أربيل - بقلم متين أمين:

"شاين توغيذر" و"هوب" ليستا فرقتين موسيقيتين، بل هما إسمان لمجموعتين من المتطوعين الشباب من مختلف مكونات العراق اجتمعوا معاً في مدينة أربيل لتقديم المساعدة للنازحين واللاجئين والمنكوبين وكل من يحتاج إلى العون، معتمدين في حملاتهم التي يطلقونها بين الحين والآخر على ما يجمعونه من تبرعات من الميسورين.

البداية...

سارة ماجد، 25 سنة، شابة من بغداد بدأت مع صديقتها زينة قبل نحو ثلاثة أعوام بإنشاء النواة الأولى لفريقها التطوعي "شاين توغيذر" أي "لنتألق معا" بالعربية، عن طريق إطلاق حملة لجمع المساعدات للاجئين السورين في مدينة أربيل، ومنذ ذلك اليوم والحملات مستمرة تستهدف في كل مرة فئة جديدة من المنكوبين.

موضوعات متعلقة:

لبنان: إيقاع قوي للحراكات الشبابية… لكن لا تغيير

أيها الشاب العراقي… لماذا تتهم بالكسل؟

تقول سارة لموقع (إرفع صوتك) إن فكرة الحملات والتطوع بدأت عام 2013، وانطلق العمل لمساعدة اللاجئين السوريين في أربيل الذين كانوا يعيشون أوضاعا سيئة في فصل الشتاء في ظل برد قارس جدا وأوضاعهم كانت متدهورة. "نشرنا منشورا بسيطا على موقع فيسبوك نطلب من خلاله المساعدة، وتجاوب معنا الكثيرون وتبرعوا بملابس كثيرة وكانت الكمية كبيرة جدا وأخذناها إلى المخيم ووزعناها عليهم، وكانت التجربة ناجحة".

المساعدة على نطاق واسع

عاودت سارة التجربة مرة أخرى مع بدء نزوح المواطنين العراقيين من المناطق التي سيطر عليها إرهابيو داعش في العراق عام 2014، فجمع الفريق كميات كبيرة من المساعدات المختلفة ووزعوها على مخيمات النازحين. وتؤكد الشابة أن حملات فريقها لا تقتصر على المخيمات، بل تشمل تقديم المساعدة للنازحين الذين يعيشون في هياكل المباني وأطراف المدن أيضا، وكذلك المستشفيات ودور الأيتام والعجزة المحتاجين.

تحديات

وعما إذا كانت هناك تحديات تواجههم في تنفيذ مشاريعهم، تقول سارة "نواجه تحديات في عملنا، وكثيرا ما يُشكك في عملنا، ونتعرض للمعارضة من قبل مجتمعنا وهي محاولة لتحطيم معنوياتنا وإيقافنا عما نفعل، لكننا في الفريق نشجع بعضنا ونحن مصرون على إيصال رسالتنا والاستمرار فيها".

زينة عدنان محمد، شابة أخرى شاركت صديقتها سارة في تأسيس فريقهما التطوعي، وهي التي تقود الفريق حاليا، وتوضح لموقع (إرفع صوتك) أن الفريق نفّذ حتى الآن نحو 11 حملة إغاثة، شملت توفير مستلزمات يومية للمستفيدين.

 وتقول زينة "نحن كشباب ومن خلال العمل التطوعي في تقديم المساعدة للآخرين ينتابنا شعور جميل وشعور بالرضا بمجرد رؤية الأطفال فرحين بالملابس أو الألعاب والشكر والترحيب من النازحين. هذا ما يعطينا القوة للمضي بالذي نفعله. ففي أعمالنا الروتينية لا نشعر بشيء سوى أننا نعيش، لكن العمل في المخيمات ومساعدة النازحين يجعلنا نشعر بالأمل والفخر".

فريق شاين توكيذر اتحد منذ نحو ثلاثة أشهر مع فريق آخر من المتطوعين وهو فريق "هوب"، أي أمل بالعربية، ليصل عدد الشباب المتطوع في الفريقين معا إلى أكثر من 35 شابا من كلا الجنسين.

المستفيدون

وفي هذا السياق يقول الشاب سراج نايف، من مدينة النجف والذي يسكن محافظة أربيل حاليا، ويرأس الفريقين، لموقع (إرفع صوتك) "في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها، الإنسان البسيط هو الذي يدفع الثمن، فمسؤولية مد يد العون للآخرين هي مسؤولية الجميع ومن هذا انطلقت حملاتنا".

وإذ يشير سراج إلى أننا "نعيش في زمن المحاصصة والتمييز الطائفي والعرقي والعمل في المجالات البعيدة عن اختصاصاتنا الأكاديمية، والترقية وتولي القيادات من دون عدالة أو احترافية"، يعتقد أن "كل هذا يهدر طاقات شبابنا ويوجههم نحو الهجرة والتمرد والانغلاق"، ويشدد على ضرورة محاولة تخطي العقبات.

نهلة محمد، نازحة من الموصل تمكنت خلال الأشهر الماضية من أن تهرب مع زوجها وأطفالها من مدينتها ووصلت إلى مخيم النازحين في ناحية ديبكة التابع لقضاء مخمور (جنوب غرب مدينة أربيل).

استفادت نهلة من هذه الحملات التطوعية، وقالت في حديثها لموقع (إرفع صوتك) "مساعدات حملة فريق شاين توكيذر وهوب أسعدتنا جدا، وجاءت في الوقت المناسب الذي نحن فيه بحاجة إلى هذه المواد، فهم قدموا لنا سلة غذائية واستمعوا إلى معاناتنا، ووعدونا بتقديم مساعدات أخرى". وعبرت نهلة عن أملها بأن تبادر كافة المنظمات إلى تقديم يد العون للنازحين.

أما الطفل عمر حاتم، 10 أعوام، الذي يسكن في مخيم بحركة (شمال مدينة أربيل)، فلم تمح ذاكرته اليوم الذي قدم فيه فريق هوب الألعاب والملابس له ولأقرانه من الأطفال.

وقال في حديث لموقع (إرفع صوتك) "كنا متشوقين لألعابنا، ولم نمتلك النقود لشراء ألعاب جديدة، لكن هوب حقق حلمنا وقدموا لنا الكثير من الهدايا والألعاب، نتمنى أن يعودوا مرة أخرى ويقدموا لنا ألعابا أكثر".

*الصورة: فريقا شاين توكيذر وهوب أثناء إحدى الحملات التطوعية/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.