المغرب - بقلم زينون عبد العالي:

على الرغم من الأزمات المتتالية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، يحافظ سكّانها على بصيص أمل ويطمحون إلى تحقيق سعادتهم يوم تصبح بلدانهم خالية من الفوضى والحروب التي تقض مضجعهم.

السعادة خيار فردي

وإذا كانت السعادة اختياراَ فردياً بحسب معظم الدراسات التي أجريت حول الموضوع، وفي ظل تعدد المفاهيم والمعايير التي تحدد سعادة الشخص وتعاسته، فليس هناك وصفة محدّدة لتحقيق السعادة. ويقول الأخصائي في علم النفس الاجتماعي مصطفى الشكدالي لموقع (إرفع صوتك) "من البديهي أن تؤثر الأوضاع التي يعيشها العالم العربي من حروب وتقلبات اقتصادية واجتماعية على الاستقرار النفسي وسعادة الفرد العربي".

مشكلنتا في بنية التفكير

ويضيف الشكدالي أنّ "المشكلة مرتبطة ببنية التفكير في هذه المجتمعات، ذلك أنّ أفراده إمّا يعيشون في الماضي ويحنون إليه، وإمّا يفكرون في المستقبل كبريق أمل. وبالتالي، حين لا نعيش هنا والآن، أيّ في الحاضر، ونثابر ونجتهد، نكون قد أخطأنا في البحث عن السعادة، إذ تكون أمانينا غير واقعية، وغير مرتبطة بالاجتهاد والسعي، بل تعتمد فقط على الأقوال دون الأفعال".

خمس خطوات لتحقيق السعادة

من جهة أخرى، تقترح الأخصائية النفسية والمدربة في التنمية البشرية رقية الهوري خمس خطوات ترى أنّها قد تحقق سعادة الإنسان إذا ما تم العمل بها. فإذا أردت أن تكون سعيداً، حسب المدربة، عليك أن:

1- تنظف عالمك الداخلي من شوائب الماضي، وذلك عن طريق التخلص من التوتر والقلق، بتبني استراتيجيات وتقنيات لتحفيز الشعور الإيجابي والمصالحة مع الذات.

2- تطوير قوة التحمل لديك وتنميتها، والثقة في النفس لتفادي الأمراض النفسية، وذلك بمعرفة القوة الكامنة داخلك واستثمارها بشكل أفضل.

3- السماء لا تمطر سعادة، وبالتالي من الواجب عليك أن تعمل وتسعى من أجل تحقيقها، والبحث عنها في أبسط الأمور الحياتية.

4- تطوير أشكال التعامل مع ذاتك والتعاطف معها، وليس إهمالها والاهتمام بأمور أخرى قد تكون سببا في تعاستك.

5- وأخيراً، السعادة تتحقق بالعطاء. أثبتت الدراسات أن الناس الذين يواظبون على فعل الأعمال الخيرية يحسّون بالرضى والسعادة أكثر من أولئك المنغلقين على ذواتهم. لذا كن فاعل خير، تكن سعيداً في حياتك.

*الصورة:  "السماء لا تمطر سعادة، وبالتالي من الواجب عليك أن تعمل وتسعى من أجل تحقيقه"/shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بقلم حسن عبّاس:

نظريات فلسفية كثيرة اعتبرت أن غاية الإنسان في هذه الحياة هي تحقيق سعادته. وفي ظل الظروف الصعبة وقسوة الحياة أو الاضطرابات الأمنية التي تميّز حياة أبناء الشرق الأوسط، يتوجّه الناس إلى الدين ليمنحهم بعض الراحة.

عندما نتحدث عن قضايا مثل السعادة، وهي قضايا لا يمكن إجراء حساب كمّي لها، يقلّ نفع العلوم الدقيقة في دراسة المسألة، خاصةً أن سعادة أيّ إنسان ترتبط بقيمه الخاصة وأيضاً بقيم الأشخاص المحيطين به.

التعلّق بالدين

تؤكّد أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز لموقع (إرفع صوتك) أن "الشعوب عندما تمرّ بأزمات وتقلّبات تمس كيانها وبقاءها تقوى صلتها بالدين وتتجه نحو التعلّق بالقوانين السماوية التي تعطيها أملاً، باعتبار أن انتهاء حياة الأفراد ليس النهاية بل هو انتقال إلى حياة أوسع، الآخرة".

وتلفت إلى أن "كثرة رؤية الدماء والقتل وعدم الأمان والعجز عن إيجاد السعادة في الحياة تدفع الإنسان إلى اختيار الآخرة وتصير سعادته مبنيّة على هذا الخيار. فيأخذ يفسّر الفقر والموت بأنهما امتحان من رب العالمين وابتلاء له لأنه راضٍ عنه معتبراً أن تجاوزها والصبر عليها يكسبه رضا الله، وبأن الله سيكافئه آجلاً أم عاجلاً، إذا ليس في الدنيا ففي الآخرة".

