الأردن – بقلم صالح قشطة:

"منذ قدومي إلى الأردن قبل أكثر من عامين وأنا عاطل عن العمل، وبالكاد أستطيع تأمين جزء من متطلبات أطفالي من خلال المعونات التي نحصل عليها، وكلما تقدمت بطلب تصريح للعمل يتم رفضه، فأنا لا أجيد سوى أعمال الكهرباء المنزلية وصيانتها، وبحسب وزارة العمل فإن مهنتي مغلقة ولا يستطيع غير الأردني ممارستها"، يقول محمد الدوسري القادم من العراق والمقيم في الأردن منذ عام 2014.

حال محمد لا يختلف كثيراً عن حال العديد من غير الأردنيين الذين يجدون قيوداً عدة كلما حاولوا العمل من أجل تأمين قوت يومهم بعمل يسد احتياجاتهم. وطالب الرجل خلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقديم حلٍ لهم وتأمين فرص عمل تكفل لهم العيش بكرامة، كونها الجهة المسؤولة عنهم.

موضوعات متعلقة:

تعرف على جوائز الإبداع في العالم العربي

حكايا رسّام مصري كفيف وسيّدتين “بألف رجل”

سعياً من وزارة العمل الأردنية لإيجاد حلول تساهم في الحد من مشاكل البطالة التي تواجه المجتمع الأردني، لا سيّما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، تم فرض ضوابط تكفل للعامل الأردني فرصاً أكبر تساهم في سد احتياجات سوق العمل الأردني، وذلك عبر إغلاق مهن معينة وجعلها مقتصرة على المؤهلين من أبناء الأردن دوناً عن نظرائهم من أبناء الجاليات الأخرى.

مهن مغلقة

وفي تصريح خاص لموقع (إرفع صوتك)، يوضح وزير العمل الأردني علي الغزاوي وجود 19 مهنة مغلقة من مختلف القطاعات، لمختلف الجنسيات، وهذا يشمل الأيدي العاملة الوافدة جميعها. "هذه المهن المغلقة هي مهن يجيدها الأردنيون، ولا يمانعون العمل بها، وهو حق مكتسب لهم كمواطنين".

كما يشير إلى توفر قطاعات كثيرة تحوي عدداً كبيراً من المهن تستطيع العمالة الوافدة العمل فيها بصرف النظر عن جنسيتها، كما هو الحال بالنسبة للاجئين السوريين، حيث يمكن لمن يمتلك منهم بطاقة أمنية صادرة عن وزارة الداخلية أن يصدر تصريح عمل في المهن المسموح بها.

وخلال تصريحه لموقع (إرفع صوتك)، يؤكد الوزير وجود استثناءات لحالات أخرى يتم فيها السماح لغير الأردني بالعمل في مهن معينة "مثلاً لو كانت هناك شركة بحاجة إلى خبيرٍ ما موجود في الأردن ويمتلك خبرة غير متوفرة لدى أردنيين، فمن الممكن أن يعطى تصريحاً للعمل بشكل مؤقت، ونطلب من الجهة الموظفة له في هذه الحالة أن تقوم بتشغيل أردني معه في نفس القطاع ليتعلم منه".

سلبيات غياب فرص العمل

كما تتحدث نور محمد إلى موقع (إرفع صوتك)، وهي عراقية تحمل درجة البكالوريوس في الصيدلة، مقيمة في الأردن منذ 10 أعوام، قائلة "في السنوات الأولى لقدومي انقطعت عن العمل بسبب إنجابي ورغبة مني بالعناية بأطفالي، وعندما كبر أطفالي وقررت العمل لاحقاً اصطدمت بمجموعة من القرارات التي تزيد مهمة عملي صعوبة".

وتتابع نور "لا أعترض على إغلاق مهن معينة وجعلها حكراً على الأردنيين، أدرك تماماً وجود نسبة بطالة لا بأس بها في الأردن، وقد تساعد هذه القرارات في الحد منها بدلاً من تفاقمها بإعطاء فرصة المواطن لشخص آخر قادم من بلد أخرى"، لكنها عبّرت عن أملها في أن تكون هناك مستقبلاً طريقة ما تتيح لها ممارسة خبرتها وتخصصها.

"الجلوس بلا عمل يعود علينا بشكل سلبي ومحبط، وهذه السنوات التي قضيتها بلا عمل كانت كفيلة بنقلي إلى مرحلة أخرى من الخبرة في مجالي وبين أقراني وزملائي".

المهن الممنوعة

ويذكر أن المهن المغلقة التي أصدرت وزارة العمل الأردنية قرار الإغلاق بخصوصها مطلع عام 2016 -مع وجود بعض الاستثناءات في بعض الحالات- هي كالتالي:

- المهن الإدارية والمحاسبية.

- المهن الكتابية بما في ذلك أعمال الطباعة والسكرتارية.

- أعمال المقاسم والهواتف والتوصيلات.

- أعمال المستودعات.

- أعمال البيع بكافة فئاتها.

- أعمال الديكور.

- بيع المحروقات في المدن الرئيسية.

- مهن الكهرباء.

- مهن الميكانيك وتصليح السيارات.

- السائقون.

- الحراس والمراسلون.

