المسجد الأموي بدمشق.
المسجد الأموي بدمشق.

قبل سنوات قليلة، أصدر الكاتب الأميركي كايل هاربر كتاباً لافتاً للنظر بعنوان "مصير روما" يبحث فيه تأثير الكوارث الطبيعية، وخصوصاً الأوبئة في نهاية الإمبراطورية الرومانية.

ومن شأن تعميم هذا المنهج البحثي الجديد على مراحل تاريخية وإمبراطوريات أخرى، أن يحيب على أسئلة ما تزال معلقة حول الكثير من التغيرات الدراماتيكية المفاجئة التي طرأت وتم تفسيرها بعوامل سياسية أو دينية.

وفي هذا الإطار، يمكن أن نطرح تساؤلات جدية حول الأسباب الحقيقية المؤثرة في نهاية الإمبراطورية الأموية، بعد ظهور دراسات جيولوجية أكدت نصوصاً تاريخية تحدثت عن كارثة زلزالية كبرى في الثامن عشر من شهر يناير 749م، سبقت سقوط حكم الأمويين على يد العباسيين بأشهر قليلة.

 

دراسة المدن الأثرية المدمرة

 

سبب هذه الدراسات الجيولوجية عثور منقبي الآثار على بعض المدن الأثرية المحيطة ببحيرة طبرية، مثل بيت صيدا، وهيبوس في هضبة الجولان، تحت طبقات من الدمار الزلزالي، حيث بينت المسوح وقوع كارثة زلزالية كبرى تسببت في رفع مستوى مدينة بيت صيدا وتراجع مياه البحيرة عنها لمسافة كيلومتر واحد في العام 749م. 

ومن حسن حظنا أن المؤرخين السريان، والروم الأرثوذوكس، وكذلك السامريين قد ثبَّتوا في كتبهم تفاصيل ذلك الزلزال المروع الذي امتد في تأثيراته من البحر الميت إلى مدينة القسطنطينية ذاتها، وتسبب بحدوث تسونامي أغرق مدن الساحل السوري على وجه الخصوص.

 

الرواية السريانية لأخبار الزلزال

 

أوسع تلك الروايات تلك الواردة في كتاب المؤرخ السرياني ميخائل الكبير الذي ينقل عن شهود عيان، حيث يصف الكارثة على الشكل التالي: "حدث زلزال في دمشق استمر عدة أيام، فحركها مثل ورق الشجر، وكان من مبانيها حصن شيده الحجاج بن يوسف وأنفق عليه كثيراً، فدمر كلياً وقتل بداخله أكثر من ثمانين نفساً، وهلك عدد كبير من أبناء المدينة نفسها، كما هلكت آلاف عديدة من الغوطة وداريا، ودمرت كلياً، كل من بصرى وأيوا ودرعا وبعلبك ومرجعيون حيث استحال الماء دماً".

ويقول واصفاً التسونامي: "وثار في البحر نوء غريب، حتى أن الأمواج ظهرت وكأنها ترتفع نحو السماء وهي تبدو كماء يغلي داخل قدر، وتصدر عنها أصوات صاخبة وكئيبة، واندفعت المياه إلى أكثر من حدودها الاعتيادية ودمرت العديد من القرى والمدن الواقعة على السواحل".

Families wait through the rubble of buildings in kahramanmaras, the quake's epicentre, after a 7.8-magnitude earthquake struck…
من سومطرة شرقا إلى أكادير غربا.. أقوى الزلازل في البلدان الإسلامية عبر التاريخ
استيقظ العالم صباح أمس على وقع أخبار الزلزال المدمر الذي تعرض له الجنوب التركي والشمال السوري. وقع زلزال في الساعة الرابعة والربع صباحا بالتوقيت المحلي في تركيا على عمق 17.9 كيلومتراً بالقرب من مدينة غازي عنتاب. وبلغت قوته 7.8 درجة بمقياس ريختر.

