تشكيك دولي بعدد مرضى ووفيات كوفيد-19 المعلن عنه في سوريا
أعلن وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة (المعارضة السورية) مرام الشيخ، تسجيل 16 إصابة جديدة بالفيروس في إدلب وريف حلب، 12 إصابة منها لعاملين في الرعاية الصحية في حلب وأربع إصابات في إدلب.
ويعتبر الرقم المعلن أكبر حصيلة يومية للإصابات بكوفيد-19ا، ليصل العدد الكلي في الشمال إلى 131 إصابة، توفي منهم اثنان، وشفي 80 آخرون.
أما مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة قوات الإدارة الذاتية، فأعلنت الهيئة الصحية تسجيل 15 إصابة جديدة بالفيروس.
وحسب الرئيس المشترك للهيئة، جوان مصطفى، فإن عدد حالات الإصابة بلغ 704 حالات، منها 42 حالة وفاة، و212 حالة شفاء.
أما في مناطق النظام السوري، فتم تسجيل 110 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، ليصل عدد الحالات الكلي إلى 3540 إصابة، توفي 155 شخصاً وشفي 742 آخر.
تشكيك في الإحصائيات
انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته أول الشهر الجاري، غياب الشفافية حول عدد الإصابات المعلَنة في سوريا، في حين تتراكم أخبار نعي الأطباء وأعضاء الطاقم التمريضي المتصدين لفيروس كورونا.
وأكدت المنظمة، إن السلطات السورية لا تحمي عمّال القطاع الصحي في الصفوف الأمامية بوجه فيروس "كورونا" في المناطق تحت سيطرة الحكومة.
وقالت سارة كيالي الباحثة في المنظمة "من المذهل أنّه بينما تتراكم نعوات الأطبّاء وأعضاء الطاقم التمريضي المتصدّين لفيروس كورونا، تتناقض الأرقام الرسمية مع الواقع على الأرض" مضيفةً "سبق أن ارتكبت الحكومة السورية جرائم ضدّ البشرية في حقّ شعبها، وللأسف، عدم اكتراثها لصحة عمّال القطاع الصحي في الخط الأمامي في ظلّ وباء عالمي ليس مفاجئا".
وتابعت "في الواقع، تركت الحكومة السورية عمّال القطاع الصحي يحاربون الوباء الناتج عن كورونا وحدهم، وتخلّت عن مسؤوليتها في اتخاذ الخطوات الضرورية لإنقاذ الأرواح، ولو لمرّة، فلتعطي الحكومة الأولوية للشعب السوري وتؤمّن لجميع عمّال القطاع الصحي الموارد ومعدّات الوقاية الملائمة، وتنشر معلومات دقيقة وشفّافة".
وناشدت "هيومن رايتس" منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات المكلفة بالعمل على الصحة أن تصر علنا على توسيع قدرات الفحص، والإبلاغ الشفاف والدقيق عن أعداد الإصابات بفيروس كورونا، والتوزيع المنصف للمعدات الشخصية الوقائية الكافية على عمّال القطاع الصحي في البلاد، بما فيها المناطق الريفية.
في حين قدّر موقع Syria-in-Context، وجود 85 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا على الأقلّ في دمشق فقط، وارتكز الموقع في استنتاجاته على صفحات الوفيات المنشورة على الإنترنت من 29 يوليو حتى الأول من أغسطس الماضي، وصور الأقمار الصناعية للمقابر، ومقابلات مع أطبّاء، واستكمال البيانات بالاستقراء بناء على نموذج أنشأته جامعة "إمبريال كوليج لندن" حول انتقال فيروس كورونا.
ونقلت وكالة رويترز عن مُسعفين في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي عن إصابة 200 من موظفي الأمم المتحدة بالفيروس في سوريا.
وقالوا إن "العدد الحقيقي لإصابات الفيروس أعلى بكثير، بما في ذلك مئات من موظفي الجمعيات الخيرية التابعة للأمم المتحدة العاملة في سوريا".
