متابعة إلسي مِلكونيان:

فكرتها الصغيرة انقلبت إلى مشروع ناجح، حاز على جوائز عدة في غضون عامين. هكذا تلخص رائدة الأعمال الشابة الأردنية أفنان علي لموقع (إرفع صوتك) قصة مشروعها "يوريكا" وهو عبارة عن أكاديمية تدرّس التكنولوجيا وعلم الإنسان الآلي للأطفال واليافعين من سن ستة إلى 16 عاماً.

ويبدو أن الأردن يمتلك مناخا اقتصاديا يساعد أفنان وغيرها من الشباب، على إقامة مشاريعهم، إذ احتل الأردن المرتبة 113 في تقرير"ممارسة الأعمال 2016" من أصل 189 دولة. وبالنظر إلى باقي الدول العربية التي شملها التقرير، يلي الأردن الكويت الذي احتل المرتبة 101.

وقد أثبتت أفنان نجاح مشروعها بالاستناد إلى مؤشرين: الأول، وصول عدد الطلبة في أكاديمتها إلى 300 طالب في خلال سنتين والثاني حصولها على 10 جوائز، كان آخرها من منظمة "إنباكت" الألمانية التي قامت باختيار 10 شركات من دول الشرق الأوسط لتشارك في مؤتمراتها التدريبية التي ستقام في ثلاثة دول: مصر وألمانيا وتونس.

وكشفت علي لموقع (إرفع صوتك) مزيداً من التفاصيل عن فكرة مشروعها في اللقاء التالي:

كيف أتيت بفكرة إنشاء "يوريكا" وكيف بدأت فيها؟

يوريكا هي أكاديمية مختصة بالتعليم التكنولوجي للأطفال ليكونوا مهندسين مبتكرين منذ حداثة أعمارهم أو يستطيعوا تحويل أفكارهم إلى خدمات يمكن للناس الاستفادة منها. وأعني بالأكاديمية أنها دورات تعطى للطفل بعد أن ينتهي من دوامه المدرسي مرة واحدة خلال العطلة الأسبوعية وفي مستويات مختلفة. يبدأ في البداية بتعلم علم الروبوت ومن ثم هندسة الإلكترون، والبرمجة، وإنشاء تطبيقات الهواتف، وأما في المستويات المتقدمة نعلّم الطفل كيف يخترع ويقوم بالبحث وكيف يستثمر أفكاره في خطة تسويقية للمنتج.

بدأت مشروعي في عمان ومن ثم العقبة ووصل عدد الطلاب خلال عامين إلى 300 طالب. ويقوم بتدريب الطلاب حوالي 15 مدرباً ذكوراً وإناث يعملون بدوام جزئي، جميعهم مهندسون ومنهم طلاب جامعيون.

كيف استطعت إقناع المستثمرين بتمويل فكرتك؟

استوحيت الفكرة من مشكلة وهي أننا في العالم العربي نعتبر متأخرين فيما يتعلق بالتكنولوجيا والهندسة. في عام 2011، سافرت إلى الـ"سيليكون فالي" في ولاية كاليفورنيا واطلعت على مستجدات التكنولوجيا هناك، فأحسست بالفجوة الكبرى بين الدول المتطورة والأردن.

لذا لا بد إن أردنا تحقيق تقدم في هذا المجال أن نركز على تدريب الأطفال واليافعين، وهم عادة فئة متحمسة بخلاف طلاب الجامعات المحملين بالتزامات عديدة. كما استفدت من ثقافة المجتمع الأردني المشجعة على التعليم، إذ يحتل التعليم أولوية كبرى بين الناس. وهذا ينعكس على أهالي الطلاب عندما يدركون أن ما نقدمه في الأكاديمية يفيد مستقبل أبنائهم (فحصلت على تمويل أولي من  حاضنة الأعمال أويسيس 500 ومقرها الأردن).

ما زلت المؤسس الوحيد للمشروع. لكن الآن أصبح هناك أشخاص يهتمون بالموضوع وينوون أن يصبحوا شركاء فيه، خلال العام المقبل (وهذا يضمن توسع نطاق المشروع).

ما هي التحديات التي تواجهك؟

هناك تحديات تواجهني على الصعيد الفردي. أنا مهندسة ولي خلفية تقنية، فأنا لم أدرس إدارة الأعمال ولم تسنح الفرصة لكي أطور نفسي في مجال الإدارة. ولأكتسب هذه الخبرات، اخترت مجلساً استشارياً أراجعه في كل الأمور المالية والقانونية والموارد البشرية.

التحدي الثاني هو على الصعيد المجتمعي لأن المشروع هو مشروع محلي أردني وليس فرعاً لشركة خارجية، ما جعل الأمور صعبة في البداية حتى استطعنا بناء الثقة مع الناس بواسطة إنجازاتنا.

ما هي النصائح التي تقدمينها لغيرك من جيل الشباب الذي يبحث عن النجاح؟

أريد أن أقول لشباب جيلي في الدول العربية: هناك اعتقاد سائد أن الفرصة قد تذهب إلى غير رجعة. أنا أقول أنت من يخلق الفرصة التي تحلم بها في سوق العمل. فإن أضعت فرصة ما، قد توفق بالأحسن منها على أن تنفذها في عمر مبكر أي بعد الجامعة. لا يجب أن نبقى بانتظار الحكومة لكي توصلنا بما نريد أو القدر أو الحظ.

في المراحل الأولية، قد يكون من الأفضل أن نستعين بمرشدين يقدمون النصح والإرشاد وأن نتعلم من أخطائهم، حتى لا نقع فيها.

*الصورة الرئيسية: طالب في أكاديمية يوريكا/تنشر بإذن خاص من الأكاديمية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.