وينتقل المؤرخ ليصف الكارثة في جنوبي بلاد الشام فيقول إن مياه البحر الميت قلعت أحد الحصون الذي يسكنه مسلمون من اليمانية من أساسه وقذفته على بعد ثلاثة أميال ودمر هذا الزلزال مدينة طبرية... ودُمر فيها ثلاثون كنيساً لليهود، وتهدمت الحمامات المدهشة وكان فيها معين ماء محاط بأعمال فنية رائعة، ومزود بوسائل الراحة للذين يقصدونه للاستشفاء".

ويقول إن مدينة منبج في شمالي سوريا الحالية تهدمت خلال إقامة القداس، وانهارت عدة كنائس كبرى وعدة أسوار، وراح ضحيتها أعداد كبيرة.

و"في القسطنطينية، سقطت تماثيل وأنصاب الملوك، وعدد كبير من المباني، وحدث مثل هذا في نيقية وغيرها من المدن".

وتكشف حولية الراهب الزوقنيني السريانية المعاصرة للزلزال أن التأثيرات تجاوزت منبج إلى المنطقة الغربية. وبحسب أعراف الكنيسة السريانية اليعقوبية، فإن المنطقة الغربية تشير إلى أنطاكية وما يتبع لها.

 

مصادر بيزنطية وقبطية

 

يتحدث المؤرخ البيزنطي ثيوفان المعترف (من أبناء القرن التاسع) نقلاً عن مصدر من القرن الثامن الميلادي عن زلزالين في بلاد الشام، واحد في عام 747 والآخر 749 دمرا الكنائس والأديرة في صحراء القدس.

يقول: "دمر الزلزال الثاني بعض المدن في سوريا وألحق أضرارا بمدن أخرى. وبحسب ما ورد، انزلق عدد من المدن من مواقع جبلية إلى سهول منخفضة. وبحسب ما ورد، توقفت المدن المتحركة على مسافة حوالي 6 ميل (9.7 كم) من مواقعها الأصلية. كما أفاد شهود عيان من بلاد الجزيرة الفراتية أن الأرض قد انشقت وظهر نوع مختلف من التربة شديدة البياض".

وكما هو الحال لدى مؤرخي تلك الفترات يتحدث ثيوفان عن ظهور أعاجيب وخرافات التي انتشرت حينها، من قبيل خروج حيوان يشبه البغل من الشق الذي أحدثه الزلزال وكان يتحدث بصوت بشري!

ويتحدث أغابيوس المنبجي، وهو أسقف ومؤرخ عربي من الروم الأرثوذوكس، عن حدوث الفيضانات الناجمة عن الزلزال على طول الساحل السوري والدمار في طبرية. ويؤرخ الحدث في شهر يناير قبل انتصار أبو مسلم الخراساني على الأمويين. 

ويصف المؤرخ القبطي ساويريس ابن المقفع، وهو من أبناء القرن العاشر، الأضرار الزلزالية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. ويؤكد أن الناس شعروا بقوة بالزلزال في مصر، ولكنه أورد أن المدينة المصرية الوحيدة التي تضررت كانت دمياط، كما أفاد بتدمير 600 بلدة وقرية بين غزة وبلاد فارس، وأن العديد من السفن فقدت في البحر بسبب الزلزال.

 

المؤرخ السامري

 

يربط المؤرخ أبو الفتح السامري بين الزلزال وسقوط دولة الأمويين حيث يقول: "وجاءت في أيّام مروان بن محمد زلزلة عظيمة كبيرة في كلّ مكان، ونزلت الدور على سكّانها، وفني من الناس ما لا يُحصى ولا يُعد، وكانت زلزلة عظيمة لم يُر مثلها، ومن سلم من الناس أقاموا في البراري أياماً كثيرة".

ويضيف: "ولمّا أراد الله الهدوء برحمته دخل الناس إلى المدن، وهدأت نفوسهم، وبعد هذا تجبر بنو العباس على بني أميّة، وخرجوا إلى لقائهم، ووقع الخلاف بين المسلمين، منهم مع بني العباس، ومنهم مع بني اميّة، ووقعت بينهم حرب عظيمة هائلة؛ وهي الحرب المعروفة بحرب الكوشيين، وانهزم الذين كانوا في عون بني أميّة وقتلوا".