- المهن الطبية.

- المهن الهندسية.

- أعمال قص الشعر.

- المهن التعليمية.

- عمال التحميل والتنزيل في محلات الخضار والفواكه.

- عمال التحميل والتنزيل في محلات السوبرماركت والمولات.

- عمال النظافة في المدارس الخاصة والفنادق.

- المكاتب الإقليمية الأجنبية (غير العاملة في المملكة)، حيث يسمح بمهنة (ممثل إقليمي) أو (نائب) فقط.

* الصورة: لاجئ سوري في الأردن أثناء عمله/إرفع صوتك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم مايكل عادل:

كان مأمولاً أن تُفتح كل تلك الملفّات عقب إتمام الموجة الأولى من ثورة 25 يناير عام 2011. فالملفات المسكوت عنها كانت قد زادت عن الحد وربما كانت هي أهم محرّكات الثورة آنذاك كالطائفية والحريّات وقضايا المرأة والمساواة.

ولكن الأمر الصادم لم يكن مجرّد عدم مناقشة تلك القضايا والعمل عليها على النحو المُنتظر، وإنما هو حالة الردّة المثيرة للدهشة في تلك الأمور -خاصة قضايا المرأة. بالإضافة لطفو أضعاف ما كان ظاهراً من عوامل اختلال مفهوم المساواة على المستوى المجتمعي، رغم الجهود المبذولة من الأفراد والمؤسسات.

لعل أحد أهم أسباب تلك الردّة المباغتة هو عدم تقدير حجم الخلل بدقّة من قِبل العاملين على إصلاحه، بالإضافة إلى رد الفعل الشرس من فئات المنتفعين من سيادة منطق التفرقة سواء على أساس الجنس أو الدين. فهناك على سبيل المثال الجماعات الدينيّة التي ظهرت بقوّة في المجال العام والعمل السياسي الرسمي بعد الثورة، والتي لم تكتفِ بخوض المعترك السياسي رسمياً بل صارت مقرّبة إلى السُلطة الحاكمة بقدر كبير خلال الفترة الانتقاليّة الأولى في وقت ابتعاد القوى المدنية والمجتمع المدني، الأمر الذي وصل إلى الخصومة نتيجة رفض الممارسات الأمنيّة ضد الحراك الثوري.

وبناء على ذلك أصبح الصوت العالي في المجتمع -بعد الصوت الرسمي- للجماعات الدينية كالإخوان والتي لم تدرج على قائمة أولوياتها قضايا كتلك بقدر اهتمامها بقضايا الأحزاب والانتخابات وخارطة الطريق.

عطفاً على ما سبق، كان من أقوى أسلحة الحرب على أي تحرك أو عمل في إطار قضايا المرأة في مصر ما يُسمّى بالعُرف والعادات والتقاليد. والعرف هنا ليس شأناً أخلاقياً بالمرّة، بل على سبيل المثال في صعيد مصر من المعتاد أن تجد سيّدة على رأس أسرة أو كبيرة عائلة تتحكم في تقسيم التركات وحصص الأفراد من الأرض أو توزيع الدخل الناتج عن بيع الغلّة. وهذا أيضاً من العُرف. ولكن العرف الذي يقصدونه الآن حين يكون الحديث في المساواة أو حقوق المرأة هو مجموعة من الأفكار العشوائية المختلطة بالرجعيّة واهتزاز الثقة، والتي اتخذت نزعة إجرامية غير مسبوقة في فرضها كرد فعل على أي بوادر تحرر ظهرت بعد الثورة. فأصبح التحرش ليس مجرد حدثٍ يومي كما كان، بل تطور إلى ما يشبه الواجب الذي يمارسه الموتورون بشكل روتيني مضيفين إليه بعض العنف والتحدي والسباب. بالإضافة إلى الدفاع المستميت عن أي إجرام يطال المرأة بداعي تجاوزها سواء في الملبس أو الحديث مثلاً.

وإجمالاً للأمر، فإن ملف المرأة يمر بأصعب مراحله خلال السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها سوء تقدير المعنيّين بالقضية بالإضافة إلى طفو الجماعات الدينية على الساحة السياسية وتصدّرهم المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة حقيقية من قِبَل الحكومات المتعاقبة لتحقيق أي خطوة للأمام –على الأقل على المستوى الرسمي- في القضايا العديدة ضمن ملف المرأة والمساواة.

ربما يأتي التحرك الرسمي الوحيد في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، الذي أصدر حزمة قوانين جاء ضمنها قانون التحرش. ولكن الأزمة ليست دائماً في القوانين بقدر أن تحقيق المساواة يعتمد بشكل أساسي على الشق التوعوي والتعليمي والذي تتحمل مسؤوليّته الدولة جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني.

عن الكاتب مايكل عادل: صحافي وشاعر ومدوّن وباحث مصريّ، عمل في عدد من الصحف العربية كالسفير والأخبار اللبنانية ومؤسسة الأهرام المصريّة وكذلك مدوّناً في "هافينجتون بوست" بنسختها العربيّة.

لمتابعة مايكل على صفحته على تويتر اضغط هنا. وعلى فيسبوك اضغط هنا.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.