من جهته، قال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا عمران ريزا، إن "عدد الإصابات في سوريا ارتفع نحو عشرة أضعاف خلال الشهرين الماضيين، منذ آخر إحاطة لموظفي الأمم المتحدة".
ضحايا القطاع الصحّي
نُشرت لائحة على وسائل التواصل الاجتماعي، منتصف الشهر الماضي، تضم 61 عاملا في المجال الصحي توفّوا منذ ظهور فيروس كورونا في سوريا للمرّة الأولى.
وقال الطبيب شوكت المصري وهو طبيب عامل في إحدى مشافي دمشق، في حديثه مع "ارفع صوتك"، إن "عدد الإصابات في الكوادر الطبية أعلى بكثير من المعلن عنه بشكل رسمي، كما أن الأطباء الذي توفوا نتيجة إصابتهم بالفيروس من نخبة الأطباء في مشافي دمشق، وهناك أطباء آخرون في مشافي أرياف دمشق لم يُعلن عن إصابتهم ووفاتهم، بالإضافة لإصابة عدد كبير من الممرضين في الكوادر الصحية".
إجراءات احترازية
رغم ارتفاع أعداد الإصابات في عموم سوريا، خاصة في المناطق التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، إلا أن الإدارة الذاتية أصدرت بياناً، أمس الأحد، رفعت فيه الحظر على التجمعات في مناطقها، وسمحت بافتتاح صالات الأفراح ودور العبادة وخيم العزاء، وطالبت في الوقت ذاته بمراعاة قواعد الوقاية الصحية والإجراءات الخاصة بالتباعد الاجتماعي في جميع الأماكن.
ويأتي قرار السماح بالتجمعات رغم زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا في المناطق التابعة لها، إذ سجلت 840 إصابة توفي منها 46 شخصا.
كما قررت هيئتا التربية والتعليم والصحة لشمال وشرق سوريا، في نهاية الشهر الماضي، تأجيل المدارس للعام الدراسي 2020- 2021 حتى تاريخ الرابع من أكتوبر المقبل.
واتخذت الإدارة الذاتية في أغسطس الماضي قراراً يفرض ارتداء كمامات على المواطنين وتغريم المخالفين بدفع غرامة مالية قدرها 1000 ليرة سورية (0.50 دولار).
في المقابل، ورغم ارتفاع المنحنى البياني للإصابات بالفيروس المستجد في سوريا، توقفت الجهات المختصة في مناطق النظام عن عزل المناطق التي تسجل أعداداً متزايدة، على عكس سياساتها في الفترة الأولى لانتشار الفيروس.
أما في المناطق التابعة للحكومة السورية المؤقتة، طالب وزير الصحة الدكتور مرام الشيخ، الاثنين، منظمة الصحة العالمية والمنظمات الشريكة التي تقود عملية الاستجابة أن تقوم باستكمال إجراءاتها، وأن تكون واعية تماما لخطورة الوضع في الداخل السوري بسبب تزايد عدد الإصابات اليومية.
وأشار الوزير إلى أن حكومته ستنشئ مستشفى لعلاج حالات كورونا، يحتوي على 25 جهاز تنفس اصطناعي وملحقاته، كما ستنشئ الوزارة مركزي عزل مجتمعي قريبا وسيكون المشروع بتمويل من صندوق الائتمان لإعادة أعمار سوريا.
وشدد الشيخ على الالتزام باتباع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي وعدم التساهل بتدابير الوقاية من هذا الفيروس الخطير حسب تعبيره.
وتشير أرقام صادرة عن مديرية صحة إدلب، التابعة للحكومة السورية المؤقتة، إلى وجود ما يقدر بحوالي 600 طبيب يقدمون الرعاية الصحية لأربعة ملايين نسمة شمال غرب سوريا، أي بمعدل 1.4 طبيب لكل 10,000 شخص، فيما يبلغ عدد الأسرّة في أقسام العناية المركزة 201 سرير، بمعنى سرير واحد لكل 20,788 شخص!