ويشير إلى أبي مسلم الخراساني الذي جلب عساكر كثيرة وأعان بني العباس والتقى مع مروان بن محمد وكسره، وانهزم مروان حتى وصل إلى مصر ولحقه رجال أبي مسلم وقتلوه وأخذوا رأسه بعد أن ملك خمس سنين، كما يقول.

 

دور الطبيعة

 

كخلاصة لهذه الأخبار التاريخية، التي ترد في مصادر مختلفة، يبرز العامل الطبيعي كعامل مهم في سقوط الخلافة الأموية. فمثل هذا الكارثة من شأنها أن تشل المدن، وتعطل حركة المواصلات والبريد، ومن الممكن أن تنتشر الجوائح والأمراض نتيجة تحلل الجثث.

وكل ذلك من شأنه أن يساهم في انهيار أي سلطة. وعليه، يمكن القول إن العباسيين حين دخلوا إلى بلاد الشام، وجدوا بلداً منهاراً، وربما يفسر ذلك ابتعادهم عن بلاد الشام واتخاذهم العراق مقراً لخلافتهم، فالشام كانت مشهورة، في وعي أبناء تلك الأزمنة، بأنها بلد الطواعين والكوارث، وهذا الموضوع يصلح لدراسة أكاديمية معمقة على غرار ما فعله الباحث الأميركي كايل هاربر.

مواضيع ذات صلة:

صورة تعبيرية لجامع النوري في الموصل شمال العراق
صورة تعبيرية لجامع النوري في الموصل شمال العراق

تحلُّ في منتصف الشهر الحالي ذكرى "المولد النبوي" الذي اعتبرته الحكومة العراقية إجازة رسمية لموافقته يوم 12 ربيع أول، وهو التاريخ الذي رجّحت المرويات التاريخية أنه شهد ميلاد الرسول محمد، استنادًا لمقولة ابن عباس "وُلد رسول الله عام الفيل، يوم الاثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول".

بحسب الترتيب الزمني الذي أورده دكتور صلاح الدين بن محمد في دراسته "الإلزامات الواردة على بدعة الاحتفال بالمولد النبوي"، فإن أول من احتفل بالمولد النبوي هم الفاطميون سنة 362 هجرية بالقاهرة، وهي الاحتفالات التي استمرت في مصر حتى ألغاها أمير الجيوش الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي وزير المستعلي بالله سنة 490 هـ.

بعد سنوات من هذا الإلغاء سيكون للعراق الفضل في إعادة إحيائها مُجدداً لتنتشر بعدها في أصقاع العالم الإسلامي حتى اليوم، فما قصتها؟

 

البداية من الموصل

عاد الاحتفال بالمولد النبوي للظهور مُجدداً على يدي الفقيه عُمر بن محمد الموصلي، الذي تمتّع بمكانة اجتماعية كبيرة في الموصل شمال العراق بسبب فقهه وزُهده، فحاز شهرة كبيرة في العالم الإسلامي حتى تُوفي سنة 570 هـ.

بحسب كتاب "الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية" لأبي شامة المقدسي، فإن "زاوية الشيخ عمر" كانت محلاً لزيارة العلماء والفقهاء والملوك والأمراء. 

وامتلك الشيخ عُمر علاقة وطيدة بنور الدين زنكي صاحب حلب، إذ اعتاد الأخير مراسلة الشيخ عُمر لـ"استشارته في الأمور العِظام"،كما كان يزوره كل سنة في شهر رمضان لتناول الإفطار معه.

تعززت هذه المكانة حين خضعت الموصل لسُلطان نور الدين زينكي عام 566 هـ فأوصى وُلاته عليها بأن يستشيروا الشيخ عُمر في كل كبيرة وصغيرة، حتى نال لقب "المولى".

