر "داعش" أربعة من زعمائه، إضافة إلى اعتقال وتحييد كل قياداته المؤسسة.

يتسلم زعيم "داعش" الجديد أبو حفص الهاشمي قيادة التنظيم وهو في أسوأ حالاته منذ إعلان ما يسمى "الخلافة" في العام 2014.

تراجع أداء التنظيم العملياتي، وانكشف أمنياً بشكل غير مسبوق، وخسر قياداته المؤسسة كلها، ودبّ الخلاف وتضاربت صلاحيات ما تبقى من مؤسساته ومفاصله التنظيمية، وبات واضحاً طبقا لإحصائيات التنظيم نفسه أنه يعيش مرحلة إثبات الوجود خصوصا في العراق وسوريا، وصلت حد إقدامه على نشر صور تعود إلى سنة 2015 على أساس أنها بيعة من مقاتليه في سوريا لزعيمهم الجديد.

 

انكشاف أمني

 

في ثلاث سنوات فقط خسر "داعش" أربعة من زعمائه، إضافة إلى اعتقال وتحييد كل قياداته المؤسسة، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ الجماعات الارهابية، إذ احتاجت الولايات المتحدة مثلاً إلى 30 سنة لتحييد زعيمين لتنظيم القاعدة. لقد حاول "داعش" تأمين زعمائه بالطرق كلها، ونقلت زعيمها الثالث إلى جنوب سوريا حيث لا يمكن أن يتوقع وجوده أحد، ومع ذلك تمت تصفيته.

وفي محاولة منها لتطويق مشاكلها الأمنية المتفاقمة أصدرت داعش تعميماً داخلياً حظرت بموجبه تبادل الزيارات بين قياداته وأفراده، وعقد الاجتماعات واللقاءات في المنازل خصوصا في مناطق شمال وشمال غرب سوريا، وحذر التعميم من أن "أي أخ يبلغنا عنه الاستهتار وعدم السمع والطاعة في هذا الأمر سيعرض نفسه للمسائلة، وسيكون تعزيره رادعاً وعقوبته الطرد" ويبدو أن مقتل زعيم "داعش" السابق في المناطق المعنية بهذا التحذير جعل منه تحذيرا عديم الجدوى.

ولعل من أكبر الضربات الأمنية التي تلقاها التنظيم مؤخرا هي اعتقال ناطقه الرسمي السابق أبي عمر المهاجر مع مجموعة من مساعديه، ولم يحسم التنظيم مصيره حتى الآن، فقد اتهم هيئة تحرير الشام باغتيال زعميه واعتقال ناطقه الرسمي السابق، لكن الهيئة نفت ضلوعها في عملية الاغتيال، لكنها لم تعلق على اعتقال المهاجر، وأيا كانت الجهة التي تحتفظ الآن بالرجل فالذي لا شك فيه أنها وضعت يدها على كنز ثمين من المعلومات.

المنشقون عن التنظيم يصفون " ولاية الشام" بالولاية "المخترقة"، واعترفت قناة على منصة التواصل الاجتماعي يديرها قادة سابقون في داعش أن "ولاية الشام تعاني من سرطان الجاسوسية الذي نخر كيانها من الداخل وأجهز بشكل شبه كلي على قادتها وأمرائها" وأضافت " أن ما زاد الطين بلة هو تمركز القيادة العامة للتنظيم في ولاية الشام، فمقتل أربعة خلفاء للتنظيم وثلاثة متحدثين، وتحييد عدد هائل من أعضاء مجلس الشورى، واللجنة المفوضة ومدراء القيادة العامة للولايات، برهن أن ولاية الشام أصبحت ثقباً أسود ابتلع القيادة العامة بشكل مروع ومن شأنه أن يبتلع التنظيم برمّته".

 

انحسار في العراق

 

يعتبر العراق "حجر الزاوية" في مشروع "داعش"، ولا يزال التنظيم حتى الآن رغم نضوب قياداته التاريخية مصراً على أن تكون قيادته العامة منحدرة من العراق حصراً. لكن ما تتفق عليه بيانات الحكومة العراقية والقيادة المركزية الأمريكية إضافة إلى البيانات الرسمية لتنظيم "داعش" نفسه هو أن الوجود "الداعشي" في العراق يقترب من مرحلة الأفول التام، خصوصا إذا استمرت الضربات الأمنية المركزة ضد خلايا التنظيم في وتيرتها الحالية.

