بقلم حسن عبّاس:

من هي الدولة العربية الأكثر شباباً وماذا يعني ذلك؟ متوسّط الأعمار Median Age هو الرقم الذي يساعدنا على فهم تركيبة الشعوب الديموغرافية.

فهذا المؤشر وهو سنّ يجري تحديده، يقسّم الشعب إلى مجموعتين متساويتين إحداهما سنّ أعضائها أصغر منه والأخرى سنّ أعضائها أكبر منه. فمثلاً إذا قلنا إن متوسط عمر شعب ما هو 30 سنة فهذا يعني أن نصف سكّانه عمرهم أقل من 30 سنة ونصفهم الآخر عمرهم أكثر من 30 سنة.

ويساعد مؤشر متوسط الأعمار على معرفة نسبة الشباب من سكّان دولة معيّنة. فحين يكون متوسّط الأعمار منخفضاً يكون المجتمع فتياً. لذلك، نرى أن متوسّط الأعمار في الدول الأوروبية التي تُعتبر مجتمعاتها هرمة يتجاوز الأربعين سنة.

وهذا الجدول يرتّب الدول العربية من الأكثر شباباً إلى الأقل شباباً، استناداً على أرقام الأمم المتحدة لعام 2015.

متوسط الأعمار في الدول العربية

قراءة في دلالات الأرقام

تُفاخر بعض الشعوب بأن مجتمعاتها فتيّة. والمجتمعات الفتية لن تواجه مشكلة في مدّ سوق العمل باليد العاملة المطلوبة. أما المجتمعات الهرمة كالمجتمعات الأوروبية فهي تواجه مشكلة أساسية في مسألة العمالة ما يضطرها إلى فتح باب الهجرة للشباب.

لكن هذا يدلّ على حالة إيجابية في حال كنّا نتحدّث عن دولة سوق عملها واسع لا عن دولة تولّد الشباب دون أن تسمح بنية اقتصادها بتوفير فرص عمل لهم. ففي الحالة الأخيرة ستنشأ مشكلة بطالة كبيرة لأن المجتمع يولّد يداً عاملة أكثر مما يولّد الاقتصاد فرص عمل.

وإذا كان كون شعب شاباً قد يدعو إلى الأمل، على أساس أن طاقة أبنائه عالية والجزء الأكبر من أبنائه قادر على العمل وقلة قليلة منه ستكون مضطرة إلى تلقّي إعالة من الدولة أو من الأقرباء، إلا أن هنالك أمور كثيرة سلبية يمكن استنتاجها من ذلك.

العلاقة بين متوسط الأعمار والتطوّر

يرتفع متوسط الأعمار كلما كان البلد متطوراً وبعيداً عن الحروب ويؤمن لأبنائه مستوى جيّداً من الرخاء الاقتصادي. مثلاً، متوسط الأعمار في البلدان مرتفعة الدخل هو 39.7 سنة، بينما متوسط الأعمار في البلدان منخفضة الدخل هو 18.5 سنة. أما في البلدان متوسطة الدخل فإن متوسّط الأعمار في الشريحة العليا منها هو 33.5 سنة، وفي الشريحة الدنيا منها 25.3 سنة.

وفي أوروبا الغربية التي تضم ألمانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا وبلجيكا والنمسا ولوكسمبورغ يبلغ متوسط الأعمار 43.7 سنة. أما في أفريقيا بشكل عام فيبلغ 19.4 سنة.

والملاحظ أن متوسط الأعمار يرتفع حين يتقدّم الشعب ويتطوّر وتتحسّن ظروف سكّانه. فتركيا مثلاً تغيّر متوسط الأعمار فيها من 26.3 عام 2004 إلى 30.4 عام 2014، أي بارتفاع نسبته 15.6 في المئة.

كما أن متوسط الأعمار ينخفض بشدّة في المجتمعات التي تعاني من حروب طويلة أو تصاب بأوبئة. لذلك، فإن كون المجتمع شاباً لا يعني بالضرورة أن هذا الأمر يجب الاحتفال به.

*الصورة: صغار وكبار/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.