بقلم علي قيس:

في عام 2010، كتب أحد الشباب على محرك البحث في غوغل "بغداد دار السلام"، وجاءت نتيجة البحث صور حرب ودبابات ودماء، ولم تكن لها علاقة بالسلام. كانت النتيجة دافعا له، كي لا تبقى صور بغداد على هذا النحو المأساوي.

والآن منذ قرابة ستة أعوام، اعتاد شباب من بغداد تنظيم فعالية ثقافية سنوية بمناسبة يوم السلام العالمي، الذي يصادف في 21 أيلول/سبتمبر، باسم "مهرجان بغداد دار السلام" على حدائق شارع أبو نواس وسط العاصمة العراقية، ويتضمن المهرجان عروضا مسرحية وموسيقية وثقافية وترفيهية متنوعة منتشرة في الحدائق.

موضوعات متعلقة:

هل يستغل المتطرفون المنابر العامة في الأردن؟

المطلقات بالجزائر.. القانون موجود فهل يطبق؟

هذا الشاب هو علي الراوي، أحد منظمي المهرجان، الذي يروي لموقع (إرفع صوتك) "تجمعنا في ذلك العام وكان عددنا عشرات الشباب من المتطوعين، أما العام الماضي (2015) فقد كبرت عائلة المهرجان وأصبح عدد المتطوعين قرابة 500، ونتوقع هذه السنة أن يزيد عددنا أكثر".

ويؤكد الراوي أن المهرجان حقق أهم أهدافه، "فمن الناحية الاجتماعية أثبتنا نحن فئة الشباب أنّه بإمكاننا العمل معا لهدف واحد وهو جعل صورة بغداد أجمل، كما استطعنا من خلال جمع التبرعات وريع المهرجان أن نقدم المساعدة لعوائل النازحين وضحايا العنف".

وعن نجاحه على الصعيد الشخصي يقول الشاب علي الراوي "أنا عازف غيتار، تمكنت من خلال مشاركاتي بالمهرجان من تشكيل فرقة موسيقية، واسميتها اليوم بروجكت 904".

حضور كبير للمهرجان

العالم وين وأنتو وين!

"بما أن مجتمعنا يفتقر إلى الفعاليات الاجتماعية والثقافية، فإننا عندما نباشر باستعداداتنا للمهرجان نتلقى الانتقادات، وغالبا ما نسمع عبارة (العالم وين وأنتو وين)"، يصف الراوي ردة فعل بعض الناس حول المهرجان، ويتابع "لكن بيوم المهرجان عندما يجدون جمال شباب بغداد وما يقدموه من أعمال، يشكروننا ويبدون استعدادهم للمشاركة في العام المقبل".

والنساء أيضاً...

"صحيح أنا أواجه صعوبات كوني أنثى وطبيعة المجتمع العراقي تتحسس من هذا الموضوع، لكن بداخلي رسالة يجب أن أوصلها للمهرجان بشكل خاص وللبلد بشكل عام"، هكذا تحرص الشابة زينب علي على وصف مشاركتها في فعاليات المهرجان مثل المئات من زميلاتها، موضحة لموقع (إرفع صوتك) "عدد الذكور والإناث في فريق المتطوعين متساوٍ تقريبا، والفتيات يشاركن في كل الفعاليات سواء الغناء أو الرسم أو التقديم على المسرح".

وتضيف علي أن هذا التنوع يعطي المشاركين دافعا كبيرا لاستكمال رسالتهم، "كونه نقلة نوعية وتطور على أرض بغداد".

وحول أعداد الحاضرين إلى المهرجان توضح أنّه يزداد في كل عام عن سابقه، "والماضي (2015) بلغ عدد الحاضرين 15 ألف شخص، ونتوقع هذا العام أن يصل إلى 18 ألف شخص وربما أكثر".

فعاليات

القدرات التطوعية للشباب؟

"هدفنا العام هو إعادة صورة بغداد القديمة، مدينة العلم والثقافة ودار السلام"، يقول، أسامة عماد، أحد المنسقين في فريق تجهيز الأكشاك في المهرجان، ويتابع في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أما هدفنا الخاص فيتغير كل عام، في السنة الماضية كان دعم النازحين، أما هذا العام فهو تطوير القدرات التطوعية للشباب".

وحول طبيعة عمله يوضح عماد "أنا منسق في فريق الأكشاك الذي يوفر أماكن ومواد أولية للمواهب المشاركة في المهرجان، في العام الماضي بلغ عدد الأكشاك 65 كشكا، تنوعت بين أعمال يدوية وتقديم مأكولات وألعاب ورسم للأطفال، فيما كانت الكتب تشكل الجانب الرئيسي من المعروضات".

ويأمل الشاب أسامة عماد كبقية أعضاء فريق متطوعي "مهرجان بغداد دار السلام" أن تلقى الفعاليات الشبابية اهتماما من قبل المؤسسات الحكومية، مختتما حديثه بالقول "نتمنى من الحكومة أن تدعم شباب بغداد، وتتأخر الكثير من الموافقات الحكومية على إقامة المهرجانات والفعاليات الثقافية".

*الصور: من صفحة المهرجان على موقع فيسبوك/ تنشر بإذن من المسؤولين عن الصفحة

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.