ففي يونيو الماضي أعلن اللواء يحيى رسول المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق عن القضاء على 99 في المائة من قدرات داعش في العراق، وأن الجيش العراقي، استنادا إلى هذا الإنجاز، بدأ في إخلاء مراكز المدن، وافساح المجال للقوات الأمنية وعناصر وزارة الداخلية لتقوم بدورها في حفظ الأمن والاستقرار" وأن "العمل جار على تسليم الملف الأمني بالكامل لوزارة الداخلية في كافة المناطق" مؤكدا "أن الوضع الأمني الجيد في المناطق المحررة سمح بهذه الخطوة" وستقتصر مهمة الجيش في المرحلة القادمة على الانتشار خارج المدن والمناطق الريفية النائية وضبط الحدود.

رسول أكد أيضاً أن "داعش" فقد قدرته على القيام بعمليات كبيرة، وأن وجوده في العراق مقتصر على خلايا صغيرة يتراوح عدد أفرادها بين الاثنين والستة. وفي ذات السياق تحدث مسؤولون أمريكيون عن تدهور حاد في قدرات داعش في العراق،  وأن عملياته باتت أقل فتكا وقد انخفضت بنسبة 64 في المائة، وأكدوا أن أعداد مقاتلي داعش هم دون الألف مقاتل.

تصريحات يحيى رسول والمسؤولين الأمريكيين زكتها بيانات "داعش" بخصوص نشاطه على الأراضي العراقية، وهو ما تعكسه صور بيعة عناصره في العراق لزعيمه الجديد، حيث أظهرت الصور مسلحين لا يتجاوز عددهم 9 أفراد، في منطقة خالية، وآخرين عددهم أقل، مكدسين في مساحة ضيقة، يعلنون ولاءهم للزعيم الجديد. وفي مؤشر على فعالية الضغط الأمني على تحركاتهم، فقد حرصوا على تمويه عيونهم والأجزاء التي تظهر من خلفياتهم.

حصيلة العمليات التي يعلنها التنظيم بشكل دوري كشفت عن تراجع غير مسبوق في عملياته داخل الأراضي العراقية، ففي الأسبوع الماضي نفذ التنظيم عملية واحدة فقط في العراق، وهي المرة الرابعة التي يسجل فيها هذه الحصيلة المتدنية منذ بداية العام الجاري. بينما لم تصل حصيلة عملياته خلال شهر كامل إلى 10 عمليات، مع العلم أن التنظيم يبالغ في تقدير حجم نشاطه في العراق تحديدا، وكل رشقة رصاص من أحد مقاتليه هناك يوثقها كعملية "ناجحة".

وتأكيدا على التزامها بمحاربة "داعش" تواصل القيادة المركزية الأمريكية تنسيقها مع القوات العراقية في تحييد ما تبقى من مقاتليه وخلاياه في العراق وقد أعلنت الأسبوع الماضي عن اعتقال 7 من مقاتلي "داعش" خلال 20 عملية مشتركة مع القوات العراقية.

ورغم نجاح التحالف الدولي في تقويض قدرات "داعش" في العراق، إلا أن خبراء أمميون(من الأمم المتحدة) مازالوا يعتقدون أن التنظيم يحتفظ برصيد من الموارد والعناصر في العراق وسوريا يصل حتى 7000 عنصر أغلبهم من المقاتلين، وأنه  تعمد خفض مستوى عملياته "لتسهيل التجنيد وإعادة التنظيم" حسب ما جاء في تقرير صاغته لجنة من الخبراء الأمميين معنية بمراقبة العقوبات المفروضة على داعش ونشر أمس الاثنين.

 

تأهب في إفريقيا

 

بالتوازي مع أفوله في العراق وانحساره في سوريا، يبذل تنظيم "داعش" جهوداً حثيثة من أجل تثبيت أقدامه في صحاري الساحل وأدغال إفريقيا. ومع تدهور الأوضاع الأمنية في السودان، والتوتر المتصاعد في النيجر، وانسحاب القوات الفرنسية من مالي وبوركينافاسو، يأمل التنظيم أن يساعده ذلك في توسيع مساحة نشاطه واستقطاب المزيد من العناصر إلى صفوفه.