بحسب أبي شامة المقدسي فإن الشيخ عُمر هو الذي أشار على نور الدين بشراء قطعة أرض خراب في وسط الموصل وحوّلها إلى مسجد أنفق على بنائه أموالاً كثيرة، هو "جامع النوري" الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.

لم يكن "جامع النوري" هو أكبر إنجازات الفقيه الموصلي إنما إعادة إحياء الاحتفال بـ"المولد النبي"، أيضاً. وبحسب كتاب "خدمات الأوقاف في الحضارة الإسلامية إلى نهاية القرن العاشر الهجري"، كان الشيخ عُمر كان يقيم في كل سنة داخل زاويته احتفالاً بميلاد الرسول محمد، يوجّه فيه الدعوة لحاكم الموصل وكبار رجال الدولة للحضور إلى الزاوية حيث تُقدّم لهم الأطعمة والمشروبات ويستمعون للشعراء الذين حضروا هذه الاحتفالية للتنافس على إنشاد قصائد المدح النبوي.

تزامن هذا الاحتفال مع الاهتمام الجماعي الذي أبداه أهل الموصل طيلة العهد الأتابكي بمناسبة "المولد النبوي"، فكانوا يعتادون تزيين الدور والأسواق ويتجمهرون في المساجد.

في كتاب "رسائل في حُكم الاحتفال بالمولد النبوي"، لم يستبعد مؤلّفوه أن يكون الشيخ عُمر وغيره من أهل الموصل مالوا لإقامة هذه الاحتفالات كأحد أشكال تأثرهم بالفاطميين، الذين أقاموا صلات مباشرة بحكام الموصل على مدار سنوات طويلة، في إطار مساعيهم لإسقاط دولة الخلافة العباسية في العراق.

وذكر كتاب "تاريخ الموصل" لسعيد الديوه جي، أن أبرز حكام الموصل الذين رحبوا بهذا التقارب، هم  أمراء الدولة العقيلية الشيعية مثل حسام الدولة المقلد العقيلي (386 هـ- 391 هـ) وولده معتمد الدولة قرواش، اللذين حافظا على علاقات جيدة مع خلفاء مصر حتى أن قرواش أعلن تبعيته للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في 401 هـ، وهي خطوة لم تدم كثيراً بعدما تراجع عنها سريعاً بسبب تهديدات الخليفة القادر العباسي له بالحرب.

ووفق كتاب "الإعلام بفتاوى أئمة الإسلام حول مولده عليه الصلاة والسلام" لمحمد بن علوي الحسني، فإن الشيخ عُمر بعدما بات أول مَن احتفى بالمولد النبوي في العراق اقتدى به صاحب أربيل الملك المظفر كوكبري بن زين الدين بن بكتكين الحليف المخلص لصلاح الدين الأيوبي سُلطان مصر.

أربيل: مهرجان ديني حاشد

عمل زين الدين والد الملك المظفر الدين كوكبري والياً على الموصل، فحقّق نجاحاً كبيراً حتى أنه عندما مات سنة 563 هـ كان عدد من المدن الكبرى في العراق خاضعاً لحُكمه مثل: أربيل، شهرزور، تكريت، سنجار، حرّان وغيرها.

بعدما توفي زين الدين ورث ابنه مظفر الدين كوكبري حُكم أربيل، ولكن لصِغر سنه تولّى شؤون الإمارة أحد مماليك والده الذي خلع كوكبري عن الحُكم ونصّب بدلاً منه أخوه، هنا استعان كوكبري بصلاح الدين الأيوبي الذي أعاده أميراً على أربيل في 586 هـ.

يحكي عبد الحق التركماني في كتابه "ابن دحية الكلبي وكتابه (التنوير في مولد السراج المنير والبشير النذير)": "أخذ كوكبري عن الشيخ عُمر هذه البدعة وطوّرها وتفنن في إقامتها وبذل أموالاً عظيمة في ذلك".