الدين عازل بين التوتر وبين الفرد

وبما أن كثيرين من الناس يأخذون قيمهم من الدين، فإن الدراسات الاجتماعية أوجدت روابط بين التديّن وبين شعور الإنسان بالراحة والسعادة. ويستخلص تقرير السعادة العالمي الأول الصادر عام 2012، والذي يأخذ بعض الأرقام من إحصاءات أجراها معهد غالوب، أن القناعات الدينية والممارسة الدينية منتشرة أكثر في الدول حيث تكون الحياة أصعب، أي حيث يكون مستوى الدخل أدنى، ومعدل الأعمار أقصر، والتعليم أسوأ والأمن الشخصي مهدداً.

وبحسب التقرير أيضاً، يؤكد الملتزمون بالتعاليم الدينية أن الدين يمكن أن يساعد على تخطي الظروف الصعبة من خلال المساعدة على إيجاد أقرباء أو أصدقاء يمكن الاعتماد عليهم ومن خلال منح المتديّن شعوراً أنه محترم في المجتمع وإحساساً أن حياته لها غاية هامة ومعنى. ومن الأمور اللافتة أيضاً أن الأشخاص الذين يستطيعون أن يكونوا سعداء في الظروف الصعبة هم ميّالون إلى الإيمان بوجود إله رحيم.

ويلفت التقرير إلى أن ثلاثة أرباع الدراسات التي تناولت علاقة الدين بالسعادة خلصت إلى أن للدين تأثيراً إيجابياً على الشعور بأننا بحال أفضل. وتوضح دراسات أن التديّن والمشاركة في الصلوات الجماعية ليس له فقط دور إيجابي على الأشخاص أنفسهم، بل له تأثيرات تتعدّاهم لتطال الآخرين على المستوى الوطني.

ويشبّه التقرير دور الدين بأنه عازل بين التوتر والضغوطات وبين الفرد ويؤكد أنه يحدّ من تأثيرات الأحداث المرهقة على نفسيتنا. ويشير إلى أن تأثيره أكثر وضوحاً في حالات الخسائر الكبرى كموت الأحباء، وأضعف في الأوضاع ذات الخسائر الأقل أهمية مثل خسارة الوظيفة أو المشاكل الزوجية.

الدين "لا يعطي سعادة" 

لا توافق المحللة النفسية أنيسة الأمين مرعي على مصطلح السعادة وتعتبر أن "الدين لا يعطي سعادة بقدر ما يعطي أماناً. وعندما تشعر بالأمان سيكون ممكناً أن تحقق أشكالاً متعددة من السعادة"، مضيفة أن "الدين أيضاً يقدّم للإنسان أشكالاً من المتعة".

وتؤكّد لموقع (إرفع صوتك) أن "العلم لا يستطيع الحلول مكان الدين. إذا تعطل جهاز إلكتروني سيسبب لك ذلك القلق. أما في الدين فلا شيء يتعطّل. الناس تحتاج إلى سند والعلم لا يؤمن لهم ذلك بعكس الدين الذي يعطي أجوبة سرمدية".

وفسّرت الأمين الشعور بالأمان الذي يمنحه الدين بأنه "يأتي من أن قوة كبيرة تتكفلّ بك وتعطيك أجوبة على كل الأسئلة التي قد تثير القلق لديك". مضيفةً أن "هنالك تأثير نابع من شعور المتديّنين بأنهم جزء من جماعة. وبدعم الله والناس المحيطين بهم في الوقت نفسه سيُغمرون بالأمان والسعادة".

لكن التديّن يأخذ أحياناً أشكالاً تدميرية فلا يعود دوره منح الأمان للشخص، بل يتحوّل المتديّن إلى قوة تدميرية كما في حالة الجماعات المتطرّفة كما قد يصير الموت محبباً من أجل التدمير كما في حالة منفذي العمليات الانتحارية.

وعن هؤلاء، تقول الأمين إنهم "يجدون من ناحية أن الحضارة سبقتهم. ومن ناحية ثانية لم تهتم الأنظمة الحاكمة بتحقيق رغباتهم. تم تجاوزهم ونسيانهم. ثم جاء مَن كلّفهم بما اعتبروه مهمة تطهيرية للبشرية والإنسانية ترفعهم إلى مصاف الأنبياء الذين سيمحون الفجور من الكون".

الصورة: مغربيون في مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء لإحياء ليلة القدر/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659