الجزائر – بقلم أميل العمراوي:
على غرار الدول العربية، يشتكي خريجو الجامعة الجزائرية من البطالة التي بلغت نسبة 14.1 في المئة لدى الحائزين على شهادات عليا بحسب إحصاءات رسمية نشرت في سبتمبر/أيلول 2015.
وتشير دراسة للديوان الوطني للإحصائيات، التي حصل موقع (إرفع صوتك) على نسخة منها، إلى أن نسبة العاطلين عن العمل الذين يقبلون بمنصب شغل أدنى من كفاءاتهم تمثل 7.78 في المئة، فيما يرضى 28 في المئة بمنصب عمل مرهق و81 في المئة يرضون بعمل براتب زهيد.
وبالنسبة للشباب من خريجي الجامعات فإن الارقام أعلاه على الرغم من أنها تقدم صورة قاتمة عن سوق العمل في الجزائر، إلا أنها لا تقدم حقيقة الصورة "لأن الوضع أكثر سوءا مما ترسمه الاستطلاعات الدورية"، يقول أحد الخريجين لموقع (ارفع صوتك).
أبواب موصدة
محمد بوسليم، 23 عاماً، خريج معهد العلوم السياسية بجامعة الجزائر. ينتظر منذ سنة فرصة عمل ولو بعقد محدود حتى يتمكن من دخول سوق العمل مضمّناً خبرة عملية في سيرته الذاتية.
"سئمت الوعود، لم أعد أثق بفرصة عمل عن طريق تقديم السير الذاتية. كل شيء موصد أمامي. لعل العمل في مقهى هو الحل الوحيد. لم أعد أقوى على الانتظار".
ويشتكي الشاب من "المحسوبية التي تنخر الإدارة الجزائرية" ويعتبر أنها أحد أسباب تدهور الأوضاع في سوق العمل "لأن الفرص المتاحة أمام أبناء المسؤولين ليست ذاتها التي تمنح لأبناء عامة الشعب".
"أتفهم أن يكون هناك نقص في المناصب المتاحة، لكنني أتساءل دوما لماذا لا يشتكي أبناء إطارات الدولة من البطالة مثلنا؟ هذا ينم عن وضع أعرج لا يمكن أن يعالج إلا بثورة تطهير على مستوى أسلاك التوظيف".
وبالنسبة لزهيدة بلعسل، في العشرينيات من عمرها، والتي تخرجت بشهادة في هندسة البتروكيمياء من جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، فإن سبب البطالة التي تعاني منها شخصيا وأقرانها من حاملي الشهادات العليا هي عدم تطابق متطلبات سوق العمل والشهادات التي تحضر بالجامعة.
"هناك شرخ كبير بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية... لماذا تصر الجامعة على تكويننا في اختصاصات ليست مطلوبة في سوق العمل عندنا؟".
يأس
وتؤكد المتحدثة لموقع (إرفع صوتك) أنها تعيش كابوس البطالة منذ أربع سنوات وأنها تعبت من البحث لأن الشهادة التي تحصلت عليها ليست مطلوبة لدى المؤسسات الاقتصادية العاملة في مجال النفط. وتتساءل عن سبب فشل سياسة تقريب الجامعة من المؤسسات الاقتصادية بالحكومات المتعاقبة.
"كيف يمكن أن تضع برنامجا تكوينيا على مدى 30 سنة من دون أن تغيره بحسب الواقع الاقتصادي؟ في الغرب يستجيب التكوين الجامعي لطلب سوق العمل، لكننا في الجزائر نستعجل تقديم أرقام عن أعداد حاملي الشهادات الجامعية من دون أن يؤثر ذلك على حياتنا لأن شهاداتنا تجاوزها الزمن".
وفي هذا الصدد، يرى الدكتور مهدي طلال وهو أستاذ بجامعة العلوم الاجتماعية، أن الشباب من المتخرجين أصبحوا لا يثقون كثيرا في أنفسهم نظرا لنوعية التكوين الذي استفادوا منه طيلة مشوارهم الجامعي، لمّا تبين لهم خلال رحلة البحث عن وظيفة أن مستواهم تحت المتوسط وأن سوق العمل يستجيب لمعايير لا يستطيع مستواهم البسيط بلوغها.
ويقول الأستاذ الجامعي لموقع (إرفع صوتك) "من جملة المشاكل التي يتخبط فيها خريجو الجامعة الجزائرية هي عدم تطابق مستواهم العلمي والتجريبي مع احتياجات المؤسسات الاقتصادية والتي هي في الغالب عبارة عن مؤسسات متعددة الجنسيات تشترط مستويات علمية عالية للالتحاق بها. وهو ما لا يسع آلاف الشباب من المتخرجين فالمستوى العلمي لديهم جد متوسط".
ويلفت الدكتور طلال إلى أن الجيل الجديد من المتخرجين لا يمكنه التحكم في معايير التسيير الحديثة والتي تعتمد على مؤهلات تقنية عالية لا توفرها الجامعة الجزائرية ومن ثم "يصطدم طالب العمل بواقع لم نهيئه له طيلة مشواره العلمي".
كيف نتسلم المشعل ؟
الرأي ذاته ذهب إليه موسى عصام المتخرج من معهد الاتصالات اللاسلكية بوهران (غربي الجزائر) حيث يرى أنه وأقرانه ليسوا مهيئين للاضطلاع بمسؤوليات كبيرة في الجزائر بحكم المستوى المتدني الذي تقدمه الجامعات.
ويقول موسى، 24 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) "لا يمكنني شخصيا أن أتحمل مسؤولية مؤسسة ما. لا أحس أنني أهلٌ لتحمل مسؤولية مؤسسة اقتصادية بالرغم من أنني متخرج من جامعة ومتحصل على شهادة بكالوريوس"، قبل أن يضيف "أنا مثلا لا أجيد إلا اللغة العربية وحتى هي لا أتقنها جيدا". ثم يتساءل "كيف نتسلم المشعل إذن؟".
*الصورة: "لماذا تصر الجامعة على تكويننا في اختصاصات ليست مطلوبة في سوق العمل عندنا؟"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659