المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
"خلال سنتي الأخيرة في الجامعة تعرفت على شاب خلوق ومثقف، اختار شعبة الدراسات الإسلامية في الجامعة لإكمال مشواره الدراسي، غير أنني صدمت بعد أشهر قليلة بتواجده ضمن جبهة النصرة، ومن ثم في أحضان تنظيم داعش بسورية"، هكذا يروي بلال لموقع (إرفع صوتك) حكاية صديقه الشاب المغربي أشرف جويد الذي دفعته أوضاع أسرته المزرية شمال المغرب إلى الارتماء في كنف التنظيمات الإرهابية.
"ورغم معرفتي لهذا الشاب المثقف وقربي منه"، يقول بلال، "لم يكن يظهر علامات التأثر بالفكر الجهادي أو النقمة على أوضاعه الاجتماعية رغم الفقر الذي تعيشه أسرته، بل كان شخصا عاديا يتواصل مع الجميع من دون أي شبهة".
ويشير الشاب المغربي بلال الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً لدواع خاصة "إلى وجود جماعات خفية تنشط في الخفاء تستغل حاجة الشباب المتلهف للمال والارتقاء بسرعة قياسية، فيتم اصطيادهم بسهولة عبر الإغراء بالمال وأمور أخرى والزج بهم في مستنقعات القتال بسورية، ليلقوا حتفهم أو يعودوا ليسجنوا في بلادهم بعد تبخر أحلامهم".
شباب مقاتل
وكان مرصد الشمال لحقوق الإنسان قد أعد تقريرا حول هجرة المقاتلين المغاربة المنحدرين من شمال المغـرب إلى سورية والعراق في النصف الأول من عام 2015 أظهر استمرار هيمنة الشباب على الفئات العمرية الأخرى التي يتم استقطابها من طرف تنظيم داعش، فغالبية هؤلاء شباب تتراوح أعمارهم ما بين 14 و25 سنة.
وكشف التقرير الذي حصل موقع (إرفع صوتك) على نسخة منه أن الفقر والإغراء المادي برغد العيش وتحقيق المآرب الدنيوية والدينية كانت أبرز الأسباب التي تؤدي بالشباب اليائس بالمغرب إلى أحضان الجماعات المتطرفة التي تستغل حاجتهم للمال.
وإذا كانت الشهور الأخيرة قد شهدت تراجعا ملحوظا في هجرة الشباب نحو بلدان الشرق الأوسط حيث تنشط الجماعات الجهادية، بسبب الصرامة الأمنية التي ينتهجها المغرب، إلا أن ذلك لا يحد من تفكير الكثير من الشباب اليائس من البحث عن أوضاع أفضل ولو كان ذلك على حساب أرواحهم وأمن أوطانهم، حسب محمد لكحل، الباحث في علم الاجتماع، في حديث لموقع (إرفع صوتك).
مقاتلون مثقفون وميسورين
من جهة أخرى سجل التقرير السالف الذكر "تصاعدا ملحوظاً في نسبة المغاربة المنظمين لتنظيم داعش، وهم أفراد من ذوي المستوى التعليمي المرتفع، والمنتسبين إلى الطبقة الاجتماعية العليا".
"لا يقتصر استهداف الجماعات التكفيرية على الشباب اليائس، بل امتد تأثيرها ليشمل الطبقة المثقفة، حيث أعرف شخصيا أستاذا شابا حديث التخرج التحق بتنظيم داعش في سورية، وأصبح يشجع أصدقاءه على اللحاق به"، يضيف بلال.
وعن أسباب لجوء المثقفين والميسورين للقتال في صفوف داعش، يشير التقرير إلى أن العوامل الأيديولوجية والخطاب الديني المشحون بالعاطفة وتبني مفهوم الجهاد وسحر الخلافة.. تعد أسباباً رئيسية لذلك.
حاتم حلاوة، ابن مدينة تطوان شمالي المغرب ولاعب المنتخب المغربي للكرة داخل الصلة، كلنا نعرف عنه أخلاقه المثلى وشعبيته في مسقط رأسه، يضيف بلال، لكن لم يخطر في بالنا يوما أنه سيلقى حتفه داخل صفوف داعش بسورية، وتنقلب حياة أسرته رأسا على عقب، إذ لا يزال بيته مفتوحا لتلقي العزاء إلى اليوم.
طرق الاستقطاب
من جانبه يقول محمد بنعيسى، مدير مرصد الشمال لحقوق الإنسان، لموقع (إرفع صوتك) إن استقطاب الشباب المغربي اليائس والناقم على أوضاعه المزرية يتم عبر طريقتين، تتمثل الأولى في استهداف الفئات المتدينة والمعزولة عن المجتمع، ومن ثم شحنه أيديولوجيا وغسل دماغه ليسهل ترحيله نحو بؤر القتال.
أما الطريقة الثانية، يتابع بنعيسى، فتتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث يعمل الشباب المغاربة في صفوف داعش على إغراء آخرين بالمغرب بالمال ومتع الحياة الدنيا والحور العين في الآخرة، ما يسيل لعاب الكثيرين للتوجه نحو المجهول.
ويقترح الباحث المغربي محمد لكحل أن تتم مراقبة الفئات الملتزمة دينيا وخاصة الشباب الذين لا يظهرون نواياهم التكفيرية بشكل مباشر، لأنهم الفئة الأكثر حيوية، إضافة إلى "الاهتمام بشباب المناطق المهمشة التي تفرخ الدواعش بسبب سوء الأوضاع التي يعيشونها".
*الصورة: عناصر في الشرطة المغربية/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659