وأورد كتاب "إمارة أربل في العصر العباسي" للدكتور سامي الصقار، أن كوكبري بدءاً من سنة 604 هـ "أولى اهتماماً بإقامة مهرجان ضخم للاحتفال بمولد النبي يتضمن العديد من الفعاليات التي لفتت انتباه الكثيرين من مختلف أنحاء العالم".

ووصف إحياء المناسبة: "في شهر محرم من كل عام هجري يبدأ توافد عوام المسلمين من بغداد والجزيرة ونصيبين وغيرها من البلاد على أربيل، بالإضافة إلى جماعات من الفقهاء والصوفية والشعراء، ومع بداية شهر ربيع الأول يأمر كوكبري بنصب قباب من الخشب المُزين تُخصص كل منها لاستضافة عروض رجال الأغاني والخيالة وأصحاب الملاهي، وكان الناس يزدحمون حول خيامهم لمشاهدة عروضهم".

قبل الاحتفال بيومين كان منظمو المهرجان يطلقون مسيرة ضخمة تتكوّن من مئات الإبل والبقر والغنم التي تزفّها الطبول إلى ميدان كبير تُنحر فيه وتُطبخ ثم يوُزع لحمها على الحضور، كما ذكر الكتاب.

في اليوم الأول للمهرجان كان كوكبري يحضر الاحتفال بصحبة الأعيان والفقهاء وعوام الناس لمشاهدة عروضٍ عسكرية يقوم بها بعض جنود الجيش، بعدها تُقام موائد طعام ضخمة للحضور، 

وقدر حسام الدين قِزغلي (حفيد ابن الجوزي) في كتابه "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان"، أن أسبطة الطعام كانت تضم "100 فرس مشوية منزوعة العظام، و5 آلاف رأس غنم و10 آلاف دجاجة و30 ألف صحن حلوى".

بعد الانتهاء من الطعام، كان كوكبري يكرّم عدداً من الأعيان والفقهاء وكبار الضيوف ويوزّع عليهم الأموال. ووفق تقديرات المؤرخين فإن هذه الاحتفالات الضخمة كانت تكلف ما يزيد عن 300 ألف دينار (عملة تلك الفترة).

كيف يحتفل المسلمون بالمولد النبوي في البلدان العربية؟
يعبّر المسلمون -في كل مكان- عن حبهم للنبي من خلال مجموعة من الطقوس والشعائر الفلكلورية الشعبية المتوارثة، والتي تتنوع وتتباين باختلاف الثقافة والمكان. نرصد في هذا التقرير أهم المظاهر الاحتفالية بالمولد النبوي في مجموعة من الدول العربية.

يقول الصقار "رغم ما اشتهرت به احتفالات الخلفاء الفاطميين بالمولد النبوي من بذخٍ شديد فإنها على فخامتها تُعدُّ متواضعة إذا ما قُورنت باحتفالات أربيل، إذ كانت الحفلات الفاطمية تقتصر على ليلة واحدة تُقدم فيها الحلوى والأطعمة ثم يرتّل القرآن وتُنشد القصائد في حضرة الخليفة الفاطمي، بعكس احتفالات أربيل التي كانت تستغرق عدة أيام".

هذا الاحتفاء المهيب استدعى إشادة شهاب الدين أبو شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث"، حيث قال "من أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل في مدينة أربيل في اليوم الموافق ليوم ميلاد النبي من الصدقات وإظهار الزينة والسرور".

أحد أشهر حضور هذا "المهرجان النبوي" كان المؤرّخ عمر بن الحسن حفيد الصحابي دِحية الكلبي الذي شاهد الاحتفالات 625 هـ وألّف عنها كتاباً بعنوان "التنوير في مولد السراج المنير" قرأه بنفسه على حضرة الملك فأجازه وكافأه بألف دينار.

وفيه تحدّث عن شهادته على ليلة المولد في "إربل المحروسة" وعن لقائه بـ"أفضل الملوك والسلاطين"، حسبما ذكر دكتور أنس وكاك في بحثه "قبسٌ من (التنوير في مولد السراج المنير) للحافظ أبي الخطاب بن دحية الأندلسي".