بقلم خالد الغالي:
يمثل الشباب العرب أكثر من نصف مجتمعاتهم، منفتحون جدا على وسائل الاتصال الحديثة، نجحوا في إلهام العالم بثورات مليونية خرجت تطالب بالحريات والديموقراطية. غير أنهم أيضا يعانون: بينهم حوالي 10 ملايين أمي، نسب البطالة في صفوفهم أعلى من المعدلات العالمية بكثير، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد الربيع العربي فصارو يفضلون الاستقرار على الديموقراطية. وفيما يلي نسب وإحصائيات عن وزن الشباب العربي داخل مجتمعاتهم.
مجتمع شاب.. سيف ذو حدين
أكثر من نصف سكان المنطقة العربية لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، وواحد من خمسة أشخاص يقع عمره بين 15 و24 عاما، وهي الفئة العمرية التي يعتبرها البنك الدولي شبابا. يمثل هذا المعطى سيفا ذا حدين للمنطقة، فكما يمكن للقوة الشبابية أن تشكل محركا اقتصاديا هائلا، يمكن أن تكون قوة ضاغطة تستزف موارد المنطقة (تعليم، وظائف، خدمات اجتماعية).
وبتعبير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (تقرير المعرفة العربي للعام 2014) يبعث الوضع الديموغرافي الشبابي في البلدان العربية على "التفاؤل والتشاؤم" في الوقت نفسه. "فمن ناحية، يمكن لهذا الواقع الشبابي في الوطن العربي أن يشكل فرصة سانحة لإنجاح التنمية، لو نجحت البلدان العربية في دمج الشباب في عملية التنمية بشكل ناجع. إلا أن الوضع قد ينقلب حين تقل فرص العمل فيغدو هؤلاء الشباب مصدرا لقوة خطرة قد تهدد الاستقرار الاجتماعي وتعوق التنمية"، يقول التقرير الأممي.
الأمية.. 10 ملايين شاب
كاد عدد الأميين الشباب في الدول العربية، سنة 2012، أن يصل عتبة 10 ملايين شخص (9.6 مليون بالضبط). وتنتشر نسبة الأمية في صفوف الإناث أكثر، حيث تمثل 64 في المئة من مجموع الأميين الشباب.
ورغم الخطوات الكبيرة التي حققتها الدول العربية في مجال ولوج الأطفال إلى المدرسة في المراحل الابتدائية، إلا أن نسبة من يصلون إلى المستوى الجامعي تظل دون المستوى المطلوب، إذ لم يتجاوز عدد الطلبة الجامعيين سنة 2012، تسعة ملايين طالب. وظل متوسط نسب الالتحاق بالتعليم العالي في الدول العربية إلى 26.1 في المئة وهو أقل من المتوسط العالمي بست نقاط.
البطالة.. الأرقام المفزعة
تؤكد إحصائيات منظمة العمل الدولية لسنة 2015 أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأولى عالميا في بطالة الشباب، بنسبة 28.2 في المئة للشرق الأوسط، و30.5 في المئة لشمال أفريقيا. ويبلغ هذا الرقم أكبر من ضعف المعدل العالمي لبطالة الشباب البالغ 13 في المئة فقط. أكثر من هذا، تتميز بطالة الشباب العربي بطول الأمد، فما بين 40 و70 في المئة (حسب كل دولة) من العاطلين السابقين أكدوا أنهم ظلوا دون عمل لأكثر من سنة كاملة.
الشباب والسياسة.. الاستقرار أولا
أطاح نزول الشباب إلى الشارع للتظاهر، بحثا عن الحرية والديموقراطية، بزعماء أربع دول عربية. غير أن انقلاب الثورات العربية في عدد من الدول (سورية، ليبيا، اليمن) إلى نزاعات مسلحة، جعل غالبية الشباب العرب تميل إلى تشجيع الاستقرار على حساب الديموقراطية. ويشير استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة بيرسون – مارستيلر، في كانون الثاني/يناير، إلى أن 53 في المئة من الشباب العربي يفضلون الاستقرار السياسي على حساب الديموقراطية (28 في المئة). وترتفع نسبة مؤيدي الاستقرار بشكل خاص في دول الخليج لتصل إلى 62 في المئة.
التكنولوجيا.. شباب العصري الرقمي
تختلف معدلات الولوج إلى الإنترنت في الدول العربية، إلا أن العرب استطاعوا بشكل عام اللحاق بالموجة الرقمية: سبعة دول عربية فقط تقل فيها معدلات الولوج إلى الإنترنت عن المعدل العالمي (40.7 في المئة). في المقابل، تكاد هذه النسبة في دول عربية أخرى تنافس المعدلات المسجلة في الدول المتقدمة. وتجاوزت نسبة الولوج إلى الإنترنت في كل من قطر والبحرين والإمارات 90 في المئة، حسب إحصائيات البنك الدولي لسنة 2014. أما يتعلق فيما باستعمال الهاتف المحمول فقد فاقت معدلاته في الدول العربية المعدل العالمي (110 مقابل 97 في المئة). وحسب دراسة أجراها فريق "ستراتيجي اند" بالتعاون مع شركة غوغل، سنة 2012، فإن 83 في المئة من الشباب العرب يستخدمون الإنترنت يوميا، 40 في المئة منهم لمدة خمس ساعات على الأقل.
هجرة الكفاءات.. نزيف مستمر
المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم خسارة لكفاءاتها، خاصة ذوي التعليم الجامعي. ما بين 10 إلى 15 في المئة من الشباب العرب يغادرون بلدانهم إلى الخارج. وترتفع النسبة بين خريجي التعليم العالي الدول العربية، لتصل في بلدان مثل لبنان إلى 35 في المئة و17 في المئة المغرب على سبيل المثال، حسب تقرير المعرفة العربي للعام 2014.
*الصورة: أكثر من نصف سكان المنطقة العربية لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659