لكن من أكبر التحديات التي تواجهه لاسيما في الساحل وشرق افريقيا، هو صراعه الوجودي مع خصمه اللدود تنظيم القاعدة. ففي 31 من يوليو الماضي أعلنت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" عن قتلها المدعو لقمان أحد أبرز قادة "داعش" في منطقة الساحل في عملية بمنطقة "جايل" في بوركينافاسو. وفي العشرين من يوليو الماضي انتشرت مقاطع مرئية على تطبيق "تيليجرام" أظهرت حشوداً من مئات المقاتلين يتبعون "القاعدة" وهم يتوجهون إلى منطقة المثلث (المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينافاسو) للإغارة على معاقل "داعش" هناك. كما خاض التنظيمان معارك شرسة الأسبوع الماضي في منطقة بلي كيسي في محيط مدينة تمبكتو شمال مالي أسفرت عن مقتل العشرات من الطرفين، وتركز الصراع بينهما أكثر في منطقة تلاتايت شمال شرقي البلاد.

وامتدت المعارك الطاحنة بين الطرفين إلى بوركينافاسو حيث وقعت اشتباكات عنيفة بينهما في منطقة سيبا شمال البلاد أسفرت عن سقوط قتلى من الجانبين. وعلى مدار الأشهر الماضية يتبادل التنظيمان السيطرة على معاقلهما، ويستنزفان مواردهما وقدراتهما في معارك بينية لا تنتهي.

وكما هو الوضع في منطقة الساحل يخوض داعش أيضا معارك دامية مع جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا حيث تحتدم المعارك بينه وبينه الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "جماعة أهل السنة والجماعة" خصوصا في غابات سامبيسا. هذه المعارك دفعت العشرات من المقاتلين من كلا الطرفين للتوجّه إلى عمق أراضي دولة النيجر، وهو ما فاقم التهديدات الأمنية في هذا البلد الذي يتذيل مؤشرات التنمية في العالم، وسيزيد الانقسام السياسي وتعليق المساعدات الدولية له في ظل الانقلاب الحالي من أزماته الأمنية والانسانية المستفحلة. كل ذلك يجعل من منطقة غرب افريقيا من أكثر المناطق المنكوبة بالارهاب على مستوى العالم، لاسيما وقد وزاد عدد الهجمات الإرهابية المنفَّذة في غرب أفريقيا بمعدل 55 في المائة خلال العام الماضي، وفقا لتقديرات مؤشر الإرهاب لعام 2022، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي.

في شرق الكونغو يواصل فرع "داعش" هناك الصعود مع "بصمة خاصة"، ميزت مجازره الجماعية بحق القرويين العزل، إذ يلجأ إلى الفؤوس والسواطير لقتل أكبر عدد ممكن من السكان مع إحراق قراهم وممتلكاتهم، وسبي نسائهم وأطفالهم. وهي جرائم لا يملك إعلام "داعش" شجاعة تبنيها بشكل رسمي. ففي 17 من يونيو الماضي اقتحمت مجموعة مسلحة تابعة لـ"داعش" مدرسة على الحدود بين أوغندا والكونغو، وقتلوا بالسواطير أكثر من 40 شخصاً بينهم أطفال ونساء وشيوخ. داعش لم يتبن العملية بشكل رسمي، وقد أكد منشقون عن التنظيم أن تعمد قتل الفتيات والأطفال والنساء هو الذي حال دون تبنيها، وإن كان التنظيم الارهابي لا يمانع من هذه الأساليب الوحشية خصوصا ضد القرى المسيحية لفرض واقع ديمغرافي جديد يكون في صالح أجندته التوسعية. ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" فإن هذا العام هو الأكثر دموية في تاريخ فرع "داعش" في منطقة شرق الكونغو.

 

ولايات آفلة

 

خلال العام الجاري غابت عمليات "داعش" في عدد من ولاياته البعيدة، في مؤشر على أفول التنظيم عن هذه المناطق. والتي كانت سابقا مسرحاً لأشد هجماته فتكا، ويحتفظ فيها بمعاقل وأتباع يعدون بالآلاف.

فخلال العام الجاري لم يتبن التنظيم أي عملية في سيناء، كما لم يعلن أعضاء التنظيم هناك بيعتهم للزعيم الجديد حتى اللحظة. وقد نجح الجيش المصري وتحالف من قبائل سيناء في تفكيك شبكات التنظيم والحد من قدراته الهجومية بشكل كبير.

في اليمن يستمر غياب "داعش" منذ سنوات، وقد اقتصر حضوره الشكلي على مراسم البيعة التي يرسلها بضعة أفراد مع كل إعلان عن "خليفة" جديد للتنظيم.

في ليبيا أيضا غابت فعاليات التنظيم الاعلامية والعملياتية هذا العام، وكان آخر ظهور لولاية ليبيا في الإعلام عندما أرسل 6 أفراد بيعتهم لزعيم "داعش" السابق أبي الحسين الحسيني في ديسمبر الماضي.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".