مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

وُلِد بعجز جزئي أفقده البصر ومن ثم التحق بمدرسة للمكفوفين، حيث أمضى مراحل التعليم الأساسية. كان لأسرته الفضل الأكبر عليه حيث عاملته من دون النظر إلى إعاقته البصرية كعائق، ما انطبع على تصرفاته وعمله وفنه.

هو أحمد ناجي، الذي استكمل مسيرته التعليمية ليدرس التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس في مصر، ومن بعدها ليحصل على شهادتين الأولى في الدراسات التاريخية بشكل عام، والثانية في التاريخ الإسلامي.

موضوعات متعلقة:

تعرف على جوائز الإبداع في العالم العربي

مهن ممنوعة على اللاجئين في الأردن

قد يبدو كل ما سبق طبيعياً – وإن كان لا يخلو من قوة الإرادة – لكن التحدي في صورته الأوضح هو أن ترى رساماً كفيفاً. فكيف تحقق لناجي ذلك؟ ومن أين له رؤية الأشكال والصور التي يرسمها؟ ومتى بدأت رحلته الفنية؟

الرسام الكفيف.. قصة تحدي

يروي أحمد ناجي الرسام الكفيف لموقع (إرفع صوتك) أنّه كان يشارك بأعمال نحت بأحد صالونات الفن الخاص في 2009 حين رآه طارق مأمون مدير مركز سعد زغلول ولم يقتنع حينها بمنتجاته النحتية، فاقترح عليه أن يرسم بالأصابع قائلاً "أنت تتعامل مع الأثر عن طريق اللمس ويمكنك استخدام نفس الحاسة في الرسم".

ويتابع ناجي أنه بعد تدريبات وورش عمل مكثفة فاز بجائزة لجنة التحكيم بمركز سعد زغلول عن لوحة "فازة الورد" كأول كفيف يرسم. وتوالت نجاحات ناجي الذي يعمل أيضاً كمرشد أثري للمكفوفين حيث استطاع رسم 25 لوحة، وشارك بها في أكثر من معرض ومهرجان داخل مصر وخارجها حاصداً الجوائز وحاصلاً على التكريم من عدة دول منها السعودية والكويت وأرمينيا.

عمل لتحقيق الذات

 نموذج آخر للنجاح بطلته سيدة أقامت مشروعاً صغيراً في منزلها وقامت بتسويقه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهو أمر جديد على مجتمع النساء المصريات.

منذ تسع سنوات وهي تعمل بمفردها على تصميم المشغولات والإكسسوارات الخاصة بالسيدات وتطعمهم بقطع النحاس أو الفضة.

تقول منال عبد الحميد أبو العينين في حديثها لموقع (إرفع صوتك) إن دافعها حين بدأت مشروعها الصغير لم يكن فقط جمع المال، بل كان إشباعاً لهوايتها، فهي تصمم قطع الحلي بالمنزل وتذهب بها إلى الورش لتنفيذها.

والجديد أنها تستخدم موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كوسيلة أولى لتسويق منتجاتها، كما تقوم بعرض هذه المنتجات في بعض المعارض الخاصة بالجمعيات الخيرية وبعض الفنادق والجامعات الخاصة وتلاقي رواجاً وتحظى بإعجاب الناس.

تشير منال إلى أنها واجهت صعوبات كثيرة، ولا تزال، لعرض وتسويق منتجاتها وأهمها "زيادة عدد العاملين بالحرفة ومحاولة تقليد منتجاتها وسرقة تصميماتها، وكذلك ارتفاع أسعار حجز المعارض".

وتتمنى منال أن تتوسع في مشروعها وأن تقتني كل السيدات والفتيات المصريات منتجاتها.

سماح أم حسام.. سيدة بألف رجل

من أصعب ما يمكن أن يواجهه رب أسرة في حياته أن يصيبه الفقر بعد رغد الحياة فلا يستطيع توفير أبسط مطالب العيش لزوجته وأبنائه. لكن هذا ما حدث لأحمد حين استغنت عنه شركة السياحة التي كان يعمل بها إثر ما تعرض له قطاع السياحة بشكل عام بعد ثورة 2011، فراح يبحث عن مشروع يعينه وأسرته على الحياة.

شاءت الأقدار أن يفشل مشروعه الذي وضع فيه "تحويشة العمر"، على حد قوله، بل واستدان، فبات بين عشية وضحاها مطاردا بالديون لتجد زوجته أم حسام نفسها أمام واقع مرير أخرج منها قوة عجيبة، فهي التي عاشت سنوات تهتم بأولادها الأربعة وجدت نفسها مطالبة بالبحث عن عمل تساعد به زوجها على سداد ديونه وتوفر به المأكل والمشرب والمسكن لأسرتها.

"بحثت عن عمل لكن دون جدوى"، تقول سماح لموقع (إرفع صوتك)، "ولم يحبطني الأمر. رحت أبحث عما أتقنه فحولت صالون منزلي إلى كوافير للسيدات وبدأت بتصفيف شعر جيراني وبأسعار أقل مما يدفعنه بمحلات الكوافير".

تشير سماح إلى أنها خلال فترة قصيرة، استطاعت جذب الزبائن ليصبح دخلها من عملها هذا كافيا لمساعدة زوجها في سداد جزء من ديونه، والإنفاق على مسيرة أولادها في التعليم وتوفير حياة كريمة لهم.

ما يقوله عنها الأهل والأصدقاء والزبائن الآن هو أنّها "ست بألف رجل".

*الصور: تعرّف على حكايا رسّام مصري كفيف وسيّدتين "بألف رجل"/تنشر بإذن خاص لموقع إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.