صورة أرشيفية لإحياء ذكرى وفاة الإمام الكاظم / ا ف ب
صورة أرشيفية لإحياء ذكرى وفاة الإمام الكاظم / ا ف ب

لم تتوقع رسمية علي (49 عاماً)، أن تترك الوافدين لزيارة مرقد الإمام موسى الكاظم، استجابة لمطالب المفارز الأمنية بالعودة للبيت.

ورغم أنها كانت مصمّمة على الوصول للمرقد لإتمام الزيارة، كما تحرص كل عام، إلا أنها "وجدت في الامتثال لقوانين حظر التجوال ونصائح المرجعية الدينية الخيار الأفضل"، كما تقول، وستقيم زيارتها بالبيت.

لكنها ذُهلت عندما رفض الكثير من الوافدين معها العودة لبيوتهم، وأصروا على مواصلة السير على الأقدام لمرقد الإمام الشيعي وهم يرددون شعارات من قبيل "احنا الويانه (معنا) الكاظم شنو الكورونه".

وحذرت، وزارة الصحة، اليوم الخميس، من تداعيات "خطيرة" في تفشي فيروس كورونا بسبب خرق حظر التجوال من قبل أعداد كبيرة من "الزوار والمارة". 

وأوضحت أن عدداً كبيراً من الزوار والمشاة شوهدوا، في الطرقات العامة، كما نصبت العديد من سرادق خدمة الزوار في الطرق العامة".

واشارت إلى أن "هناك عددا كبيرا من السيارات والدراجات النارية تسير في الطرقات العامة وبضمنها سيارات الأجرة والنقل العام مع وجود عدد كبير من المحلات التجارية مفتوحة وتعمل بدون تقييد أو تحفظ".

ودعت الوزارة "قيادة العمليات المشتركة وقيادات العمليات كافة إلى تحمل مسؤولياتها في فرض حظر التجوال بشكل كامل ومنع كافة التجمعات وحركة الأفراد داخل المدن أو بين المحافظات لأي غرض كان لما يمثله من خطورة كبيرة في انتشار الوباء".

بدورها أعلنت قيادة عمليات بغداد، مساء الخميس، مؤسسات الدولة والإعلام  إلى أن تواصل "حملة التوعية للمواطنين خاصة الزائرين السائرين على الأقدام باتجاه مدينة الكاظمية بالالتزام بالحظر الوقائي الهادف لحمايتهم من وباء فيروس كورونا". 

في ذات السياق، شدد ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، عدنان نوار، الخميس، على ضرورة التزام المواطنين بقرار حظر التجوال والبقاء في المنازل دون الخروج منها الا للحالات الضرورية الملحة، مشيراً إلى أن هذا هو السبيل الوحيد لمنع تفشي المرض.

وقال نوار إن "عدم الالتزام بحظر التجوال وقرارات خلية الأزمة الحكومية، وتوجهاتها وتوصيات المرجعية الدينية في النجف، سيمهد إلى تسجيل عدد كبير من الإصابات، من خلال التماس الذي يحصل بين المواطنين".

ويستغرب الخبير الصحي الدكتور نجم العامل عدم التزام الكثير من العراقيين بقرار حظر التجوال للحد من انتشار فيروس كورونا الذي قد يفتك بالمجتمع، حسبما يقول.

ويوضح لـ "ارفع صوتك": "في الوقت الذي ينهمك العالم بمحاولة إنقاذ شعوبه وحماية أفراده عبر الاعتزال مؤقتاً في بيوتهم، يلجأ الكثير من العراقيين للسخرية من قرارات حظر التجوال وتحدي الاحترازات الوقائية".

ويتابع العامل قوله "كلما حاولت تقديم النصيحة بالالتزام بحظر التجوال وعدم الخروج من البيت، يردون عليك (الله الحافظ) غير مدركين خطورة الوباء وتهديد الأمن الصحي في البلاد". 

ويشير إلى أنه مهما كانت المبررات لا يجوز الاستهانة والاستخفاف بحياة الآخرين، عندما تكون سبباًلنقل عدوى الفيروس" على الجهات المسؤولة أن تتدخل بقوة لدفع الناس على الالتزام بالقرارات والاحترازات".

تويتر: مطالبة بإيقاف الزيارة

ودعا الكثير من النشطاء العراقيين في موقع تويتر للتواصل الاجتماعي إلى وقف هذه الزيارة والاكتفاء بالتعبّد في البيت، يوم 20 مارس 2020، الموافق 25 رجب، وهو ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم في أحد سجون الدولة العباسية زمن الخليفة هارون الرشيد.

وسبقها خلال اليومين الماضيين استهجان من حشود الزوار الذين ساروا على أقدامهم من محافظات عراقية عديدة نحو مرقد الإمام في بغداد، وانتشرت مقاطع فيديو لقوافل إبل وخيّالة ومشاة على الطريق السريع في العاصمة.

 

 

 

 

وبعض التعليقات وصفت دور الحكومة في إلزام الناس بقرار حظر التجول بـ"الفاشل". 

 

وفي نفس الوقت غرّد آخرون بشكل مضاد للتوعية بمخاطر التجمعات في زيادة الأزمة الوبائية.

 

كما تم تداول مقطع فيديو يُسمع فيه نداء للناس بالتزام البيوت وكتب ناشروه أن المصدر العتبة الكاظمية في بغداد، يقول الناشط ياسر الجبوري "مكبرات الصوت في الكاظمية  باب المراد، تطالب السكان بعدم الخروج تطبيقاً لحظر التجوال لمنع انتشار فيروس كورونا في العراق".

 

من جانبها، تقول نورس هادي التي تعمل في مختبر طبي لتحليلات الدم، إن البعض يرفض فكرة الخوف من الإصابة بعدوى الفيروس، ولا يمتثل لتعليمات الوقاية.

وتضيف لـ "ارفع صوتك" أن "ثمة اعتقاد بأن هناك تهويل عالمي لمخاطر الفيروس، على الأرجح للعديد من مراجعي المختبر من المصابين بأمراض مزمنة كالسكر وكذلك النساء الحوامل".

وتخشى نورس أن تحدث قفزة مفاجئة في عدد الإصابات بالفيروس كما في دول العالم بسبب الإهمال الواضح من الكثير من العراقيين تجاه هذا الوباء.

 

 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.